قيل إن الأطهر من ماء الوضوء هو دم الشهيد، وإن من قتل دون عرضه وأرضه فهو شهيد، وهذه سيناء التى جمعت دلالة العرض مع الارض فى مفردة واحدة وهى (سيناء) وقديما، قدم التاريخ كانت سيناء احد اهم اسباب تشيد المسلات والمعابد عند اجدادنا، فهم قد فطنوا إلى توثيق عدة امور دالة على رقى وتحضر المصريين، كان منها الثقافة التى تميز بها اجدادنا عمن سواهم، كاختراع اللغة المنطوقة والمكتوبة والرسومات للتعبير عن العادات والتقاليد (الارقي) بين غيرنا من شتات قبائل وجماعات الهمج !
وايضا لتدوين الاختراعات والابتكارات والاكتشافات وهذا دال على اننا اصحاب السبق فى العلوم الانسانية والتطبيقية، كما كانت الجدران فى المعابد والمسلات بل والقبور والاهرامات كلوحات فخر لانتصارات الجيش المصرى على المغيرين على ارضنا، وكانت اهم اراضينا على الاطلاق (سيناء) ولم تكن المسافة بين عواصم الاسرات المصرية التى كانت فى صعيد مصر على مدار عصر الاسرات ببعيدة عن شمالها الشرقى بل كان الجيش ومعه حب اجدادنا من عموم طوائف الشعب مؤمنون بسيناء، وقريبون منها، وكانت منهم كما القلب من الجسد، فدون ورسم ونقش وكتب المصريون الاجداد انتصاراتهم على اعداء مصر فى سيناء، بل وخلد التاريخ ان اياح حتب ارسلت زوجها سقنن رع ثم ابنها البكر كاموس لطرد الهكسوس من سيناء، واستشهد الاثنان فى معارك سيناء وعندما علمت ان السبب فى حتمية تطوير معدات وتسليح الجيش وتدريبه ففعلت واقامت مسابك الحديد والرصاص للسيوف والرماح والدروع لتزداد صلابة وقوة، ومصانع الجلود للسرج اللازمة للخيول، ونصبت صغيرها المتبقى احمس قائدا على جيش مصر، وخرجت مع أهل مصر على ابواب عاصمتنا فى الصعيد تزف الجيش إلى الشهادة أو النصر بطرد الهكسوس من سيناء، وقالت لابنها احمس: اذهب وطهر الارض من دنس المعتدين، فإن المصريين لا يقبلون بغير النصر أو بان ترقد شهيدا بجوار ابيك واخيك يحتضنك تراب سيناء، وعاد الابن منتصرا، وخرج المصريون يتغنون باناشيد النصر وحفاظهم على سيناء غير مبالين بما اعتادوا عليه وهو دم شهدائنا الذى ظل يسطر بمداده اصدق بطولات الانسانية فى الذود عن الارض والعرض (سيناء).
وظل الغزاة يطمعون فى سيناء، وظل المصريون جيلا بعد آخر يحفظون الدرس جيدا، يحاربون ويستشهدون وينتصرون ويحفظون سيناء مليء السمع والبصر تاج عزة وشرف للمصريين، حتى جاءت جولات الصراع التى كانت خمس جولات حتى أكتوبر 73 بدءاً من 48 مروراً بـ56 و67 حتى معارك الاستنزاف أو الألف يوم انتهاء إلى معارك أكتوبر 73، وجميعها كانت فى سيناء واراد الآباء ان يحفظوا لنا ارث النصر وان كان ثمنه الدم، وبقيت سيناء محفوظة، وجاءت الجولة السادسة الاطول زمنا فكانت عشر سنوات أو تزيد منذ 2011 وحتى 2022 وتغير اسم العدو (تحريفا وقليلا) بما يسمى فى علوم السياسة الان بوكلاء الحرب (!) مثل ابناء ابن ابى رغال من باع مكة وطنه لأبرهة الاشرم، واتباع الوزير العلقمى وزير الدولة العباسية من خان وطنه لهولاكو التتار، وكلاهما، وغيرهما، ظلا رموزا للخيانة والدناءة والحقارة.
تلك كلها صكوك ملكية المصريين لسيناء الارض، والعرض، ومعراج السماء للشهداء، فهل يجرؤ احد ان يترك أو ينسى كل هذا، وهل يجرؤ معتد على الاقتراب من العرض، والدم، والتاريخ، والارض (سيناء).