قال الباطل للحق فى كلمات ناعمة إن الطريق أمامنا شاق طويل.. واقترح عليه شراء حمار يساعدهما على طول مسافته، وبلوغ غايته.
أخذ يزين له الفكرة، ويلح عليه حتى وافق، وتم الشراء بمال الحق، ولم يدفع الباطل مليماً واحداً.
بدأ الخلاف على باب السوق، بعد أن أصر الباطل على أن يركب الحمار أولاً، ودخل مع الحق فى جدل عقيم حول الأفكار والنظريات وأهميتها التى تسبق الأفعال والماديات. بلغت دهشة الحق مداها، وطلب عرض الأمر على أول عابر سبيل.
قال الباطل: ما رأيك أن نحتكم إلى عشرة أشخاص وإذا أجمعوا على رأى معين لصالح طرف منا يصبح الحمار ملكاً له، يركبه على مدار الأيام. ويكمل الآخر مشواره سيراً على الأقدام.
وأضاف: أن الناس مشغولون بأمر معاشهم وعلينا أن نختصر القضية فى سؤال واحد.
من «يمشي» الحق أم الباطل.
وافق الحق بسلامة نيته، وحسن طويته، ومضى يسأل الناس ويتعجب من أمرهم، فالكل أجمع على إجابة واحدة:
ـ طبعاً الحق هو الذى «يمشي».
وهكذا خسر الحق ماله، ومضى يكافح فى طريقه الصعب الوعر، واستولى الباطل على الحمار.
>>>
والعدالة هى قيمة القيم، بها تصلح الحياة إذا انتشرت وسادت، وتفسد إذا احتجبت شمسها وعادت، ولا يكفى لتحقيقها وجود نظام قانونى جيد، لكن يجب وضع هذا النظام وتطبيقه من خلال إطار أخلاقى متكامل.
وفى ملاعب الرياضة تجسيد حى لفكرة العدالة وسيادة القانون، فالقوانين فيها واضحة ومحددة وتطبق على الجميع وهيئة المحكمة تلاحق أطراف القضية وأحكامها تصدر فى التو واللحظة أمام الجمهور والخبراء والنقاد.
>>>
والفن أيضاً عبارة عن محاكمة للواقع والأعمال الفنية تنتصر للمظلوم فى مواجهة الظالم وتقتص للضعيف من القوي.
وفى كثير من الألعاب الرياضية يطلقون تعبير القضاة على الحكام، وفى المهرجانات الفنية يطلقون على هيئات التقييم تعبير «لجان التحكيم».
وفى سنة 1917 ابتكر محمد تيمور طريقة جديدة للنقد الفنى فى الصحافة هى «المحاكمات الفنية الخيالية».
نريد مجالس نيابية تعد لنا منظومة قانونية محكمة يعيد «الحق» إلى صاحبه.. وأظن أننا بدأنا.