مع عودة خدمات الاتصالات والإنترنت إلى طبيعتها فى أنحاء مصر بعد ساعات من نجاح أبطال الدفاع المدني في إخماد الحريق الصادم فى سنترال رمسيس الذى نشب في المبنى العريق وسط القاهرة عصر الاثنين.. علينا أن نوجه التحية أولا لأبطال الدفاع المدني الذين قدموا ملحمة بطولية نادرة فى مواجهة ألسنة اللهب وجها لوجه وبكل شجاعة وفروسية وإنقاذ بعض العاملين فى الطوابق المشتعلة.. وكذلك فريق الخبراء والفنيين بالشركة الوطنية للاتصالات الذين واصلوا العمل لتوفير مسارات بديلة ونقل دوائر الربط من رمسيس إلى مراكز وسنترالات أخرى لضمان عدم توقف خدمات الاتصالات بصورة تامة وحتى تظل مصر مرتبطة بالعالم الخارجى.
نجد تساؤلات كثيرة تطرح نفسها وتبحث عن إجابات.. ماذا حدث.. وما أسباب الحريق.. ولماذا طالت فترة إخماده والسيطرة عليه.. وهل فعلا كل شبكات و كوابل الاتصالات فى مصر مركزها سنترال رمسيس ؟
والحقيقة المؤكدة أن سنترال رمسيس لا يمثل مركز تحكم فى كل الشبكات والكوابل ومسارات خدمات الاتصالات والانترنت في مصر كما يزعم البعض.. صحيح أنه حتى عام 2010، كان سنترال رمسيس يتحكم في 100 ٪ من دوائر الربط.. لكن بعد ذلك، تم إعداد خطة لإدخال خطوط الفايبر وتوفير مسارات بديلة، وأصبح سنترال رمسيس لا يتحكم حاليًا في أكثر من 20 ٪ من دوائر الربط، وهو ما يفسر استمرار الخدمة في العديد من المحافظات.. رغم الحادث وهى نفس الحقيقة التى أكد عليها الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حيث قال إنه من المستحيل أن تكون مصر معتمدة على سنترال رمسيس فقط كمركز رئيسى لخدمات الاتصالات، وقال: «لا يوجد سنترال واحد فقط تعتمد عليه مصر وسنترال رمسيس سيظل خارج الخدمة لأيام ومع ذلك ستعود الخدمات بشكل تدريجى بعد ما تم نقل كافة الخدمات التى توجد فى سنترال رمسيس إلى أكثر من سنترال».. ولأن مصر لا تعتمد فى ترابطها الرقمى داخليا و خارجيا على مركز تحكم واحد هو سنترال رمسيس المحترق الذى توقف عن الخدمة تماما ولم تبدأ بعد إجراءات إعادة تأهيله لأن دخان الحريق مازال يتطاير من داخله حتى هذه اللحظة فإن معظم الخدمات الحيوية تعمل بشكل طبيعى فى أغلب المحافظات مثل النجدة والمطافى والإسعاف ومنظومة تقديم الخبز والمطارات والموانئ والمرافق الحيوية، وبعض الخدمات فى عدد من المحافظات المحدودة ظهرت بها أعطال يتم التعامل معها لاستعادتها بشكل كامل خلال ساعات.
فى الوقت نفسه أكد الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بأنه قد تم نقل حركة الإنترنت الثابت بالكامل على مركز الحركة التبادلي بسنترال الروضة. واعترف الجهاز بأن خدمات الإنترنت الثابت وخدمات المحمول (صوت/ نقل بيانات) قد تأثرت لدى شركات المحمول الثلاث نسبيًا نتيجة تعطل بعض دوائر الربط بسبب الحريق وجرى التنسيق بين الفرق الفنية بالشركة المصرية للاتصالات وشركات المحمول لاستعادة دوائر الربط المتأثرة بحريق سنترال رمسيس واستبدالها على اتجاهات أخرى على باقي سنترالات الشركة المصرية للاتصالات ومن المتوقع استعادة دوائر الربط خلال الأربع والعشرين ساعة القادمة.
الجهاز أكد أيضا أن جميع خدمات الطوارئ تعمل بشكلٍ جيد وأن تأثير الحريق محدود على الخدمات، كما تم توفير أرقام اتصال بديلة للأماكن المتأثرة.. مشيراً إلى وجود تأثير بسيط على خدمات التليفون الأرضي والمحمول بمحيط منطقة سنترال رمسيس.. مصر كلها تفاعلت مع الحدث الصادم.. وتبارى الجميع فى تحليل الموقف بكل أبعاده ومحاوره وحدثت اختلافات كثيرة فى الرؤى ووجهات النظر مابين متضامن ومتعاطف ومنتقد وغاضب.
الدكتور خالد شريف مستشار وزير الاتصالات الأسبق قال: بصراحة ومن غير مبالغة، بالرغم من ان الحريق في السنترال الرئيسي الا ان الوضع تحت السيطرة والاتصالات تعمل بشكل مرضي جدا.. والرجاء لا داعى لأى مبالغة او نشر إشاعات.. . تحية واجبة للمصرية للاتصالات.
عندما ينشب حريق، تتكاتف كل الجهود والجهات لإخماده والتقليل من حجم الكارثة، وبعدها، نقف لنعرف الأسباب، ثم نبدأ مرحلة الحساب.. هذه الخطوات تمت منذ اندلاع حريق سنترال رمسيس حيث كانت كل أجهزة الدولة متواجدة في موقع الحادث لمنع امتداد النيران إلى باقي منطقة وسط البلد، تلا ذلك محاولة تقليل تأثر خدمات الاتصالات والإنترنت بالحريق، من خلال الاعتماد على مسارات بديلة لسنترال رمسيس.
فور وقوع الحريق انتقل المهندس محمد نصر الرئيس التنفيذي للمصرية للاتصالات وقيادات الشركة إلى موقع الحادث وظلوا داخل الموقع إلى أن وصل وزير الاتصالات من مطار القاهرة مباشرة إلى السنترال.. نصر قال إن الحريق اندلع داخل إحدى صالات الطابق المخصص لاستضافة مشغلى الاتصالات، والذى يضم صالات منفصلة لكل مشغل، وامتد الحريق إلى الأدوار الأخرى نتيجة لشدته، وقال إن جميع صالات الأجهزة الخاصة بالشركة المصرية للاتصالات مؤمنة بإجراءات أمنية وأنظمة إطفاء ذاتية؛ مشيرا إلى أن قوة واشتداد الحريق حالت دون تمكن أجهزة الإطفاء من اخماد الحريق.. ثم انتقلوا جميعا إلى المستشفيات للاطمئنان على المصابين من العاملين المصرية للاتصالات وابطال الدفاع المدني.. وتم تشكيل غرفة عمليات بالشركة المصرية للاتصالات لتخفيف الآثار الناتجة عن الحادث.
المهندس حسام صالح خبير الانترنت وأحد قيادات المصرية للاتصالات سابقا كشف أن: سنترال رمسيس «أحد» النقاط الرئيسية في شبكة اتصالات الجمهورية وداخله أكبر مراكز حفظ البيانات.. وبالتأكيد هناك اجراءات طارئة نتيجة الحريق الذى حدث وسيكون منها الاجراء الاحترازي ومنها إجراء للتعامل مع آثار الحريق.. حتي الآن غير معلوم أي معلومات عن ما مسه الحريق.. وهذا هندسيا يحتاج وقت لحصره لان كل كابل له حسابات و تقدير.. و لازم تبقى عندك تقدير ان الكابلات السخنة أو السايحة او الاجهزة السخنة نتيجة انقطاع التكييف التعامل معاها ليس تعامل سهل وقد يحتاج وقت. انقطاع الكهرباء لوحده من غير حريق يأخد أجزاء من الشبكات ومراكز البيانات خارج الخدمة.. تنظيم تشبيك الشبكات الاربعة للمحمول والتليفون الارضي أيضا جزء من البنية التحتية الشاملة في مصر وقد يؤثر علي طريقة إجراء المكالمات الصوتية بصورة مؤقتة و لكن مسارات الإنترنت تختلف و لها مسارات بديلة هندسيا.
وأضاف صالح عبر صفحته الرسمية على الفيس بوك: متأكد أن مهندس المصرية للاتصالات قادرين علي التغلب على اي عقبة و بمساعدة كلً المتخصصين في كل قطاع الاتصالات في مصر و ياما عدت علينا حاجات صعبة اوي.. و دي هتعدي وبسرعة بإذن الله.. المهم بقى ان المستخدمين للشبكات يبقى عندهم مساحة صبر يتحملوا طاريء ممكن يحدث في أي مكان في العالم.
أما المهندس أسامة ياسين الرئيس التنفيذي الأسبق للمصرية للاتصالات فقال: حادث سنترال رمسيس هو فعلا حدث كبير جدا وآثاره أيضا كبيرة. وليس هذا وقت للحساب أو للاستنتاجات والنقد.. وأناشد كل المنتقدين الانتظار لمعرفة كل التفاصيل ومساعدة رجال المصرية للاتصالات علي تجاوز هذه المحنة.. منذ وجودي كعضو مجلس إدارة في المصرية للاتصالات ثم كرئيس تنفيذي وانا أعلم حجم التحديات تماما.
وفى النهاية نؤكد أن الحدث أن يمر مرور الكرام.. وسيعقد وزير الاتصالات خلال الأيام المقبلة غرفة عمليات لمناقشة الأزمة والبحث عن حلول وبدائل مبتكرة تمنع تكرار الأزمة أو على الأقل تخفف من حدة آثارها وتوابعها.. ورحم الله شهداء الواجب الذين ضحوا بأرواحهم دفاعا عن واجبهم وعملهم حتى آخر نفس.