من المؤكد أن العالم يسير بخطى حثيثة نحو نهاية الحياة على كوكب الأرض الذى لايوجد بديل عنه بفعل تلك الأحلام المجنونة التى تسعى لتحقيق السيطرة والهيمنة على العالم الذى أصبح مهترئاً بفعل «الاحتباس الحرارى» وتزايد ارتفاع درجات حرارة الأرض الناتج عن زيادة مستويات ثانى أكسيد الكربون بالغلاف الجوى .. بالرغم من تلك التداعيات الجيوسياسية والعسكرية الناتجة عن قصف الولايات المتحدة لمواقع تخصيب اليورانيوم الإيرانية إلا أن ما يثير القلق هو تلك التداعيات الناجمة عن «التلوث الإشعاعى» الذى يمكن أن تسببه تلك الكمية الضخمة من الذخائر الخارقة للتحصينات على منشآت تحتوى على 440 كجم من اليورانيوم المخصب.. ناهيك عن أن هدم المواقع يمكن أن يحدث تأثير ما يسمى «بالقنبلة القذرة» وهى عبارة عن قطعة من الذخائر غير الانشطارية التى تنشر مواد مشعة غاية فى الخطورة عبر مساحة كبيرة من الأرض وعلى امتداد السماء.. وقد صرح «سيمون ميدلبرج» أستاذ الهندسة النووية بمعهد مستقبل الطاقة النووية «بجامعة بانجور» بالمملكة المتحدة قائلاً إن ذلك القصف يشكل نفس الخطر الناتج عن وقوع حادث فى مفاعل نووى عامل بمعنى أن أى تلوث من المرجح أن يكون محلياً لأن التخصيب لا ينطوى على انشطار وهو ما يمثل الخطر الحقيقى عند التعامل مع المواد المشعة.. على الجانب الآخر صرح «سيمون بينيت» المسئول عن قيادة وحدة السلامة والأمن المدنى «بجامعة ليستر» ببريطانيا قائلاً إن المخاطر الواقعة على البيئة تعد ضئيلة عند ضرب المنشآت الموجودة تحت الأرض لأنك فى هذه الحالة تدفن المواد النووية بآلاف الأطنان من الخرسانة والصخور والتربة.. يتفق رأى «جيمس أكتون» المدير المشارك لبرنامج السياسة النووية بمؤسسة «كارنيجى للسلام الدولى» مع سائر الآراء الأخرى من حيث التداعيات المترتبة على قصف المفاعلات النووية الإيرانية قائلاً إن اليورانيوم قبل دخوله إلى المفاعل النووى يكاد يكون مشعاً كما أن الشكل الكيميائى لسداسى فلوريد سام ولكنه لا ينتقل فى الواقع إلى مسافات كبيرة.. فى مقال «بيتر بومنت» بجريدة الجارديان بعنوان «ترامب يزعم بأن الهجوم دمر المنشآت الرئيسية تماماً ولكن ماذا نعرف عن تأثيره؟» صرح قائلاً أدعى «ترامب» بأن الضربات الأمريكية على المنشأت النووية الإيرانية قد دمرتها تماماً ومع ذلك لايزال من غير الواضح مقدار الضرر المادى الذى لحق بها أو تأثيرها طويل المدى على البرنامج النووى الإيرانى.. وقد ألقى «بيتر هيجسيث» وزير الدفاع الأمريكى ببعض الشكوك حول حجم الأضرار التى لحقت بالمواقع الإيرانية جراء القصف الأمريكى فى نهاية الأسبوع بعد أن أفاد تقييم مسرب من «البنتاجون» بأن البرنامج النووى الإيرانى قد تأخر بضعة أشهر فقط .. ويؤكد «بومنت» على أن «ترامب» صرح للصحفيين فى «قمة الناتو» بلاهاى بأن المعلومات الاستخباراتية كانت غير حاسمة للغاية مضيفاً عنصراً من عدم اليقين لأول مرة بعد عدة أيام من التصريحات الحاسمة بأن الدمار كان شــاملاً بينمــا تقـول المعلومـــات الاســتخباراتية إننا لا نعرف ما إذا كان من الممكن أن يكون شديداً للغاية.. فى الوقت نفسه صرح المتحدث بأسم وزارة الخارجية الإيرانية «إسماعيل بقائى» لقناة اخبارية قائلاً لقد تضررت منشآتنا النووية بشدة وهذا أمر مؤكد لانها تعرضت لهجمات متكررة من كلا المعتدين الإسرائيليين والأمريكيين وهو ما يلقى بظلال من الشك حول مدى جدية وتأثير هذه الضربة النووية .. على الرغم من وصف الولايات المتحدة للضربات على المنشآت النووية الإيرانية بأنها كانت ناجحة إلا أن المصادر الاستخباراتية قد قيمتها بانها قد أخرت البرنامج النووى الإيرانى لبضعة أشهر فقط وليس عقوداً كما أدعى «ترامب» وبانها قد دمرت تماماً.