وسط تصاعد المعاناة الإنسانية فى قطاع غزة، تلوح فى الأفق مؤشرات على اقتراب التوصل لتهدئة محتملة، مع بدء جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين أطراف النزاع. ورغم الأحاديث المتزايدة عن قرب التوصل إلى اتفاق، فإن العمليات العسكرية الإسرائيلية لا تزال فى تصعيد مستمر، ما يُبقى الأوضاع الميدانية على حافة الانفجار، فى وقت يزداد فيه الضغط الدولى لإنهاء الكارثة.
و فى إطار الجهود المصرية المتواصلة بالتنسيق مع الوسطاء للتوصل إلى الاتفاق النهائى، تشهد العاصمة القطرية الدوحة، جولة مفاوضات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل ترمى للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين فى غزة، بحسب ما أفاد مسئول فلسطينى مطلع على المباحثات، مشيرا إلى أن وفد الحركة المفاوض برئاسة خليل الحية، والطواقم الفنية «يتواجدون حاليا فى الدوحة وجاهزون لمفاوضات جدية.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أكد أن وفداً إسرائيليا غادرإلى العاصمة القطرية لمواصلة المحادثات، بشأن صفقة وقف إطلاق النار فى غزة وإطلاق سراحِ المحتجزين. وأكد المكتب أن التعديلات التى طلبت حماس إدخالَها على مقترحِ الهدنة «غيرُ مقبولة»، فيما أوعز نتنياهو بقَبولِ الدعوة لمواصلة المحادثات.
ويرسم الإعلام الإسرائيلى بعض التوقعات، حول الجدول الزمنى المقدّر للتوصل إلى صفقة فى غزة. وتقول القناة 13 الإسرائيلية إنه من المتوقع أن يعلن ترامب عن اتفاق غزة اليوم أو غدا – أى أثناء زيارة نتنياهو- وذلك إذا سارت الأمورُ على ما يرام فى المفاوضات.
ومن المتوقع أن تصادق الحكومة الإسرائيلية عن بُعد على الاتفاق يومى الأربعاء أو الخميس، بينما لا يزال نتنياهو فى الولايات المتحدة. وقد يبدأ العمل بالصفقة الأسبوع المقبل، ربما يوم الأحد القادم.
وقال مسئول فى حماس فى وقت سابق لشبكة «سى إن إن الأمريكية، إن الحركة «مستعدة لإعادة المحتجزين فى يوم واحد، بشرط واحد أساسي وهو .. ضمان عدم عودة الحرب.
فى الوقت نفسه، كشفت القناة 14 الإسرائيلية، عن تفاصيل اجتماع عُقد برئاسة بنيامين نتنياهو؛ لمناقشة رد حركة حماس على المقترح الجديد لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وسط أجواء وُصفت بـ»العاصفة»، شهدت تبادلًا للنقاشات الحادة بين كبار المسئولين فى الحكومة الإسرائيلية حتى وصفه البعض بإجتماع الصراخ.
وصوّت الوزراء الإسرائيليون خلال الجلسة لصالح إنشاء مناطق مساعدات إنسانية، يُزعم أن هدفها الفصل بين سكان غزة وحركة حماس، فيما عارض الوزيران اليمينيان إيتمار بن غفير وسموتريتش إرسال المساعدات إلى شمال القطاع قبل إقامة هذه المناطق، معتبرين أنَّ المساعدات تئول إلى حماس.
ميدانيا، وسع جيش الاحتلال الإسرائيلى عملياته فى قطاع غزة، حيث شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية سلسلة غارات عنيفة طالت منازل سكنية وخيامًا تئوى نازحين، إضافة إلى استهداف تجمعات للفلسطينيين فى مناطق متفرقة من القطاع، خصوصًا فى الوسط والجنوب.
وقالت وسائل إعلام فلسطينية أمس إن الجيش الإسرائيلى نفذ عمليات نسف لمبان سكنية فى حى الزيتون بقطاع غزة . كما أفادت شبكة «قدس» الإخبارية الفلسطينية، بأن الجيش الإسرائيلى استهدف المناطق الشرقية لمدينة غزة بقصف مدفعي.
وأوضحت المصادر أن القصف الإسرائيلى العنيف على قطاع غزة اسفر عن استشهاد 80 فلسطينياً و304 مصابا خلال الساعات الأربع وعشرين الماضية. وأضافت أن إسرائيل قتلت 32 فلسطينياً، فى قصف استهدف مدينة غزة كما استشهد نحو 8 فلسطينيين وأصيب 40 آخرين أمام مراكز المساعدات .
من جانبه، اكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى انه تمت مهاجمة 130 موقعا فى قطاع غزة خلال 24 ساعة. وخلال اليوم الأخير، اســتهدف ســلاح الجو حـوالى 130 موقعًا فى مختلف أنحاء قطاع غزة، بمساندة القوات البرية، شملت هياكل قيادة وسيطرة، مستودعات أسلحة، خلايا مسلحة، ومنصات إطلاق صواريخ. وقال فى بيان له « ان الجيش الإسرائيلى يواصل عملياتها المكثفة فى قطاع غزة، بتوجيه من جهاز الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن العام «الشاباك» لاستهداف المقاومة وتدمير بنيتها التحتية.
وفيما يتعلق بالمف الانساني، هبطت مخزونات الوقود فى قطاع غزة بشكل كبير، وأصبحت على شفا النفاد، وسط استمرار الحصار الإسرائيلى على القطاع ومنع الإمدادات. وأصبح وقود الديزل هو المصدر الوحيد للطاقة فى القطاع، ويستخدم لتشغيل مولدات للاحتياجات الأساسية مثل المعدات الطبية، وأجهزة تحلية المياه التى توفر مياه الشرب لأكثر من مليونى فلسطينى فى غزة.
وأوقفت إسرائيل فى 3 مارس الماضي، الكهرباء عن محطة تحلية المياه الوحيدة فى القطاع بدير البلح، مع قطعها لدخول إمدادات الغذاء والوقود بالكامل. وفيما رفعت إسرائيل الحصار جزئياً فى 19 مايو، لتسمح بتوزيع مساعدات غذائية عبر «مؤسسة غزة الإنسانية»، المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، والتى قتلت إسرائيل أكثر من 600 فلسطينى أمام مراكزها الـ4 لتوزيع المساعدات، إلا أنها ترفض دخول الوقود تماماً، فى ظل احتياج القطاع لمئات أو آلاف من الليترات يومياً.
يأتى هذا بينما، طالب برنامج الأغذية العالمى بفتح المزيد من الطرق الآمنة للوصول إلى جميع السكان شمال ووسط وجنوب قطاع غزة الفلسطيني، بحسب وكالة «وفا».
وشدد البرنامج العالمى التابع للأمم المتحدة، فى منشور عبر منصة «إكس»، على ضرورة عدم وجود مسلحين قرب مسارات الشاحنات أو نقاط توزيع المساعدات الإنسانية، كما طالب بشكل عاجل بوقف دائم لإطلاق النار فى غزة. وجدّد تحذيره من تفاقم الأزمة الإنسانية فى قطاع غزة، مؤكدا أن واحدًا من كل ثلاثة أشخاص هناك محروم من الحصول على الطعام لأيام متتالية.