درس ليس
لإيران فقط
بات من الواضح أن إسرائيل أعدت خطتها جيدا التى ربما استمرت لعدة أعوام قبل توجيه ضربتها المزدوجة لإيران وكانت كلمة السر اختراق إيران من الداخل بشكل لم يصدقه عقل نجح فى توجيه ضربة أوجعت طهران كثيراً بعد أن فقدت فى وقت واحد كبار قادتها العسكريين وعلمائها النوويين نتيجة توغل عملاء وجواسيس إسرائيل داخل أوساط السياسيين والعسكريين ورجال الدين وهذا التوغل لم يكن وليد اللحظة حيث سبق قيام الموساد باغتيال إسماعيل هنية رئيس حركة حماس وهو داخل غرفة نومه فى طهران كما كشفت حوادث الاغتيال الكثيرة للعديد من الشخصيات الإيرانية واللبنانية والفلسطينية أن طهران ودمشق وبيروت مخترقون إسرائيلياً.
إيران بعد التوغل الإسرائيلى لاتزال حتى اليوم تكتشف وتعتقل المزيد من العملاء والجواسيس وعددهم يقترب من الألف وكشف تقرير نشرته صحيفة «كيهان» الإيرانية أن إسرائيل نجحت فى اختراق البرمجيات الحكومية ما مكن تل أبيب من معرفة بيانات السجل المدنى وجوازات السفر وأنظمة المطارات والمواقع والمعدات العسكرية.
قالت الصحيفة فى تقريرها الذى نشر تحت عنوان «كيف دخل برنامج الاختراق إلى البلاد؟» إنه على مدى العقدين الماضيين هيمن الهنود على صناعة البرمجيات بشكل كبير ولذلك ازداد انجذاب إيران ودول الخليج إلى البرمجيات والمبرمجين الهنود وأن العديد من هذه البرامج استخدمت لنقل معلومات حساسة إلى إسرائيل وبحسب الصحيفة هذه النتائج تم اكتشافها بعد تحقيق أمنى أجرته طهران عقب عملية الاختراق الأخيرة شارك فيه خبراء من روسيا والصين حيث كشف هذا التحقيق عن نتائج مثيرة للقلق بشأن انتشار واسع النطاق لبرامج اجنبية مصدرها الهند وأن التواصل بين المبرمجين الهنود وعناصر الموساد جرى عبر شبكة «ستار لينك» الفضائية وهى خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية التى أنشأها إيلون ماسك.
الصحيفة الإيرانية كشفت – وهذا هو المهم – أن نفس هذه البرامج المستخدمة فى إيران تستخدم دول اخرى.
بعيداً عما قالته هذه الصحيفة وما مدى مصداقيته فإن اختراق إسرائيل للداخل الإيرانى حسب ما شاهدناه وشاهدنا نتائجه الكارثية يمثل درساً ليس لإيران فقط وإنما لكافة دول منطقة الشرق الأوسط يجب على الجميع أن يستوعبه لمنع تكراره بشكل أو بآخر لأن التجسس الرقمى هو أخطر أنواع الجاسوسية فى هذا العالم الفضائى لأنه ليس مرتبطا ببيانات المدنيين فقط وإنما بأنظمة الرادارات والدفاع الجوى ولديه القدرة على تعطيلها مثلما حدث فى الضربة الإسرائيلية الأخيرة لإيران.. لذا من المؤكد أن كافة دول المنطقة بعد الدرس الإيرانى أصبحت أكثر حرصاً على أمنها القومى وتتعامل بمبدأ «مخترقون إلى أن نثبت العكس!».