السلام الحقيقى لا يتحقق بتطبيع ترفضه الشعوب .. بل يُبنى على أسس العدل والحق والإنصاف
جــــاءت كلمـــــة الرئيس عبدالفتاح السيسى بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ 12 لثورة 30 يونيو 2013 لتقدم عرضًا شاملًا وموجزًا فى ذات الوقت لقصة 12 عامًا من كفاح شعب مصر الذى خرج قبل تلك الأعوام فى أكبر انتفاضة شعبية سعيًا لتخليص بلاده وانتشالها من أنياب الإرهاب الذى توهم لحظة أنه يمكن أن ينقض على تاريخها العريق وهويتها الضاربة فى أعماق التاريخ ليجعل منها مجرد «ولاية» ضمن كيان الخلافة المزعوم.
أهم ما أثبتته تجربة الأيام والسنين أن مصر «عصية» على كل المؤمرات والمخططات، ومن هنا كان الوصف الأكثر دقة لثورة 30 يونيو هو ما قاله الرئيس فى كلمته حين وصفها بأنها «ملحمة وطنية سطرها أبناء مصر».
«مصر الحديثة» أخذت على نفسها عهدًا بأن تنطلق إلى آفاق المستقبل بسواعد كل أبنائها، فلا فرق بين مصرى وآخر على أى معيار، فالمواطنة هى المعيار الأول والوحيد الذى تتعامل به مصر مع كل أبنائها، والشعب هو المحرك الأول والدعم والسند الحقيقى للدولة.
قدم الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته مجموعة من المسارات والملامح لـ«الجمهورية الجديدة» يمكن أن نجملها فى ثلاثة محاور ..
> المحور الأول: الشعب هو الثروة الحقيقية
«يبقى الشعب المصرى وتلاحمه وإرادته هو كلمة السر الحقيقية فى الإنجاز الذى تحقق، وهو مصدر القوة الحقيقية لهذا الوطن».
قالها الرئيس السيسى بكل وضوح، وأضاف مخاطبًا المصريين بقوله: «أنتم السند الحقيقى والدرع الحامى والقلب النابض لهذا الوطن، قوة مصر ليست فى سلاحها وحده، بل فى وعيكم وفى تماسك صفوفكم وفى رفضكم لكل دعوات الإحباط والفرقة والكراهية».
وتطرق الرئيس فى جانب من الكلمة إلى أولويات العمل الوطنى خلال المرحلة القادمة وقال: تخفيف الأعباء أولوية قصوى للدولة وخاصة فى ظل هذه الأوضاع الملتهبة.
وأضاف: نعم الأعباء ثقيلة والتحديات جسيمة، ولكننا لا ننحنى إلا لله سبحانه وتعالي.
ووجه التحية لأرواح الشهداء، وللقوات المسلحة والشرطة المدنية وإلى كل أجهزة الدولة التى تواصل الليل بالنهار.
> المحور الثانى: 30 يونيو.. نقطة الإنطلاق
قال الرئيس السيسى: كانت ثورة الثلاثين من يونيو نقطة الإنطلاق نحو «الجمهورية الجديدة». ومنذ عام 2013 تسطر مصر تاريخًا جديدًا، لا بالأقوال بل بالأفعال، ولا بالشعارات بل بالمشروعات.
وأضاف: لم يكن الطريق سهلا، بل واجهنا الإرهاب بدماء الشهداء وبسالة الرجال حتى تم دحره باذن الله.
> المحور الثالث: السلام .. اختيار مصر الأول
ظلت مصر ومازالت عبر تاريخها دولة «صانعة للسلام»، لم يشهد التاريخ يومًا مصر كدولة معتدية، تجور على حق أحد، أو تطمع فيما فى يد الآخرين، ومن هنا كان تمسك مصر بالسلام كاختيار أول واستراتيجى لا حيدة عنه، فى ضوء مسئوليتها التاريخية.
لقد واجهت مصر تحديات كثيرة استهدفت مسارها الجديد، وفرضت عليها تحديات جسام، إلا أنها لم تنكفئ يوما على ذاتها، ولم يتقوقع دورها وجل اهتمامها على شئونها الداخلية فحسب، بل واصلت مسيرتها ودورها القيادى كصانع للسلام.
وقد تناول الرئيس التحديات التى تواجه المنطقة بقوله: المنطقة بأسرها تئن تحت نيران الحروب من أصوات الضحايا التى تعلو من غزة «المنكوبة» إلى الصراعات فى السودان وليبيا وسوريا واليمن والصومال.
وتحدث الرئيس بلسان مصرى مبين بقوله: ومن منبر المسئولية التاريخية أناشد أطراف النزاع والمجتمع الدولى بمواصلة اتخاذ كل ما يلزم والاحتكام لصوت الحكمة والعقل.
وقدم الرئيس «خريطة طريق» عملية للسلام بقوله: إن مصر الداعمة دائمًا للسلام تؤمن بأن السلام لن يولد بالقصف ولا يفرض بالقوة ولا يتحقق بتطبيع ترفضه الشعوب، السلام الحقيقى يبنى على أسس العدل والحق والإنصاف والتفاهم.
وأضاف الرئيس: إن استمرار الحرب والاحتلال لم ينتج سلامًا بل يغذى دوامة الكراهية والعنف، ويفتح أبواب الانتقام والمقاومة التى لن تغلق، فكفى عنفا وقتلا وكراهية وكفى احتلالا وتهجيرا وتشريدا.
ولخص الرئيس الموقف الراهن بقوله: إن السلام إن بدا صعب المنال فهو ليس مستحيلا، ونستلهم من تجربة السلام المصرى الإسرائيلى فى السبعينيات التى تمت بوساطة أمريكية برهانًا على أن السلام ممكن إن خلصت النوايا.
وحدد الرئيس المطلوب على وجه الدقة قائلا: إن السلام فى الشرق الاوسط لن يتحقق إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
>>>
كلمات الرئيس حملت رسائل واضحة للداخل والخارج ولخصت مجمل مشهد 30 يونيو بقوله: هذه هى مصر الشامخة أمام التحديات. مصر التى تبنى بإرادة شعبها وتحيا باخلاص أبنائها.