كعادته يتدخل الرئيس عبد الفتاح السيسى بالحلول الحاسمة في الوقت المناسب، وأمس جاءت توجيهاته للحكومة بإغلاق الطريق الدائري الإقليمى فى المناطق التي تشهد أعمال رفع الكفاءة والصيانة، مع وضع البدائل المناسبة والآمنة، حفاظًا على سلامة المواطنين وكذلك تكليف وزارة الداخلية بسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين وتكثيف جهودها خلال الفترة المقبلة لفرض الانضباط والالتزام بالقانون على كافة الطرق، هذه التوجيهات تؤكد أن حرص الرئيس على حياة المواطنين وأمانهم وارتباطا بهذا فهناك أمر غاية في الأهمية وهو إن الدولة خلال السنوات العشر الماضية أنشأت شبكة طرق غير مسبوقة في زمن قياسي وبمعايير دولية..
والقيادة السياسية وضعت هذا المشروع كأولوية وأنجزته بما يليق بمصر.. وبما يخفف من الزحام ويخدم خطط التنمية والتوسع العمرانى مشروع قومى حظى بإشادات عالمية وصعد بمصر فى الترتيب الدولى الخاص بجودة الطرق، لكن المشكلة فى دور الجهات المسئولة بعد اتمام هذه الطرق هو المتابعة والصيانة والتطوير والإصلاح، هذا هو دور وزارة النقل وهيئاتها المختلفة والتي كان عليها ألا تتقاعس عن أدائه أو تتراخى في تنفيذه لأن المعروف أن ثقافة التعامل مع الطرق في مصر من المواطنين وقادة المركبات والمحليات وغيرها تتسبب في مشاكل كثيرة تحتاج دائما صيانات دورية وأساليب رقابة شاملة وصارمة، وهذه مهمة وزارة النقل التي لا يبدو أنها تؤديها على الوجه الأكمل بل تتعامل معها بمنطق التهاون، وهذه ليست مشكلة الفريق كامل الوزير بل هي الثقافة المتوارثة فى الوزارات المختلفة، الصيانة غير موجودة في قاموسنا الحكومى وبسبب هذا نفقد مليارات كان يمكن توفيرها بل والأهم والأخطر أننا نفقد أرواحًا بسبب عدم صيانة الطرق وعدم صيانة السيارات والكهرباء والمباني وكل شيء عندنا، ولو كنا أكثر اهتمامًا بالصيانة لكان من الممكن أن نتجنب كل أو الكثير من هذه الخسائر.
نبنى مشروعات عملاقة وننفق عليها عشرات المليارات لكن لا نضع بندًا للصيانة فتكون النتيجة تهالكًا سريعًا، ننشئ طرقًا بطول وعرض البلاد وبرؤية اقتصادية وإستراتيجية لكن ما أن تتسلمها الجهات الحكومية والمحافظات المخولة بإدارتها تهملها وتتركها بلا صيانة أو تطوير فنفقد بعض قيمتها.
وهكذا في كل القطاعات تقريبًا خاصة التى تسلم للمحليات.. والحقيقة أن كل هذا هدر لجهد دولة وقيادة سياسية تبذل الكثير من أجل أن تنجز للمصريين، وكثيرًا ما تحدث الرئيس السيسى عن مبدأ الصيانة بل ووجه مرات عديدة بأن يكون هناك بند ثابت في كل جهة للصيانة التي تحافظ على ممتلكات وأصول الدولة وتزيد قيمتها وتضمن استثمارها الصالح المواطن.
أعتقد أن مبدأ الصيانة يحتاج تنفيذًا عاجلًا لتوجيهات الرئيس من خلال بذل جهد حكومى وتكليفات واضحة، حتى لو تطلب الأمر وجود هيئة مستقلة تكون مهمتها متابعة هذا الملف في كافة القطاعات، من الطرق إلى الإسكان إلى الكبارى أو الكهرباء والمدارس والجامعات وخطوط الاتصالات والمياه وغيرها واتخاذ قرارات ملزمة للجميع، هيئة يترأسها مسئول فنى بدرجة وزير ولديها إمكانات وصلاحيات مرور ومتابعة وتنفيذ والزام للجهات المختلفة، وترفع تقاريرها للقيادة السياسية المحاسبة المقصرين.
أعتقد هذه الهيئة ستكون مفيدة وستوفر على الدولة مليارات وتحمى أرواحًا كثيرة خاصة في المحافظات التي تتدهور فيها المشروعات سريعًا، بسبب عدم وجود شعور بالمسئولية.