لم أشأ أن أتناول الحديث خلال الفترة الماضية عن قانون الإيجارات حتى ينتهى مجلس النواب من المناقشات الخاصة بتعديلات مواد القانون سالف الذكر والتى من المفترض أن تحقق العدالة بين كل من الملاك والمستأجرين و«العدالة» فى حد ذاتها هى الهدف الذى يسعى إلى تحقيقه كل القوانين التى تم سنها على مدى العقود الماضية.. وبالتالى فإنما وجدت القوانين باختلاف أشكالها وألوانها كى ترسى مبدأ العدالة من ناحية ومن ناحية أخرى كى تكون عاملاً فاعلاً فى نشر السلام الاجتماعى داخل المجتمعات حتى لا تنتشر شريعة الغاب التى عانى منها بنو البشر فى ظل عصور الجهالة الماضية.
ومن هنا الحراك الذى شهده الشارع المصرى خلال الفترة القليلة الماضية حول تعديلات قانون الإيجارات المصرى وما تضمنه من بنود رآها البعض ضارة بالمستأجر ورآها آخرون ضارة بالملاك.
ولكن بنظرة متأنية لتلك التعديلات التى أقرها الأربعاء الماضى بمجلس النواب نجد أن هناك بعض إشكاليات متعلقة بالقانون الجديد خاصة أن السواد الأعظم من المصريين من مستأجرى العقارات وليسوا ملاكاً والكثير منهم رتب حياته واستقر منذ أزمنة بعيدة على نوعية حياة معينة تتناسب مع الدخول المحدودة التى تتوزع ما بين مبلغ إيجار المسكن وغيرها من التزامات رب الأسرة تجاه أسرته.
وبالتالى فهل بالإمكان بعد إقرار القانون أن تكون هناك لجان من رجال القانون وغيرهم من أهل الحل والعقد بحيث يتم عمل مذكرة تفسيرية لمواد القانون تراعى فيها نوعيات الشقق المستأجرة من حيث الأماكن وسنة بدء الإيجار وقيمته والحالة المادية التى عليها المستأجر كذلك أيضاً يراعى فى المقام الأول كبار السن وأصحاب المعاشات الذين يئنون تحت وطأة حالة التضخم الشديد السائد الآن.. إذ كيف لأحدهم وهو يتقاضى معاشاً يكاد يكفى نفقات معظم الشهر لا كل الشهر أن يطالب بدفع قيمة إيجارية تفوق مقدرته وإلا يطرد خارج مسكنه.. أيضاً الأم المعيلة كيف سيكون التصرف معها وهى مربية اليتامى المكافحة من أجل حياة كريمة لهم.
وعلى الجانب المقابل فهناك ملاك أيضاً يشعرون بنوع من الظلم خاصة أنهم يملكون عقارات فى أميز المناطق فى حين أن ما يتقاضونه من مقابل عن إيجارها ضئيل جداً ولا يتناسب مطلقاً مع الموقع ومساحات الشقق.
إذن نحن أمام حالة لا تتطلب التعجل بل لابد من التريث حتى يعطى كل ذى حق حقه وبالتالى نصل إلى الهدف الذى من أجله شرعت القوانين ألا وهو إقامة «العدل» بين الناس وإشاعة السلام الاجتماعى بذلك نكون قد وصلنا إلى الهدف والغاية.
أن المواطن المصرى تحمل فى سبيل بناء الجمهورية الجديدة الكثير مما لا يستطيع غير المصريين أن يتحملوه وهو الأمر الذى دائماً ما يفخر به «رأس الدولة» فى كل المناسبات بل ويحيى كفاح وصبر المصريين فى سبيل بناء وطنهم واصطفافهم خلف قيادتهم الوطنية الشريفة ومن هنا فهم ينتظرون من هذه القيادة الشريفة.. كما عودتنا دائماً.. الهدايا والمفاجآت التى تسعدهم.