فى حياة الأمم أرقام وتواريخ وأيام.. تظل مسطورة بحلوها ومرها فى سجلات التاريخ.. تستدعيها الذاكرة.. وتعيشها.. وتجدد أحداثها.. ويمر شريط الأحداث.. وكأنها تحدث من جديد أمام عينيك وتسحبك الخواطر وتغيب عن اللحظة.. وتعود إلى الماضى.. فاذا رن الهاتف أو اقتحم خلوتك صوت.. انتشلت نفسك من الماضى.. لتدرك واقعك.. هذا ما حدث لى بالفعل.. وأنا اجلس اقلب أوراق الثلاثين من يونيو.. وقد عايشت أحداث 25 يناير 2011..من اللحظة الأولى وأنا اقف فى الطابق الثامن يوم الجمعة 25 يناير بحكم مسئوليتى التنفيذية كمدير تحرير عدد السبت 26 يناير الذى يجرى إعداده يوم الجمعة.. أتابع بعض الشباب يهتفون ويتجهون إلى ميدان التحرير.
..ثم يوم جمعة الغضب وما حدث فيها.. ومن قلب الاحداث والمشاهد التى تخرج بعيداً عن إطار مظاهرة شبابية تدعو للعيش والحرية.. فما اشاهده من سيارات دفع رباعى.. وأسلحة ورشاشات.. وحرق منشآت وسيارات.. لا علاقة له بالشباب المغرر به.. والذى كان ستاراً لمخطط أكبر.. وهدف أبعد.. شعرت يومها بخطورة الأحداث وأن ما يجرى أكبر بكثير من مجرد انتفاضة شبابية بريئة.. وانما وضح أن هناك عناصر خارجية وأن المخطط إسقاط الوطن وليس إسقاط النظام.
وأن حرق المنشآت العامة.. والسيارات الخدمية.. ووسائل المواصلات عمل تخريبى.. لا علاقة له بمطالبات الشباب البرئ.. وكانت حكمة المجلس العسكرى وعقلانيتة فى مواجهة التحديات الجسيمة التى لم تمر البلاد على مدار تاريخها بمثل هذه المخاطر.. وقراءته الواعية للمشهد والتأنى فى كشف ملابسات وابعاد هذا المخطط الكبير.. كان المنقذ الوحيد للبلاد وتحمل ملا يتحمله بشر.
>>>
جال بخاطرى.. شريط الأحداث الدامية والمؤلمة التى عايشتها على أرض الواقع ومن قلب الأحداث.. وسيناريوهات المخطط الخارجى الذى كشف الكثير منه ما كان يجرى فى قلب الميدان ومن خيام المتآمرين والمأجورين الذين كانوا يقبضون ثمن خراب ودمار الوطن تحت شعارات كاذبة ظاهرها العيش والحرية وباطنها إسقاط وخراب الوطن.. استمرت الأحداث الدامية والمخاوف المشوبة بالحذر من الدخول فى نفق مظلم وطريق اللاعودة الذى يقود الوطن إلى الهاوية.. كما سقطت أوطان مجاورة.. وسارت الأحداث إلى منحى آخر عندما اختطفت جماعة إرهابية الوطن.. وكانت اقرب ما يكون إلى اسقاط الوطن فى دوامة العنف والإرهاب والحرب الأهلية والتدخل الخارجى بصورة لن يقوم بعدها الوطن.. ويتحول الجميع إلى أطلال ودموع على وطن كان!.. لكن الله كان عوناً للجيش الوطنى الذى أبى أن يسقط الوطن.. وأبى أن تقوده جماعة مارقة إلى حيث يريد اعداء الوطن وقوى الشر الذى تخطط بإحكام لإسقاط الأوطان..
>>>
خرج الشعب المصرى عن بكرة أبيه فى 30 يونيو فى الشوارع والميادين وفى كل المحافظات يرفض رفضاً قاطعاً اختطاف الوطن.. وتنعم جماعة مارقة بكل خيراته وثرواته دون الشعب.. بل كان هناك من يتهكم على الشعب عندما يشكو من شيء.. وكأن الوطن وطن هذه الجماعة.. ولا حق لغيرهم فى الحياة على أرضه بات واضحاً أنه تم اختطاف الوطن بوازارته ومناصبه وثرواته ليكون كل شيء قاصراً على الجماعة ومن يدين لهم بالولاء والطاعة.. أما الشعب فهم كفره لا يستحقون الحياة.. حتى عندما كانت الكهرباء تقطع بالساعات كانوا يعيشون فى قصور مكيفة.. ويقولون هناك فى دول جوار ناس بلا كهرباء.. وبلا حياة ولا طعام.. فلماذا إذن تعيش أنت فى قصور مكيفة وتنعمون بمالذ وطاب من خيرات الوطن.. لماذا تركبون أحدث السيارات وتتبوأون الوزارات وتوزعون المناصب للأقارب والمعارف من الجماعة.. بينما يموت الشعب.. ويموت الجميع من أجل أن تبقى الجماعة وأميرها فى قصور مشيدة.
>>>
.. ولو عدت إلى الماضى.. وطالعت.. كيف سقطت الأمبراطورية الإسلامية..وكيف سقطت الاندلس.. وكيف.. ضاعت دول.. وسقطت أنظمة لوجدت أن المتأسلمين والذين يرفعون شعارات إسلامية.. هم أبعد ما يكون عنها ويلتحفون بالدين ستاراً لتحقيق مصالح شخصية ومخططات خبيثة.. هم السبب الأول فى إسقاط الأوطان..
حفظ الله مصرنا الغالية.. من مكر الماكرين ومخطط الشياطين.. إن وعى الشعب بما يدور من حوله هو درع حماية ووقاية الوطن.