أستكمل اليوم الحديث حول ثورة 30 يونيو التى تعد أعظم ثورة للمصريين وإرادة عظيمة للقيادة السياسية من خلال المشروع الوطنى العظيم الذى وضعه الرئيس عبدالفتاح السيسى لتحقيق النهضة الشاملة. وقد
شكلت ثورة 30 يونيو 2013 لحظة فارقة فى تاريخ مصر الحديث، ولم تكن مجرد انتفاضة شعبية ضد حكم جماعة إرهابية، بل كانت نقطة انطلاق لمشروع وطنى عظيم، وضعه ورسم ملامحه بدقة الرئيس السيسى.
هذا المشروع لم يقتصر على استعادة الدولة وهيبتها فحسب، بل امتد ليشمل رؤية شاملة وطموحة لتحقيق نهضة حقيقية فى كافة القطاعات، الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية والثقافية، بهدف بناء جمهورية جديدة قوية ومزدهرة.
لقد أدرك الرئيس السيسى منذ اللحظة الأولى أن التحديات التى تواجه مصر هائلة ومتعددة الأوجه، وأن مجرد التخلص من نظام فاشى لا يكفي، بل يتطلب الأمر وضع إستراتيجية متكاملة طويلة الأمد لمواجهة هذه التحديات وتحويلها إلى فرص، فكانت البداية بوضع أسس الدولة الحديثة من خلال تعزيز مؤسساتها وترسيخ مبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، مع التركيز على بناء جيش وطنى قوى قادر على حماية حدود الوطن ومصالحه، وشرطة وطنية تسهر على أمن المواطنين واستقرار البلاد، بالتوازى مع ذلك، انطلق المشروع الوطنى فى مسار تنموى غير مسبوق، بدأ بالعمل على إعادة هيكلة الاقتصاد المصرى الذى عانى من سنوات من الركود والفساد، عبر تبنى برنامج إصلاح اقتصادى جريء شمل تحرير سعر الصرف، وإصلاح منظومة الدعم، وتشجيع الاستثمار، وتوفير بيئة جاذبة لرأس المال المحلى والأجنبى. وقد أتت هذه الإصلاحات ثمارها سريعًا، حيث شهد الاقتصاد المصرى تحسنًا ملحوظًا فى المؤشرات الكلية، مثل نمو الناتج المحلى الإجمالي، وتراجع معدلات البطالة، وزيادة الاحتياطى النقدى الأجنبي، مما انعكس إيجابًا على ثقة المؤسسات الدولية فى الاقتصاد المصرى. ولم يتوقف المشروع عند الإصلاح الاقتصادى فحسب، بل امتد ليشمل مشروعات تنموية عملاقة غيرت وجه مصر، ففى مجال البنية التحتية، شهدت البلاد طفرة غير مسبوقة فى شبكة الطرق والمحاور الجديدة التى سهلت حركة التجارة والنقل وربطت كافة أرجاء الجمهورية، بالإضافة إلى تطوير وتحديث الموانئ والمطارات لتكون قادرة على استيعاب حركة التجارة العالمية وتعزيز مكانة مصر كمركز لوجستى إقليمى ودولي، أما فى مجال الطاقة، فقد حققت مصر اكتفاءً ذاتيًا من الغاز الطبيعى بفضل الاكتشافات الكبرى فى حقول البحر المتوسط، وتم إطلاق العديد من مشروعات الطاقة المتجددة، وعلى رأسها محطة بنبان للطاقة الشمسية، لتنويع مصادر الطاقة وتلبية احتياجات التنمية المتزايدة. كما أولى الرئيس السيسى اهتمامًا خاصًا بتنمية القطاع الزراعي، من خلال استصلاح ملايين الأفدنة الجديدة فى الصحراء وتطبيق أساليب الرى الحديثة لزيادة الرقعة الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي، وكذلك تنمية الثروة السمكية عبر إنشاء العديد من المزارع السمكية المتطورة.
وعلى الصعيد الاجتماعي، انطلق المشروع الوطنى نحو بناء مجتمع أكثر عدلاً وشمولية، وذلك من خلال إطلاق مبادرات رئاسية كبرى تستهدف الفئات الأكثر احتياجًا، مثل مبادرة «حياة كريمة» التى تهدف إلى تطوير الريف المصرى وتوفير كافة الخدمات الأساسية للمواطنين فى القرى والنجوع، وتحسين جودة الحياة لهم، وكذلك برامج الدعم النقدى المشروط، وتطوير منظومة التأمين الصحى الشامل لتوفير رعاية صحية لائقة لجميع المصريين، وإعادة تأهيل وتطوير المناطق العشوائية لتوفير مساكن آدمية للمواطنين، وفى مجال التعليم، شهدت المنظومة التعليمية إصلاحات جذرية بهدف تطوير المناهج الدراسية وتطبيق أساليب تعليم حديثة تواكب متطلبات سوق العمل، بالإضافة إلى التوسع فى إنشاء الجامعات الجديدة والمدارس الحديثة ذات الجودة العالية، ولم يغفل المشروع الوطنى دور الثقافة والفن فى بناء الوعى والهوية الوطنية، حيث تم إطلاق العديد من المبادرات لدعم الإبداع الفنى والثقافي، وتجديد المكتبات والمسارح، وإطلاق الفعاليات الثقافية والفنية المتنوعة التى تهدف إلى الارتقاء بالذوق العام ونشر قيم التسامح والتعايش.
إن هذا المشروع الوطنى العظيم، الذى أرسى دعائمه الرئيس عبد الفتاح السيسي، لم يكن مجرد خطة تنموية عابرة، بل هو فلسفة حكم متكاملة تضع المواطن المصرى فى صميم اهتماماتها، وتهدف إلى تحقيق نقلة نوعية فى حياة المصريين على كافة المستويات، فمن خلال هذه الرؤية الطموحة والجهود المتواصلة، استطاعت مصر أن تتجاوز تحديات جمة، وأن تستعيد مكانتها الإقليمية والدولية كدولة فاعلة ومؤثرة، وباتت تسير بخطى ثابتة نحو مستقبل أفضل، مستقبل تزدهر فيه كافة القطاعات، ويعيش فيه المواطن المصرى حياة كريمة وآمنة ومستقرة، فالمشروع لا يزال مستمرًا، والتحديات لا تزال قائمة، ولكن الإرادة السياسية القوية والعزيمة الشعبية الصلبة، التى تجلت فى ثورة 30 يونيو، هى الضمانة الأكيدة لاستكمال مسيرة البناء والتنمية وتحقيق الجمهورية الجديدة التى يحلم بها كل مصرى.
وللحديث بقية.