اختارت مصر طريق السلام عن قوة وإيمان، وتراه هو السبيل الأمثل للأمن والاستقرار، والتنمية وتحقيق آمال وتطلعات الشعوب وستظل داعمة للسلام وتؤمن أنه لا يولد بالقصف ولا يفرض بالقوة، فالسلام الحق يبنى على أساس العدل والإنصاف والتفاهم فاستمرار الحرب والصراع والاحتلال لا ينتج سلامًا بل يغذى دوامة الكراهية والضعف ويفتح أبواب الانتقام، والمقاومة.
مصر أكثر دولة تدرك قيمة السلام ونتائجه وثماره، وسبل حمايته، كان ومازال سلام الأقوياء، لذلك تنتهج «مصر ــ السيسى» سياسات، وتبنى مباديء تدعم السلام من هنا فإن مصر مضت على مسار ومحاور واضحة الملامح والمعالم، ترى أن القوة تحمى السلام، والحكمة والتوازن تبنى علاقات دولية أساسها الاحترام المتبادل، واحترام القرار الوطنى وإرادة الشعوب وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدولة، والتعاون وتبادل المصالح والمنافع لتحقيق آمال وتطلعات الشعوب، لذلك ترى مصر فى أتون الصراعات والاضطرابات والتصعيد والحروب فى المنطقة، أو فى دول شقيقة تواجه أزمات داخلية عنيفة من صراعات واقتتال أهلي، وإرهاب وانقسام، لذلك تبذل مصر جهودًا متواصلة ومكثفة، من أجل إطفاء النيران فى المنطقة المشتعلة، وإخماد حرائق قبل أن تمتد إلى سائر دول المنطقة، ترفع مباديء أن الحوار والنقاش والتفاوض والحلول السياسية هى السبيل الوحيد لإنهاء هذه الصراعات، وأن الصراع والتصعيد لن يحقق أى نتيجة سوى المزيد من الخراب والدمار ومعاناة وتشريد الشعوب والعنف، والانتقام والكراهية، واهدار الموارد والثروات، واهدار الوقت، فطريق التفاوض والحوار يقود إلى السلام، والسلام يوفر الأجواء والأسباب للبناء والتنمية وتحقيق آمال الشعوب فى الاستقرار والبناء والتنمية.
الرئيس عبدالفتاح السيسى يبذل جهودًا استثنائية من أجل ترسيخ السلام فى المنطقة، ويقف على أرض صلبة، يقود دولة قوية وقادرة لكنها تتعامل بحكمة وشرف، وصدق فى استعادة الأمن والاستقرار فى المنطقة لمصلحة الجميع ولطالما حذر من خطورة التصعيد، لذلك فإن التاريخ سيتوقف بكل فخر أمام الموقف المصرى الشامخ تجاه العدوان وحرب الإبادة التى تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة لتحقيق أوهام التهجير وتصفية القضية الفلسطينية وهو ما ترفضه مصر بشكل قاطع، بل وتقدم كل سبل الدعم للاشقاء الفلسطينيين لتحقيق معاناتهم، سواء على الصعيد الإنسانى أو السياسى والدبلوماسى تعلن وتجاهر بمواقفها الشريفة التى ترفض التفريط فى الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، والحفاظ على أرضه ووطنه وحقه فى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 عاصمتها القدس الشرقية، وتؤكد أنه لا سلام فى الشرق الأوسط بدون اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وتقف منفردة فى وجه مخطط التهجير الذى يسعى التحالف الصهيو ــ أمريكى لتنفيذه، وتتصدى بقوة وحسم للمساس بأمنها القومى أو أرضها، فهذا خط أحمر، وفى ذات الوقت تبذل الدبلوماسية الرئاسية جهودًا متواصلة ومكثفة لوقف الحرب والعدوان الإسرائيلى وإنفاذ المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطينى المحاصر لتخفيف معاناتهم وتحشد المجتمع الدولى للقيام بدوره فى ايقاف المذابح والمجازر الإسرائيلية التى تستمر على مدار ما يقرب من 650 يومًا ومصر لم تغير أو تتنازل عن مواقفها الثابتة.
الأسبوع الماضى شهدت مصر جهودًا مكثفة لإطفاء الحرائق فى المنطقة، خاصة فى دول الجوار، ليبيا والسودان، ففى يوم واحد استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطنى الليبي، ثم بعد ذلك بساعات قليلة استقبل الرئيس السيسى المشير عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني، هذه الجهود الرئاسية تجسد حرص مصر وجهودها من أجل احتواء وإنهاء الأزمات فى البلدين الشقيقين وكونهما يشكلان ارتباطًا وثيقًا بالأمن القومى المصرى.
لا يخفى على أحد حجم الجهود المصرية على مدار السنوات الماضية فى موقف واضح للقاهرة تجاه الشقيقة ليبيا الجار الغربى الذى تجمعنا به حدود ما يقترب من الـ1200 كيلومتر، فى أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضى الليبية، واستعادة الأمن والاستقرار وإعلاء المصلحة الوطنية للبلاد وإجراء الحوار الوطنى من أجل تحقيق التوافق ولم الشمل ووحدة الصف ونبذ الانقسام، وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضى الليبية، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الليبية بشكل متزامن والشروع فى بدء إطلاق عملية البناء والتنمية وإعادة الإعمار وإن مصر تواصل كافة سبل الدعم والمساندة لأمن واستقرار ووحدة ليبيا الشقيقة.
الرئيس السيسى خلال استقباله المشير خليفة حفتر، أكد أن استقرار ليبيا جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى وأن القاهرة تبذل أقصى جهودها بالتنسيق مع الاطراف الليبية والقيادة العامة للجيش الوطنى الليبى من أجل دعم الأمن والاستقرار فى ليبيا والحفاظ على وحدتها وسيادتها واستعادة مسار التنمية وأن مصر تدعم كافة المبادرات التى تستهدف تحقيق تلك الأهداف وتجديد التأكيد على أن أمن مصر القومى «خط أحمر».
الرئيس السيسى يولى اهتمامًا كبيرًا ببذل أقصى الجهود لإنهاء الأزمة الليبية والحرص على وحدة وتماسك مؤسسات الدولة الليبية وتعزيز التنسيق بين جميع الأطراف الليبية لوضع خارطة طريق سياسية شاملة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن وضرورة التصدى للتدخلات الخارجية وإخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة.
الحقيقة أن الجهود المصرية صادقة وشريفة وتسعى لحل الأزمة الليبية بإرادة الشعب الليبي، وتدعم وتساند كافة الجهود الرامية إلى الحفاظ على وحدة وسلامة وأمن واستقرار الدولة الشقيقة ولا تريد سوى أن ترى ليبيا تعود إلى تحقيق آمال وتطلعات الليبيين وعلى نفس الطريق تبذل مصر جهودًا صادقة ومكثفة ومتواصلة لإنهاء الأزمة فى السودان الشقيق الذى تجمعنا به وحدة المصير، والارتباط الوثيق للأمن القومى فى البلدين، فالعلاقة بين القاهرة والخرطوم ليست مجرد حدود وجوار بل قواسم وأهداف ومصير مشترك، وتحديات واحدة، ومن هذا المنطلق فإن موقف مصر الداعم لوحدة السودان وسيادته وأمنه هو جل أهداف القيادة السياسية المصرية.
هناك أيضا تحديات مصرية ــ سودانية مشتركة خاصة حماية الأمن المائى للبلدين ورفضهما للإجراءات الأحادية فيما يتعلق بنهر النيل.