لم تكن ثورة 30 يونيو 2013 مجرد انتفاضة شعبية عابرة، بل كانت لحظة فارقة فى تاريخ مصر الحديث، هى نقطة تحول جوهرية أعادت للبلاد أمنها واستقرارها بعد عامين من الفوضى والاضطراب الذى خلفته جماعة الإخوان الإرهابية. فمع وصول هذه الجماعة إلى سدة الحكم فى أعقاب 25 يناير، تحولت مصر من دولة ذات مؤسسات راسخة إلى ساحة للصراعات الأيديولوجية والتخريب الممنهج، حيث عمدت الجماعة إلى تفكيك مؤسسات الدولة تدريجياً، ونشر خطاب الكراهية والتحريض، مما أدى إلى تدهور غير مسبوق فى الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية. لقد أصبحت الشوارع مسرحًا للاشتباكات، وتزايدت أعمال العنف والإرهاب، وانتشرت الجريمة، وشعر المواطن المصرى بفقدان تام للأمان، فضلاً عن انهيار الاقتصاد وهروب الاستثمارات وتفشى البطالة، وهو ما أفرز بيئة خصبة لليأس والإحباط.
فى هذا السياق المتدهور، جاءت ثورة 30 يونيو كصرخة مدوية من الشعب المصري، رفضًا لهذا الخراب الممنهج واستعادة لهوية الدولة الوطنية التى كادت تتلاشي. كان الهدف الأسمى لهذه الثورة هو تحقيق الأمن والاستقرار، وهذا ما عملت القيادة السياسية الجديدة، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، على تحقيقه بجدية وإصرار منذ اللحظة الأولي.
بدأت عملية إعادة بناء الدولة من خلال تعزيز قدرة المؤسسات الأمنية، وعلى رأسها الجيش والشرطة، وتمكينها من بسط سيطرتها على كافة أنحاء البلاد ومواجهة جماعات الإرهاب والتطرف التى استغلت الفوضى لضرب استقرار الوطن.
وشهدت هذه الفترة حربًا ضروسًا ضد الإرهاب فى سيناء والمدن المصرية، قدمت فيها القوات المسلحة والشرطة تضحيات جسيمة لاستعادة الأمن، ونجحت فى تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية وتجفيف منابع تمويلها. ولم يقتصر الأمر على المواجهة العسكرية والأمنية، بل امتد ليشمل بناء استراتيجية شاملة لمكافحة الفكر المتطرف، من خلال تجديد الخطاب الدينى وتصحيح المفاهيم المغلوطة التى روجتها الجماعات الإرهابية، وتعزيز قيم التسامح والاعتدال والانتماء الوطني.
وبالتوازى مع استعادة الأمن، عملت القيادة السياسية على إعادة بناء الثقة فى الاقتصاد المصرى الذى انهار. فتم إطلاق برنامج إصلاح اقتصادى شامل وجريء، تضمن تحرير سعر الصرف، وترشيد الدعم، وتشجيع الاستثمار المحلى والأجنبي، وتحسين بيئة الأعمال.
هذه الإجراءات، التى ربما كانت مؤلمة فى بعض جوانبها، كانت ضرورية وحتمية لاستعادة التوازن الاقتصادى ووضع مصر على طريق النمو المستدام.
وقد انعكست جهود تحقيق الأمن والاستقرار بشكل مباشر على عودة النشاط الاقتصادي، حيث بدأت حركة السياحة فى الانتعاش، وعادت الاستثمارات للتدفق، وارتفعت مؤشرات النمو الاقتصادي، مما أدى إلى تحسن فى مستوى معيشة المواطنين وتوفير فرص عمل جديدة.
إن ما قامت به ثورة 30 يونيو، بقيادة وطنية حكيمة، هو استعادة هيبة الدولة المصرية وقدرتها على حماية مواطنيها ومصالحها.
فبعد أن كانت مصر على شفا الهاوية، مهددة بالتقسيم والصراعات الداخلية، أصبحت اليوم نموذجًا للاستقرار فى منطقة مضطربة، بفضل تلاحم الشعب مع قيادته ومؤسساته الوطنية. لم يقتصر الأمر على وقف النزيف والفوضي، بل امتد ليشمل إطلاق مشروعات تنموية عملاقة فى كافة القطاعات، كشبكات الطرق الحديثة، والمدن الجديدة، ومشروعات الطاقة، وتطوير البنية التحتية، والتى لم تكن لتتحقق لولا وجود بيئة آمنة ومستقرة.
هذه المشروعات لم تكن مجرد إنجازات إنشائية، بل هى ركائز أساسية لمستقبل مصر المزدهر، توفر فرصًا استثمارية ووظائف، وترفع من مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
إن ثورة 30 يونيو لم تكن مجرد تصحيح لمسار سياسى خاطئ، بل كانت ثورة لإعادة بناء الدولة المصرية من جديد على أسس قوية من الأمن والاستقرار. لقد أنقذت هذه الثورة مصر من مصير مجهول كان ينتظرها لو استمر حكم جماعة الإخوان، ومهدت الطريق أمام تحقيق نهضة شاملة لم يكن لها أن تحدث فى ظل غياب الأمن وغياب الاستقرار.
إن الشعب المصري، الذى خرج بالملايين فى 30 يونيو، كان يدرك تمامًا أن الأمن هو أساس الحياة الكريمة والتنمية المستدامة، وأن استعادة هذا الأمن هو خطوة أولى لا غنى عنها نحو بناء مستقبل أفضل لأجياله القادمة.