لا حديث يدور حالياً إلا عن القانون الجديد الذى تعرض لمشكلة شائكة بكل جرأة.. لغلق هذا الملف بما يرضى طرفى العلاقة ولا يجور أحدهما على الآخر.. فكل منهما على حق فى تعاطيه مع مشروع القانون الجديد الذى تصدى له مجلس النواب ووضع الملامح الخاصة به تمهيداً للتطبيق.. إنه قانون العلاقة بين المالك والمستأجر والذى أخذ وقتاً وجهداً كبيراً ولغطاً بين مؤيد ومعارض خاصة فيما يتعلق ببعض البنود وأهمها إنهاء العلاقة الإيجارية فى مدة زمنية كانت لمدة 5 سنوات ثم مدها إلى 7 سنوات بعدها يتم إلزام المستأجر بترك العين للمالك.
الحقيقة.. رغم أن المشرع للقانون الجديد حاول التوفيق والخروج بأقل الخسائر.. إلا أنه وفق آراء البعض خاصة المستأجر فقد طالبوا بالتأجيل وبالنظر بعين الرأفة فى حال كبار السن بالذات والذين يعتمدون فقط على المعاش أو لضعف القدرة المالية للوفاء بالزيادة الإيجارية التى تم إقرارها.. بينما المالك يجأر بالشكوى راجياً حلحلة الأزمة وخروجها إلى النور، ربما لأن الورثة أو حتى المالك يشعر بالظلم لأنه لم يستفد من العمارة التى يمتلكها سوى ببضعة جنيهات لا تفى بمتطلباته اليومية فى ظل الظروف المعيشية الصعبة، ناعياً حظه بأنه مجرد مالك على الورق وأن المستفيد هو المستأجر فقط، وهذا حقه.
صراحة.. وضع البرلمان هذا المشروع للقانون على رأس أولوياته والموافقة النهائية عليه أكدت أن الدولة حريصة على الإنجاز وخروج المشروع إلى حيز التنفيذ لإراحة كل من الطرفين فى المعادلة الصعبة حفاظاً على العدالة الاجتماعية وهناك عدة سيناريوهات تم طرحها على مائدة النواب منها الموافقة على التعديلات التى تريد التحرير الكامل للعلاقة الإيجارية وإنهاء العمل بنظام الإيجارات القديمة خلال ٥ سنوات للمحلات والوحدات الإدارية وهى الأكثر استحواذاً على الشقق السكنية وتحويلها إلى تجارية و٧ سنوات للسكنية، مع تطبيق الحد الأدنى للقيمة الإيجارية الجديدة بحيث تبدأ من 250 جنيهاً شهرياً تزداد حسب المنطقة إلى 400 جنيه للمتوسطة و1000 جنيه للمتميزة أو سيناريو يراعى الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للفئات المستفيدة وهو حذف بند تحرير العلاقة كى يوازن بين حقوق الملاك مع مراعاة أوضاع المستأجرين وحكم المحكمة الدستورية العليا الذى نص على عدم دستورية تثبيت القيمة الإيجارية لأنها غير منطقية وغير مناسبة لهذا العصر الذى اختلف كثيراً عن سبعينيات القرن الماضى.
أعتقد أن المستأجر لم يمانع فى الزيادة الإيجارية طالما لن يطرد يوماً من العين المستأجرة ولكن بشكل تدريجى بما يتناسب مع الدخل الشهرى له، فهناك بالفعل من هم بحاجة إلى الدخل الشهرى الضئيل والاعتماد فقط على المعاش الذى ينفق نصفه تقريباً على الأدوية والعلاج لكبر سنه وهذا ما حاول البرلمان علاجه، كما أعتقد أن أغلب الذين يرفضون بشدة أى حلحلة لموضوع الإيجار القديم هم أصحاب المصلحة، فهناك من يستغل الشقق القديمة فى أنشطة غير مخصصة للسكن، خاصة أن بعضها تضم 5 و6 غرف بأسقف عالية لأنه مع الزمن اعتبرها كأنها ملكاً له وحولها إلى ورش أو مخازن يضع فيها بضاعته، وأن تطبيق القانون الجديد سيحرمه من ذلك وسيكون عليه بالخسارة، مع أنه يكسب أموالاً طائلة وراء ذلك، ولا ينسحب هذا الأمر على الأفراد المستأجرين وإنما هناك شركات تستحوذ على طوابق كاملة فى العمارة بأسعار زمان.
أتمنى من الحكومة التى وضعت مشروع القانون وقدمته لمجلس النواب الاستفادة فى اللائحة التنفيذية من التجارب المماثلة فى الدول الأخرى وطرح المشروع للرأى العام والاستماع إلى حجة كل طرف ووجهة نظره، والأهم من ذلك تشكيل لجان لعمل حصر دقيق لأوضاع كل شقة أو مبنى قديم مستأجر، لأن هناك مساكن لا يقيم فيها المستأجر الأصلى بل أولاده وربما أحفاده وهذا لا يجوز صراحة وأنه لابد من توفيق الأوضاع إما بعقد جديد وقيمة إيجارية تتوافق مع الوضع الحالى أو إخلاء العين للغير، كما على الدولة الالتزام بتخصيص مساكن إيجارية بأسعار مناسبة تدريجية لأن التمليك لا يتناسب مع ظروف هؤلاء المستأجرين للشقق القديمة.
وفى النهاية لابد من دراسة وضع كل مستأجر على حدة ومراعاة ظروفه وكذلك الحال بالنسبة للمالك الذى اعتقد أن الكثير منهم فى ذمة الله وأن الأولاد أو الأحفاد يريدون الاستفادة من الميراث، كما أتمنى عدم الاستعجال فى التطبيق فقد تبدلت الأحوال واختلفت الظروف وما كان مقبولاً فى الماضى، غير مقبول وغير متوافق مع متطلبات هذا الزمان الذى أصبح فيه التمليك هو الغالب واختفى معه أيضاً ما كنا نسمع عنه وهو نظام المقدم أو «خلو رجل» حيث كان المواطن يدفع من 10 آلاف جنيه إلى 50 ألفاً فى السبعينيات والثمانينيات للحصول على الشقة من المالك بإيجار شهرى متفق عليه حسب الحى والمدينة وكانت الأمور بسيطة والشقق متوافرة بسهولة ولكن فى ظل التمليك الذى توحش ووصل إلى أرقام فلكية لا يقدر عليها إلا القليل زادت الأمور تعقيداً لذلك لابد من التوصل إلى حل رضائى بين الملاك والمستأجرين وعددهم حوالى 8 ملايين فى القانون الجديد.. فهل سيتم التوصل إلى ذلك؟! أتمنى.
>> وأخيراً:
> المقدم أحمد مجدى رئيس وحدة مرور البساتين.. شعلة نشاط ونموذج للقائد الفاهم لعمله حيث يستقبل كل من يدخل مكتبه المفتوح للجميع دون استثناء بابتسامة عريضة وينصت بكل اهتمام لمشكلته ويسرع فى الاستجابة للعمل على حلها ويطلب من مساعديه المتابعة الفورية وإبلاغه بالنتيجة طالما فى إطار القانون.. تحية لهذا الرجل الإنسان الفاهم لعمله.