أصبح من يمتلك القوة يفعل ما يحلو له دون اعتبار لتفضيل السلام والعدالة والأخلاق عن التدمير واختلاس أراضى الغير ونهب ثرواتهم.. وكأن من يمتلك الأسلحة الثقيلة الفتاكة.. من طائرات مقاتلة واستطلاع متقدم ومسيرات متطورة بجانب حاملات الطائرات تبيح له الاعتداء على الدول المستضعفة ويسيل لعابه لغزوها طمعاً فى ثرواتها أو مواقعها الإستراتيجية وغيرها وكأننا عدنا إلى عصر الغاب فلا يخشى أو يخجل من المجتمع الدولي.. حتى لو كان المستهدفون لا يملكون إلا بعض الأسلحة البدائية ويدعى بالباطل أنهم المعتدون ويطلق عليهم صفة الإرهابيين ليبرر جرائمه الوحشية وهو مطمئن حيث إن الهيئات الدولية تأتمر بأمره وما يحدث الآن فى غزة والضفة الغربية على أيدى الإسرائيليين بتأييد من أمريكا.. هو ما حدث من قبل بأيدى الأمريكيين فى العراق وأفغانستان وفيتنام وأمريكا الجنوبية.. وقد طاردوا الثائر الشريف جيفارا.. متهمين إياه بالإرهابي.
فى غزة دكت إسرائيل الأراضى بالقنابل والصواريخ وما تفعله فى رفح الآن باسم البحث عن قادة حماس.. بزغ من بين الركام شعاع من نور يقوى درع الصمود ويطير بالروح المعنوية إلى السماء بعد أن شهد الوسط الثقافى زلزالاً أدبياً.. عندما فازت رواية «قناع بلون السماء» للأديب الأسير الفلسطينى باسم خندقجي.. بجائزة بوكر العالمية للرواية العربية فى دورتها 17 وقيمتها 50 ألف جنيه استرلينى بالإضافة إلى قيمتها الأدبية التى لا تقدر بمال.. والمفاجأة أن الأديب الفائز كتبها وهو يعانى بين جدران السجن. ويقاوم أغلال الأسر متحدياً صرير الأبواب مستبشراً الأمل خارج القضبان.. التى ما يزال يقبع خلفها حتى الآن.
لقد ترشح للجائزة 133 عملاً روائياً وعندما وصلت الرواية الفائزة إلى القائمة القصيرة للتصفيات النهائية.. هاج الإعلام الإسرائيلى كالثور.. وشن حملة تشويه ضد الرواية ومؤلفها الذى يقاوم الاحتلال بقلمه من داخل زنزانة ترصد أنفاسه وهو ما يثبت أن جدران دولة الاحتلال واهية كخيوط العنكبوت قائمة على شفا جرف سينهار بها فى نار جهنم. تدور أحداث الرواية حول الشاب الفلسطينى نور الشهدى المغرم بعلم الآثار. الذى يعثر على بطاقة هوية إسرائيلية زرقاء فى جيب ومعطف قديم للإسرائيلى أورشابيرا فيتجول بها فى الأرض المحتلة بحثاً عن سر مريم المجدلية.. وخلال تلك الرحلة المثيرة يرصد معاناة عائلات الأسرى والشهداء داخل السجن الأصفر «المعتقل الإسرائيلي» والضنك داخل السجن الأكبر «فلسطين المحتلة».
وتسلط الرواية الأضواء الكاشفة على عمليات تزييف التاريخ.. وتقدم رؤية نقدية لممارسات القيادات والفصائل واتفاقية أوسلو.. وأكذوبة المحرقة التى يتم التجارة بها. لشرعنة التطهير العرقي.
وقد أبحرت سفينة الرواية بثبات وسط أنواء من الحوارات وعواصف من الرموز وأمواج من الإيحاءات ورست وباقتدار على شاطئها عندما دار ذلك الحوار البارع بين الشاب الفلسطينى «نور» والشاب الإسرائيلى «أور» عندما طلب الأول من الأخير أن يعامله كإنسان فيرد الإسرائيلى ملخصاً تاريخ دولة الاحتلال «أخشى من اختفائى أنا إذا أصبحت أنت إنساناً».
جبر الخواطر
على كل إنسان التحلى بأعظم الصفات وألطفها وهى جبر الخواطر وأولها التحلى بالخلق الحسن والعطف على الناس وحب مساعدة الغير والتعاون مع من يحتاج العون.. من العبادات التى يغفل عنها الكثير من الناس عبادة جبر الخواطر.. فمن يتحلى بجبر الخواطر تزداد قيمته فى أعين الناس وله أجر وثواب عظيم.