فى التاسعة من مساء مثل هذا اليوم من عام 2013 بزغ فى مصر «فجر جديد».. بدد ظلمات ليل أسود كالح استمر حوالى العام.. أحس خلاله المصريون بالغربة فى وطنهم.. أمسكت خلاله جماعة الإخوان الإرهابية مفاتيح الحكم فى مصر.. وكان شاغلها الرئيسى.. أن تستمر فى الحكم عقوداً طويلة من الزمن أو قرناً من الزمان.. ولكى يتحقق ذلك انطلقت الجماعة الإرهابية للسيطرة على مفاصل الدولة.. تزيح من المناصب العليا كل الوطنيين المخلصين وتزرع بدلاً منهم عناصرها الذين يرون قبلتهم فى ساحة المرشد العام.. عمدوا للقضاء على أى فرصة للانقضاض على حكمهم العنصرى الطائفى والسيطرة على المواقع الحساسة.
.. التاسعة من مساء مثل هذا اليوم عام 2013.. عادت مصر للمصريين.. تحولت سحابات اليأس والقنوط إلى أمل يحلق فى سماوات المجد.. وثقة فى غد أكثر إشراقاً.. فقد ذهبت إلى غير رجعة سنة سوداء كاملة.. ومضت أسوأ ٤ أيام فى تاريخ مصر.. من الثلاثين من يونيو 2013 وحتى مساء الثالث من يوليو 2013.
.. فجر التاسعة مساء الثالث من يوليو 2013 أطلقه الفريق أول عبدالفتاح السيسى أعلن فيه للعالم عبر التليفزيون المصرى نهاية مخطط الفاشية الدينية فى مصر.. بانتهاء رئاسة الإخوانى محمد مرسى.. وطرح خارطة طريق سياسية اتفقت عليها القوى والرموز المصرية يتسلم خلالها رئيس المحكمة الدستورية العليا حكم البلاد حتى إجراء انتخابات مبكرة.. وله سلطة إصدار إعلانات دستورية وتشكيل حكومة كفاءات وطنية وتشكيل نخبة من التيارات السياسية وخبراء الدستور لمراجعة دستور 2012 الذى عطل مؤقتاً ودعوة المحكمة الدستورية لسرعة إصدار قانون انتخابات مجلس النواب ومن بين الحضور كان عبدالفتاح السيسى والشيخ أحمد الطيب والبابا تواضروس الثانى وممثل عن حزب النور وممثل عن حركة تمرد.
.. جاء فجر التاسعة مساء يوم الثالث من يوليو بعد 5 ساعات من نهاية المهلة الثانية التى منحها الجيش لجميع الفرقاء «لتلبية مطالب الشعب».. والاستجابة لأكثر من 30 مليون مواطن ملأوا الساحات والميادين يجمعهم شعار «الجيش والشعب إيد واحدة».. فقد أعطى الجيش كافة الأطراف مهلة 48 ساعة بدأت فى الرابعة من مساء الأول من يوليو 2013 وتنتهى عند الرابعة عصر الثالث من يوليو 2013 وكانت لهجة البيان قوية وحازمة.. فإن القوات المسلحة المصرية لن تكون طرفاً فى دائرة السياسة أو الحكم.. لكن مظاهرات وخروج الشعب العظيم يتحتم أن يتلقى الشعب رداً على حركته وعلى ندائه.. وأكد البيان أن القوات المسلحة ترى أن الأمن القومى معرض لخطر شديد وأن الشعب المصرى لم يجد من يحنو عليه أو يرفق به.
.. لقد كان 30 يونيو 2013 يمثل الذكرى الأولى «والأخيرة» لتولى محمد مرسى وجماعته منصب رئيس الجمهورية.. فانتقل بإرادة الله وشعب مصر إلى آخر مسمار فى نعش حكمه وسلطته فإن أكثر من 22 مليون مواطن وقعوا لسحب الثقة من مرسى.. وتجمع الملايين من كل صوب وحدب يرفعون الكارت الأحمر لمندوب مكتب الإرشاد «رئيس الجمهورية» واشتبك أنصار مرسى الغليلون يومئذ مع الملايين الهادرة ووقع عدد من القتلى والمصابين أمام مكتب الإرشاد بالمقطم فيما أحرقت الجماهير الغاضبة مكاتب الإخوان بالمحافظات.. وعاشت مصر جميعها رجالاً ونساءً وشيوخاً وأطفالاً لا يشغلهم إلا أمر واحد هو كيف يستعيدون وطنهم الذى سرقه الإخوان يوم سطوا على 25 يناير 2011 وأمسكوا دفة القيادة.. وذهبوا إلى مقعد الرئاسة وعاشت القوات المسلحة المصرية لحظة بلحظة نبضات الشعب المصرى العظيم.. ولم يكن بمقدور القوات المسلحة أن تصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب الذى يدعوها لنصرته والحماية الضرورية لمطالب ثورته فاستوعبت بدورها هذه الدعوة وفهمت مقصدها فاقتربت من المشهد آملة وراغبة وملتزمة بكل حدود الواجب والمسئولية والأمانة.. ومضت بالمصريين أوقات شديدة التوتر.. أيام عصيبة.. لقد رأى المصريون رأى العين كيف أن حكم الإخوان أمر حقيقى «كارثى» للمصريين جميعاً.. وما حدث خلال العام الأسود لحكمهم من مآس ومهازل يندى لها الجبين ولن ينساها التاريخ نموذجاً لأعلى درجات الخسة وانعدام الوطنية والأنانية والولاء للجماعة والعشيرة.. فإن أول استهلال لخطاب محمد مرسى رئيساً.. قال فى بداية خطبته «أهلى وعشيرتى» فى إشارة لا تخطئها الأذن إلى أن الإخوان المجرمبن هم ظهيره الشعبى ومناصروه.
.. وجاءت ثورة الثلاثين من يونيو عام 2013 وقرارات الثالث من يوليو 2013 تصحيحاً واجباً ولازماً وضرورياً للمسار الذى أعقب أحداث الخامس والعشرين من يناير عام 2011.. وجاءت 30 يونيو طوق نجاة لمصر والمصريين والعرب جميعاً من مصير مجهول.
.. إن إعلان الفريق أول عبدالفتاح السيسى خارطة طريق الفجر الجديد فى التاسعة من مساء الثالث من يوليو 2013 إنما تمثل استعادة المصريين لهويتهم الوطنية.. وانقاذهم من سيناريو مرعب وحرب أهلية طاحنة.. واقتتال طائفى وتفتيت للدولة المصرية صاحبة حضارة السبعة آلاف عام والحفاظ على القوات المسلحة المصرية جيشاً وطنياً موحداً وعدم ضرب الشرطة المصرية التى أعلنوا ـ بكل وقاحة ـ عزمهم إعادة هيكلتها لإدخال عناصرهم الإجرامية الخائنة فى مفاصلها.
.. وأخيراً.. فمن حسن الطالع أن يجتمع فى المصريين ذكرى الثالث من يوليو عام 2013 وما سبقه من أيام وثورة 30 يونيو.. وذكرى هجرة النبى محمد صلى الله عليه وسلم.. وفى الحدثين نور وضياء دروس وعبر وذكرى لمن أراد أن يذكر أو أراد وطناً وحياة ومستقبلاً أفضل.. وما الله بغافل عما تعملون.