حوادث الطرق التى شهدتها مصر فى الأيام الأخيرة تستدعى ضرورة «وقفة مع النفس» وإذا كان الحادث الأخير الذى راح ضحيته 18 فتاة قد استحوذ على اهتمام الرأى العام.. فإن بقية الحوادث لا تقل أهمية عن هذا الحادث حتى أن الأرقام الرسمية تشير إلى الارتفاع المطرد سنويًا فى ضحايا الحوادث بنسبة لا تقل عن 16 ٪ وفى معظم الحوادث تشير أصابع الاتهام إلى سيارات النقل الثقيل أو الميكروباص أو كليهما.. وأعتقد أن الجدل الذى أثير بعد الحادث الأخير والاتهامات المتبادلة هنا وهناك… واللغط الذى واكب الحدث يدفعنا بقوة إلى وقفة مع النفس.
بعيدًا عن الأشخاص وعما أثير فى وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى فإن عناصر تلك الوقفة الضرورية.
أولاً: الطرق فى حاجــة إلى إصــــلاح.. وقد دعا الرئيس السيسى لتشكيل لجنة لدراسة أسباب الحوادث وعلاجها.. وليس مكان الحادث وحده فكم من حوادث جرت وحدثت فعليًا فى السنوات الأخيرة ونحتاج إلى نفس الدراسة لعلاج الخلل والخطأ ومنع تكرار الحوادث.
ثانيًا: إذا كان صحيحًا أن بعض سائقى النقل الثقيل يتناولون المخدرات.. فمن أين وكيف وأين دور الأجهزة المعنية فى مواجهة هذه الجرائم التى لا تسبب الأذى للمجرم وحده والمخدرات عادة تكون سبب القيادة المتهورة للسيارات والسرعة الزائدة وعدم الإحساس بالطريق.. وهنا لابد من حملة وطنية خالصة لمواجهة خطر المخدرات.. ونشر الوعى الإنسانى تجاه كل خطأ وكل خلل خاصة المخدرات والسرعة الزائدة.
ثالثًا: ضرورة وجود ممرات خاصة للنقل الثقيل.. وأنا أعرف بل متأكد من وجود هذه الممرات لكن الأزمة فى عدم تنفيذ القانون فى الطرق السريعة والكبارى لتنفيذ القانون.. أضف إلى ذلك ضرورة وجود ممرات آمنة للدراجات البخارية والتوك توك والاسكوتر.. وإعادة رسم وتحديد الممرات فى الطرق بما فيها طريق العودة للخلف.
رابعًا: عودة الدوريات الشرطية المرورية للطرق والكبارى ومتابعة حالات الازدحام بصفة دورية بعدالة ومساواة فى المتابعة والتنفيذ.
خامساً: اجراء اختبارات تعاطى المخدرات على جميع السائقين الذين يقودون سيارات النقل والميكروباص والتوك توك والموتوسيكل وغيرها من وسائل النقل لضمان سلامة قائدى السيارات ومن معهم.. وكذلك الاهتمام بمتابعة زيادة الحمولة.. سواء من الركاب فى الميكروباص وزيادة الأحمال فى النقل الثقيل.. وكما يقول أحدهم: إذا كانت الطرق الرديئة تؤدى للحوادث فإن عدم الرقابة فى الطرق السريعة تؤدى إلى حوادث أكثر.. فالخطأ البشرى هو أساس المشاكل المرورية أولاً وأخيراً.. ولابد من المحاسبة والمتابعة بأمانة ودقة.
سادساً: فى تقرير منشور لمنظمة الصحة العالمية أن 1.3 مليون شخص يلقون حتفهم سنوياً نتيجة حوادث المرور فى العالم وأن نصفهم من المشاة ومستخدمى الدراجات الهوائية والبخارية وأن الإصابات الناجمة عن حوادث المرور هى السبب الأول لوفاة الأشخاص البالغين من العمر 15 إلى 29 عاماً وأن البلدان منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل تمثل 90 ٪ من الوفيات بسبب حوداث المرور فى العالم برغم أن هذه البلدان تضم 45 ٪ فقط من المركبات فى العالم.
سابعاً: ضرورة تعديل القانون بما يتماشى مع الواقع الجديد.. ولقد أكد كثيرون أن مصر شهدت فى السنوات الأخيرة أعظم انجاز فى مجال الطرق والكبارى، ولكن لم تأخذ فى حسابها البسطاء أى المشاة وركاب الدرجة الثالثة فى الميكروباص والتوك توك والدراجات بخارية وهوائية.
.. و.. وقفة مع القانون
القانون المقصود هو قانون الايجار الذى بدأت مناقشته مؤخراً بعد مناقشات مجتمعية فضفاضة ورفض شعبى كبير ترجمه مجلس النواب فى موقف مبدأى ولكن ماذا سيحدث غداً؟
الله وحده أعلم.. مطلوب وقفة مع القانون تحدد من خلاله كل صغيرة وكبيرة اليوم وغداً.
ليس مطلوب الدفاع عن الملاك ولا المستأجرين.. المطلوب العدالة الكاملة بقدر الامكان وحماية المعاشات والأرامل والأطفال فى المستقبل.