من بين تساؤلات عديدة فرضت نفسها على شعوب المنطقة فى الآونة الأخيرة، تبرز استفسارات ملحة حول مستقبل المنطقة فى ظل تداعيات «الحرب الطويلة» التى شنتها إسرائيل على قطاع غزة الفلسطينى و«الحرب القصيرة» التى اشعلتها تل أبيب ضد طهران وتم ايقافها تحت وطأة الصواريخ الإيرانية وبناء على رغبة أمريكية، ومن ثم فهل تلتزم إسرائيل بما تردد عن إيقاف الحرب فى غزة وهل توافق إسرائيل على عودة لغة التفاوض والحوار، بدلاً من أوهام فرض «السلام» بالقوة وتحت وطأة القصف والحصار والجوع؟
هذه التساؤلات تحتاج بلا شك إلى شرح مطول وتحليل عميق، غير أن القراءة السريعة تكشف على الفور أن المنطقة وبرغبة أمريكية أصبحت رهينة للأطماع الإسرائيلية، مهما خلفت حروب تل أبيب من جرائم ومن انتهاكات للقانون الدولى الإنسانى، ومهما ارتفعت أصوات وصرخات المسئولين والمتظاهرين فى معظم دول العالم مطالبة بوقف الحروب والحد من انحياز واشنطن لإسرائيل فى حربها ضد غــزة وإيران، فالرئيس الأمريكى دونالد ترامب لا يلتفت لمثل هذه الأصوات، والبيت الأبيض لم ولن يتراجع عن دعمه للكيان الصهيونى أو مساندته لكل ما هو إسرائيلى.
>>>
حقيقة فإنه وبقدر ما خفف الدعم الأمريكى لإسرائيل من الشعور بالخسائر لدى حكومة تل أبيب إلا أنه لم يؤثر بدرجة كبيرة على حالة الغليان فى الداخل، خاصة بعد مطالبة ترامب بعدم محاكمة نتنياهو على جرائم الفساد المتورط فيها، فقد زادت هذه المطالبة من حنق بعض الأحزاب الإسرائيلية على سلوك نتنياهو وحكومته المصغرة، وبات الحديث الآن عن حتمية وقف الحرب فى غزة والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، سيما بعد الخسائر الكبيرة التى لحقت بالدولة العبرية نتيجة الهجمات الصاروخية الإيرانية ونتيجة صمود المقاومة الفلسطينية فى غزة، بما نتج عنها من تأثر سمعة جيش الاحتلال وعدم قدرته على حفظ أمن المجتمع الإسرائيلى، وتعمدت بعض الأحزاب عقد المقارنات بين إسرائيل فى حالة الحرب وغيرها فى حالة السلام، وأن الحالة الأخيرة هى الأفضل وبكل المقاييس لأمن إسرائيل والمنطقة وأنه لا أمان لإسرائيل فى ظل الحروب.
>>>
وسط هذه الأحداث الإقليمية والدولية، نتوقف عند محطتين مهمتين هذا الأسبوع تكشفان إلى أى مدى وصل وعى القيادة المصرية بخطورة الأحداث التى تحيط بنا وسعيها المستمر للحفاظ على أمن مصر القومى بالتنمية والتمسك بالسلام، وتكشف كذلك استعداد مصر الدائم لمواجهة التحديات أو أية حروب قد تفرض علينا فى أى وقت.
فى المحطة الأولى، تأتى كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ «12» لثورة 30 يونيو، لتؤكد» أن مصر الداعمة دائماً للسلام تؤمن بأن السلام لا يولد بالقصف ولا يفرض بالقوة ولا يتحقق بتطبيع ترفضه الشعوب، فالسلام الحق يبنى على أسس العدل والانصاف والتفاهم»، كذلك فإن السلام وإن بدا صعب المنال، فهو ليس مستحيلاً، ولنستلهم من تجربة السلام المصرى الإسرائيلى فى السبعينيات التى تمت بوساطة أمريكية، برهانًا على أن السلام ممكن إن خلُصت النوايا، كما أن تحقيق السلام يتطلب قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية».
>>>
فى المحطة الثانية، جاءت تصريحات الفريق ياسر الطودى قائد قوات الدفاع الجوى بمناسبة الاحتفال بعيد قوات الدفاع الجوى «الـ»55»» لتكشف الاستعداد الدائم للقوات المصرية لمواجهة أى تحديات بالمنطقة، الفريق ياسر الطودى قال: إن التطور الهائل فى وسائل وأسلحة الهجوم الجوى الحديثة والاستخدام الموسع للطائرات الموجهة بدون طياروالصواريخ الطوافة والبالستية أدى إلى ضرورة تواجد منظومة دفاع جوى ذات قدرات عالية تواكب التطور التكنولوجى للعدائيات الجوية الحديثة وتتميز بالتنوع والتعدد والتكامل وبما يحقق القوة والقدرة والصمود.
قائد قوات الدفاع الجوى قال أيضاً: «نحن كرجال عسكريين نعمل طبقا لخطط وبرامج محددة وأهداف واضحة إلا أننا فى ذات الوقت نهتم بكل ما يجرى حولنا من أحداث ومتغيرات فى المنطقة والتهديدات التى تتعرض لها كافة الاتجاهات الآن وما تثيره من قلق فى المستقبل ولكن يظل دائما وأبدا القوات المسلحة ملتزمة بأهدفها وبرامجها وأسلوبها للمحافظة على كفاءتها القتالية فى أوقات السلم والحرب، كما أن قوات الدفاع الجوى تعمل ليل نهار سلماً وحرباً فى كل ربوع مصر، وهى عازمة على الدفاع عن الوطن والتضحية بكل غال ونفيس للحفاظ على هيبة الأمة وحماية سماء مصر ومقدساتها».
>>>
هكذا تؤكد المفارقة عبقرية مصر والمصريين، فما يحدث حولنا وصبرنا عليه وتعاملنا معه، يؤكد قيمة حضارتنا المصرية العظيمة، ويثبت كذلك حقنا فى أن يكون لنا مستقبل رائع وأن نكون فى صدارة الدول والشعوب.