تجرد شاب من مشاعر الرحمة والإنسانية، وفي لحظة غضب وتهور، أقدم على قتل أطفاله الثلاثة بطعنات سكين حتى سقطوا جثثًا هامدة ملطخة بالدماء. وقعت الجريمة المروعة بسبب خلافاته مع والدة الضحايا، التي تركت له المسكن منذ أسبوعين. وهكذا، دفع الصغار حياتهم ثمنًا لهذه الصراعات الأسرية. تم القبض على المتهم، وأُخطِر اللواء محمود أبو عمرة، مساعد أول وزير الداخلية لقطاع الأمن العام. حُرِّر محضر بالواقعة، وتُباشر النيابة التحقيق.
تفاصيل الحادث
الجريمة البشعة وقعت أحداثها المؤسفة في قرية “زهرة” بصعيد مركز المنيا، وراح ضحيتها ثلاثة أطفال في عمر الزهور بلا ذنب. بدأت الخلافات تتفاقم بين الأب “العامل” المتهم وزوجته، لتزداد اشتعالًا بمرور الأيام، دون مراعاة لصغارهما الثلاثة: “رحمة، رودينا، ورمضان”. ذاق الأطفال الأمرّين بسبب عناد والديهما وعدم قدرتهما على التفاهم لتوفير حياة آمنة ومستقرة لهم، لتصل الأمور في النهاية إلى طريق مسدود.
وساوس شيطانية
منذ حوالي أسبوعين، غادرت أم الأطفال الثلاثة المنزل عائدة إلى بيت أهلها، بعد خلاف حاد وتراشق بالألفاظ مع “شريك الحياة”، تاركةً صغارها بالمسكن. وجد والدهم نفسه في “ورطة” لعدم استطاعته الخروج لعمله وتركهم وحدهم. انتابته بعدها حالة نفسية سيئة جراء تصرفها، خاصة مع عدم قدرته على رعايتهم وتوفير احتياجاتهم. وفي لحظة ضعف، وسوس له الشيطان بالتفكير في التخلص من “فلذات كبده وملائكة الجنة”.

الضحايا الثلاثة
هكذا ظلت الفكرة الإجرامية تراوده بإلحاح شديد ودون تفكير عقلاني. استجاب أخيرًا لنداء الشر، وأسرع في لحظة تهور بالتعدي على الصغار الأبرياء بطعنات السكين بلا رحمة لدموعهم وتوسلاتهم، حتى أنهى حياتهم بمشاعر متبلدة، مستغلًا ضعفهم وقلة حيلتهم. أفاق بعدها على الصدمة والكابوس المزعج، وخرج أمام جيرانه ويده ملطخة بدمائهم، ليكتشفوا الحادث الذي أصابهم بالفزع، ودوّت صرخات هزّت أرجاء البلدة الهادئة.
الأب القاتل
فور إبلاغ رجال المباحث، انتقلت القوات للفحص والمعاينة. نُقل الضحايا إلى ثلاجة حفظ الموتى تحت تصرف النيابة، التي أمرت بانتداب الطبيب الشرعي لتشريح الجثث قبل التصريح بالدفن وتسليمها للأهل. ضُبط الأب المتهم معترفًا بجريمته التي نفذها بكل برود انتقامًا من زوجته، التي كانت تترك الأطفال له بعناد بعد كل خلاف. حضرت الأم مذعورة بعد الحادث وفي حالة انهيار وحزن شديد، غير مصدقة نهاية أطفالهما الذين دفعوا ثمن خلافاتهما الزوجية وحياة الاستهتار.
حُرِّر محضر بالواقعة، ويواصل رجال المباحث جهودهم بإجراء التحريات وسماع أقوال الشهود في الجريمة التي هزّت أرجاء البلدة. قررت النيابة حبس المتهم بقتل أطفاله الثلاثة أربعة أيام على ذمة التحقيقات، مع مراعاة التجديد له في الموعد لحين إحالته لمحكمة الجنايات. ولا يزال التحقيق مستمرًا.
جرائم متكررة
جدير بالذكر أن هذا الحادث هو الخامس من نوعه خلال الأيام القليلة الماضية. سبقه قيام سيدة بمدينة الشروق بالقاهرة بقتل أطفالها الثلاثة أثناء نومهم لعدم قدرتها على رعايتهم بعد انفصالها عن والدهم. وأخرى بمحافظة الجيزة تخلصت من طفليها لكثرة خلافاتها الزوجية. وثالث في مركز قويسنا بمحافظة المنوفية انهال على نجليه بالضرب حتى الموت بسبب رغبتهما في العودة لوالدتهما المطلقة. والرابع بصعيد محافظة سوهاج، الذي أنهى حياة أولاده الثلاثة وانتحر بعدها شنقًا لترك زوجته المنزل بعد خلاف معه. كل ذلك وأكثر نتيجة للتفكك الأسري الذي يدفع ثمنه أطفال أبرياء حياتهم ثمنا لصراعات الوالدين.