يستريح الناس ولا يُستريح، وتمضى صفحة حياته فى سباق مع الريح ويمضى فى المسالك والدروب .
كان الدكتور طه حسين عميد الأدب العربى يتعجب من أمر الصحف فى مطلع حياته إذا طلبت منه أن يكتب لها بانتظام وكان يرى أن الكاتب يكتب عندما يريد وفى الوقت الذى تلح الأفكار لكنه اضطر أن يغير رأيه ويوافق على الكتابة بانتظام لأن القارئ ينتظر كاتبه على أحر من الجمر فى الوقت المحدد وفى نفس المكان ونفس الصفحة.. يبدأ الكاتب رحلة المعاناة بالبحث عن فكرة جديدة للمقال ويختار المدخل المناسب وأفضل طريقة لعرض فكرته والختام المقنع القوى وأخيراً العنوان الجاذب.
والكاتب يقرأ مئات السطور ليكتب عشرات الكلمات ويقدم خلاصة تجاربه وتجارب الآخرين فى الداخل والخارج والماضى والحاضر ويقدم كل ذلك فى سياق تحليلى ونقدى واضح قوى متماسك. .وتتدرج الفائدة من الأخذ بما جاء فى المقال بحذافيره أو بجزء بسيط منه فهو عقل الأمة وقلبها وضميرها والكاتب الصحفى لا يعد لمقاله دراسة جدوى خوفاً أو طمعاً ولكنه يقول ما يراه بصدق وعلم وإدراك، يقدم الكاتب من خلال مقالاته معلومات جديدة وتجارب عديدة وتحليلات مفيدة ووجهات نظر سديدة..وكل ذلك لا يتحقق إلا من خلال عقل راجح وقلب سليم ومعرفة موسوعية ونظرة موضوعية.
والرأى فى رأى شاعر العربية الشهير أبى الطيب المتنبى يسبق الشجاعة ويتفوق عليها ويؤكد ذلك فى قول الرأى قبل شجاعة الشجعان وهو أول وهى المحل الثاني. والكاتب لا يستريح إلا دقيقة واحدة بعد أن يفرغ من كتابة مقاله يعود بعدها إلى دائرة العذاب والمعاناة من جديد يسابق الريح ويجر عربته ويمضى عبر المسالك والدروب كالجواد الجريح.