صدرت مؤخراً مذكرات كاتب السيناريو الراحل فيصل ندا عن هيئة الكتاب، وهى مذكرات ضرورية أنها تحفظ لصاحبها بعض الحقوق التى ضاعت فى زحام السنين والأحداث، فهو يستحق لقب رائد كتابة المسلسلات التليفزيونية لأنه قام بكتابة سيناريو مسلسل «هارب من الأيام» للمخرج الكبير نور الدمرداش وهو أول مسلسل يقدمه التليفزيون لجمهوره عن قصة لثروت أباظة وكان مرشحاً للبطولة فى البداية وحش الشاشة فريد شوقي، ولكنه خاف على نجوميته وحب الجمهور له ونصحه أصدقاؤه أن عمله بالتليفزيون سوف يؤثر على النجاح الهائل لأفلامه السينمائية واستجاب لهم، وقرر نور الدمرداش إسناد بطولة المسلسل إلى نجم المسرح عبدالله غيث وكان شاباً لا أحد يعرفه إلا رواد المسرح القومي.
كذلك كتب فيصل ندا سيناريو وحوار خماسية «الساقية» لوزير الثقافة الأسبق عبدالمنعم الصاوى وهو أول مسلسل أجزاء أخرجه نور الدمرداش وكان الجزء الأول بعنوان «الضحية»، ثم الجزء الثانى بعنوان «الرحيل» وحقق نجاحاً كبيراً من بطولة سميحة أيوب وملك الجمل ونجمة إبراهيم وعبدالغنى قمر وصلاح السعدنى وزيزى مصطفي.
ثم يأخذ فيصل ندا خطوة أكبر عندما أقنع عميد المسرح يوسف وهبى ببطولة مسلسل «العبقري» مع المخرج سعيد عبادة والنجوم: محمود المليجى ومحمد رضا وعبدالمنعم مدبولى والوجوه الجديدة: حسن مصطفى والسيد راضى وسعيد صالح وكان أول مسلسل كوميدى يتم عرضه فى شهر رمضان ونقل وزير الإعلام د. عبدالقادر حاتم لأسرة المسلسل إعجاب الرئيس عبدالناصر حتى أنه لا يخرج بعد الإفطار إلا بعد مشاهدة حلقة مسلسل «العبقري» مع أسرته.
كما أن للراحل فيصل ندا تجربة مع السينما الجماهيرية فى عدد كبير من الأفلام مع المخرج حسام الدين مصطفى فى سنوات الستينيات والسبعينيات، وكذلك فى المسرح عندما كتب مسرحية «المتزوجون» لثلاثى أضواء المسرح والتى حققت نجاحاً هائلاً مع سمير غانم وجورج سيدهم والنجمة الصاعدة شيرين فى أول أدوارها على المسرح، وكان النجاح الساحق لمسرحية «المتزوجون» دافعاً لاتجاه فيصل ندا لشراء مسرح هدى شعراوى وتأسيس فرقة مسرحية خاصة به، ولكن المسرح كما هى العادة يعتمد فى نجاحه على النجم الذى يقوم ببطولة الأعمال التى يقدمها مثل عادل إمام مع الفنانين المتحدين وسمير غانم مع الثلاثى ومحمد نجم وغيرهم، وقد كان المسرح الكوميدى منذ تأسيسه يعتمد على النجوم مثل نجيب الريحانى وعلى الكسار وإسماعيل ياسين، لكن فيصل ندا اختلف مع سمير غانم ثم عمل معه النجم يحيى الفخرانى ووقعت بعض المشاكل الإدارية الخاصة بملكية المسرح حتى توقف عن العمل رغم حماس فيصل ندا الهائل لاستمرار الفرقة التى أراد لها تقديم نوعية مختلفة من الأعمال، فقد كان لديه طموح لا ينتهى من أجل إسعاد الجمهور لكنه فشل فى قراءة الواقع الفنى والمسرحى فى تلك المرحلة، وفى النهاية ألقت مذكرات فيصل ندا التى صدرت بعنوان «رحلتى مع الدراما ونجوم الفن» الضوء على رحلة إبداع واحد من عشاق المسرح والدراما فى مصر.