الوعى.. السلاح والدرع
من مخاطر السوشيال ميديا
أخطر من المعارك الطاحنة التى دارت بين «عزرائيل وإيران» وضرب أمريكا للمفاعلات النووية.. وتهديد طهران قبل وقف الحرب باستنساخ هيروشيما ونجازاكى.. فى العاصمة الإيرانية.. الأخطر من كل ذلك.. هو إدارة السوشيال ميديا والذكاء الاصطناعى لهذه المعركة.. وتوجيه الرأى العام «المغيب» عن هذا التطور التكنولوجى العجيب.. عن الحقائق.. وقيادته إلى حيث يريد وهو معصوب العينين.. وأصبح ما يتداوله ويروج له هذا الذكاء الاصطناعى يفوق تصورات وقدرات البشر خاصة فئة البسطاء الذين يلهثون عبر السوشيال ميديا إلى أى خبر جديد فى ظل البحث عن الحقيقة الغائبة.. ومجريات الأحداث المتلاحقة.. ووصلت قدرات الذكاء الاصطناعى إلى ما يفوق خيال البشر.. فيمكن أن يعيد الأموات إلى الحياة وبالصوت والصورة والإيماءات والحركات أن يدلوا بتصريحات ويتحدثوا عن حقائق وأسرار تصيب الإنسان بالدهشة والغرابة وفى قضايا حيوية يمكن أن تغير الرأى العام فى أى مكان 360 درجة.. فعلى سبيل المثال يأتى برئيس سابق ويتحدث عن قضية حيوية أو قيادة حالية.. ويفجر أسراراً وحقائق.. قد تقلب الطاولة تماماً وتوجه الملايين إلى حيث يريد ويصل إلى الهدف بأيسر وأسرع الطرق.. ويمكن أن يقولك أنت الإنسان البسيط ما لم تقل.. ويأتى بإنسانة بريئة ويجعلها ملكة أفلام إغراء!
>>>
وفى معركة «عزرائيل» وإيران.. يلعب الذكاء الاصطناعى دوراً لا يقل عن النووى قوة وتأثيراً.. ويقود ملايين المتابعين واللاهثين وراء الحقائق إلى حيث يريد ويهدف.. فكيف يؤلب العالم على إيران ويجعل أوروبا كلها تدرك خطورة هذا النظام.. ينشر من البوستات المفبركة وصور الضربات والحرائق والتفجيرات التى لو كانت صحيحة.. لما رأيت «تل أفيف» موجودة ولسارعت «عزرائيل» بطلب وقف النار.
وينشر من البوستات المصحوبة بالصور والتصريحات النارية لمسئولين من بنات أفكاره وخياله وأهدافه.. وينشر من القصص والروايات الغريب والعجيب.. ويستطيع فى لحظات أن يشعل نار الفتنة فى أى مجتمع فى ثوان معدودة وبالصوت والصورة.. وتناولت منذ سنوات بعض البرامج هذه الظاهرة.. التى بدأت «بالفوتوشوب». وضع أى صورة لأى إنسان مع نجوم الفن والرياضة والسياسة والزعماء بشكل طبيعى لا تخطئه العين.. وكانت رسالة البرنامج عبارة واحدة تجاوزت مقولة مش كل اللى تسمعه تصدقه.. وهى «مش كل اللى تشوفه.. تصدقه».. ويقود الذكاء الاصطناعى معركة فتنة كبرى بين الشيعة والسنة وبين النظام الإيرانى والآخرين ويظهر «تل أبيب» وكأنها احترقت تماماً ولم يبق فيها بشر.. من أجل إيقاظ وتعجيل الدعم الأوروبى وزيادة الدعم الأمريكى للتوسع العزرائيلى وتدمير إيران كالعراق وسوريا وليبيا والسودان.. وإحكام الحصار على «الجائزة الكبرى».
>>>
والذى يعود ويطالع الخداع الأكبر الذى وقع فيه الشعب الهندى إبان تبادل الهجمات مع باكستان منذ أسابيع وقبل وقف إطلاق النار.. روجت الفيديوهات والبوستات إلى فتنة كبرى بين الشعبين.. وأظهرت البوستات والفيديوهات أن الهند دمرت كشمير الباكستانية وأوشكت أن تمحو المدينة من الوجود.. ثم تبين لهم أن الواقع عكس ذلك تماماً.
وفى هذه المرحلة وصل الذكاء الاصطناعى إلى مراحل متقدمة فى إدارة الحروب وتحديد الأهداف بدقة وتنفيذ التدمير والقتل والاغتيالات بدقة غير مسبوقة.. وقد تستيقظ البشرية أيضاً على دمار غير مسبوق فى أنحاء المعمورة جراء الذكاء الاصطناعى وتعدد استخداماته.
>>>
وما حدث فى هذه المرحلة من فيديوهات وتصريحات وقصص عجيبة فى عالم الجاسوسية.. وعمليات القتل والاغتيالات الجارية.. يدق ناقوس الخطر من كوارث تسليم الرقاب للسوشيال ميديا.. بحيث تصبح هى المحرك الرئيسى للبشر وهى التى تموج بالرأى العام إلى الوجهة التى تريدها.. ويخضع لأهدافها وفكرها البشر ويسيرون خلفها معصوبى العينين.. وقد أثبتت التقارير والعديد من الدراسات الميدانية أن الانتصار الحالى الذى حققته السوشيال ميديا والإعلام الإلكترونى على الصحافة الورقية هو انتصار وهمى ووقتى وأن أكثر من 80 ٪ من المطالعين لا يثقون فى أخبار السوشيال ميديا.. التى تبث الخبر وتكذبه فى آن واحد وتنشر التقرير ثم ترفعه بعد ثبوت فبركته وكذبه.. بينما لا يحدث ذلك فى الإعلام الورقى الذى لا ينشر إلا الخبر الموثق الصادق.. ويحافظ على مصداقيته مع القارئ والمتلقى حتى لو تأخرت.. وأن نسبة الوعى لدى الجماهير من كذب وفبركة الأخبار والفيديوهات على السوشيال ميديا زادت بصورة كبيرة.. وأصبح التعامل مع السوشيال مجرد تسلية واطلاع دون ثقة أو مصداقية.
إن الوعى ثم الوعى.. هو السلاح والدرع الواقية من مخاطر السوشيال ميديا والذكاء الاصطناعى.
