مسئول إيرانى: «تل أبيب» استخدمت ذخيرة بها يورانيوم
ترامب : لم يتم إخراج أى شىء من موقع فوردو قبل قصفه
دول أوروبية تعتقد أن مخزون إيران من اليورانيوم لا يزال سليمًا
بينما وضعت الحرب أوزارها بدأت حرب تصريحات بين الأطراف المتحاربة، وقدم المرشد الإيرانى على خامنئي، أمس، التهانى للشعب الإيراني، معتبرا أن ما حدث يمثل «انتصارا» على ما وصفه بـ»النظام الصهيونى الزائف».
وقال خامنئى عبر منصة «إكس» فى أول تعليق له بعد الهدنة بين إيران وإسرائيل: رغم كل ذلك الضجيج، ورغم كل تلك الادعاءات، فقد انهار النظام الصهيونى تحت ضربات الجمهورية الإسلامية وتحول إلى حطام.
وكان غياب خامنئي، عن المشهد العام منذ نحو أسبوع، قد أثار حالة من الترقب فى الأوساط السياسية والشعبية، فى وقت تمر فيه بلاده بأزمة غير مسبوقة إثر التصعيد العسكرى مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
من جانبه، شكك المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، أمس، فى جدية الولايات المتحدة بشأن التفاوض مع إيران، مشيراً فى الوقت نفسه إلى أن بلاده لا تزال مستعدة للحوار، وذلك بعد ساعات من تصريحات أدلى بها ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، عبّر فيها عن أمله فى التوصل إلى اتفاق «سلام شامل» مع طهران.
وذكر بقائى أنه «من وجهة نظر إيران، فإن الدبلوماسية لا تنتهى أبداً»، وأوضح أنه «حتى فى ذروة الحرب المفروضة علينا، واصلنا التعامل مع مختلف الجهات الفاعلة»، حسبما نقلت وسائل إعلام إيرانية.
فى سياق آخر، صرح مسئول إيراني، أمس، بأن الفحوص الأولية تشير إلى استخدام إسرائيل ذخيرة تحتوى على يورانيوم منضب فى الضربات التى نفذتها على مواقع «حساسة» فى إيران.
ونقلت وكالة فارس الإيرانية للأنباء عن المصدر قوله إن الاختبارات الأولية توضح «وجود آثار لليورانيوم» فى مواقع إيرانية تعرضت لهجمات إسرائيلية، مما قد يشير إلى استخدام اليورانيوم المنضب.
على الجانب الإسرائيلي، لم تخف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قلقها، فقد نشرت صحيفتا هآرتس ويديعوت أحرونوت خلال الساعات الماضية تقارير استخباراتية تفيد بأن إيران لم تتراجع عن برنامجها النووي، بل قامت بإعادة هيكلته فى مواقع أكثر سرية وأمانًا.
وتشير التقديرات إلى أن إيران، بمساعدة محتملة من روسيا أو كوريا الشمالية، قد تسرّع من بناء قدرات ردع نووية، وهو ما تعتبره إسرائيل «خطًا أحمر وجوديًا».
وقال وزير الدفاع الإسرائيلى السابق بينى جانتس فى مؤتمر أمنى عُقد فى تل أبيب هذا الأسبوع: «لن نسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي. هذه ليست قضية سياسية فقط، بل قضية أمن قومى ومصير الأمة.
وبحسب مصادر مقربة من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، فإن تل أبيب تستعد حاليًا لتوجيه ضربة ثانية أكثر دقة، تعتمد على معلومات استخباراتية محدثة وتكنولوجيا اختراق أكثر تقدمًا. وقد بدأت فعليًا عمليات اختراق إلكترونى واستخباراتى داخل الأراضى الإيرانية، تهدف إلى تحديد مواقع المنشآت الجديدة وتصفية العملاء الإيرانيين العاملين فى البرنامج النووي.
من جانبه، حاول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الرد على كل الاتهامات الموجهة له وقال إن منشأة فوردو النووية الإيرانية لم يتم إخراج شىء منها قبل استهدافها فى إشارة إلى تقارير تتحدث عن نقل طهران لمخزونها من اليورانيوم عالى التخصيب خارج الموقع قبل القصف.
وأوضح ترامب فى منشور على منصة «تروث سوشيال» ان السيارات والشاحنات الصغيرة الموجودة فى الموقع تعود لعمال الخرسانة الذين كانوا يحاولون تغطية قمة الفتحات.. لم ينقل أى شيء من المنشأة الأمر سيستغرق وقتا طويلا، وهو خطير جدا، كما أن المعدات ثقيلة ويصعب تحريكها.
على النقيض تعتقد دول أوروبية أن مخزون إيران من اليورانيوم عالى التخصيب لايزال سليما إلى حد كبير بعد الضربات الأمريكية على مواقع نووية رئيسية فى إيران.
ونقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» عن مصدرين مطلعين على تقييمات أولية للمخابرات قولها إن العواصم الأوروبية تعتقد أن مخزون إيران البالغ 408 كيلو جرامات من اليورانيوم المختصب بما يقارب مستويات الأسلحة لم يكن مركزا فى فوردو أحد موقعيها الرئيسيين للتخصيب، وقت الهجوم الأمريكي.
فى غضون ذلك، عقد وزير الدفاع الأمريكى بيت هيجسيث، مؤتمرا صحفيا، لعرض تقييم جديد للضربات التى استهدفت منشآت إيران النووية نهاية الأسبوع، بعد سجال بشأن مدى تأثير القصف الأمريكى على برنامج طهران النووي، مؤكداً أن «ما فعله الجيش الأمريكى فى إيران أمر تاريخي».
وقال هيجسيث إن «عملياتنا ضد إيران أوقفت الحرب وقد ساهمنا فى تراجع عمل منشآت إيران النووية لسنوات طويلة». وأضاف بأن «وسائل إعلام أمريكية قللت من أهمية إنجازنا فى إيران».
وقال وزير الدفاع الأمريكى إن ترامب وضع شروطا لإنهاء الحرب الأخيرة، مشيراً إلى أن الضربات على إيران كانت الأكثر صعوبة فى التاريخ. وشدد على أن «هناك محاولات لتحريف الوقائع بشأن عمل إدارة الرئيس ترامب».
بدوره أكد جون راتكليف مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سى أى إيه» فى بيان، انه وفقا لمعلومات موثوق بها فإن برنامج طهران النووى «تضرر بشدة من جراء الضربات الموجهة الأخيرة».
وأضاف البيان «ان هذا الأمر يستند إلى معلومات جديدة من مصادر موثوق بها ودقيقة تاريخيا تفيد بأن منشآت نووية إيرانية رئيسية عديدة قد دمرت وإعادة بنائها قد تستغرق سنوات عدة».
وفى تطور موازٍ، بدأت الأجهزة الأمنية الإيرانية حملة اعتقالات واسعة داخل البلاد، استهدفت العشرات ممن يُشتبه بتعاونهم مع جهاز الموساد الإسرائيلى ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.
وبحسب ما نقلته وكالة فارس شبه الرسمية، فإن الحملة تتم فى «أقصى درجات السرية»، ضمن ما يُعرف بمنهج «الحاجة إلى المعرفة فقط.
ويرى خبراء أن هذه الإجراءات ستجعل من الصعب مستقبلاً على أجهزة الاستخبارات الأجنبية تنفيذ عمليات نوعية داخل إيران، مما قد يدفع نحو خيار التدخل العسكرى المباشر بدلاً من العمل السرى الطويل الأمد.