مجلس الأمن الدولى عاجزًا عن اتخاذ أى قرار فعّال يلجم دولة الاحتلال
فى مشهد يتكرر منذ عقود، وبينما تسفك دماء الأبرياء فى غزة، يظل مجلس الأمن الدولى عاجزًا عن اتخاذ أى قرار فعّال يلجم العدوان الإسرائيلى. والسبب الدائم حاضر: فيتو أمريكى جاهز لحماية إسرائيل، مهما ارتكبت من مجازر وجرائم ضد الإنسانية.. منذ إنشاء دولة الاحتلال الإسرائيلى، وجدت الولايات المتحدة فى هذا الكيان أداة لتحقيق مصالحها فى الشرق الأوسط، فوفرت له كل أشكال الدعم العسكرى والسياسى والاقتصادى، وعلى رأسها الغطاء الدولى عبر حق النقض «الفيتو» داخل مجلس الأمن.
استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو أكثر من 45 مرة منذ عام 1972 لإسقاط قرارات كانت تدين إسرائيل أو تطالب بوقف انتهاكاتها.. كان آخرها حينما حاول المجلس تمرير قرار بوقف اطلاق النار وفتح ممرات إنسانية لغزة، بعد تصاعد أعداد الشهداء والجرحى، وتدمير المستشفيات والمدارس ومخيمات اللاجئين.
رغم أن مشروع القرار حظى بدعم واسع من معظم أعضاء المجلس، إلا أن الولايات المتحدة وحدها أسقطته بحركة قلم.. ضاربة عرض الحائط بدماء المدنيين وبالقانون الدولى.ورغم الإدانات الحقوقية الدولية الواسعة، ظلت إسرائيل بمنأى عن أى عقوبات دولية، بفضل الفيتو الأمريكى.. هذا الغطاء السياسى الذى توفره واشنطن للاحتلال، جعل من إسرائيل دولة فوق القانون، تمارس القتل والتدمير والحصار الممنهج دون خوف من حساب أو عقاب.
إن الجميع يدرك أن أى مشروع قرار يدين إسرائيل أو يطالب بوقف اعتداءاتها المتكررة فى فلسطين ولبنان سيُجهض على الفور، بسبب الفيتو الأمريكى الجاهز.
هذا الواقع جعل من مجلس الأمن مؤسسة عاجزة عن أداء دورها، مكتفية بالبيانات والتصريحات، فيما تتزايد أعداد الضحايا، وتُهدد شعوب المنطقة بمزيد من الخراب.. بات معروفًا أن القرار داخل المجلس ليس بيد الأغلبية ولا وفق القانون الدولى، بل مرهون بإرادة الولايات المتحدة فى حماية حليفها الإسرائيلى مهما ارتكب من جرائم.
لا توجد دولة فى العالم حظيت بهذا الكم من الحماية المطلقة فى مجلس الأمن كما حظيت به إسرائيل.
فيما وقفت أمريكا عاجزة أو صامتة أمام أزمات إنسانية كبرى وكانت تتحرك سريعًا عند أى مشروع قرار يمسّ الاحتلال الإسرائيلى.. هكذا تحوّل الفيتو الأمريكى من أداة لحفظ الأمن والسلم الدوليين، إلى درع سياسى يوفر الحصانة لإسرائيل.. إن استمرار الولايات المتحدة فى حماية إسرائيل من العقاب الدولى عبر الفيتو، يجعلها شريكًا مباشرًا فى الجرائم المرتكبة فى غزة والقدس والضفة الغربية، وفى التصعيد الإقليمى المتزايد.
فما معنى أن تُقتل النساء والأطفال فى وضح النهار، ويُدمّر كل شىء، ويُحاصر شعب بأكمله، بينما يظل العالم عاجزًا عن اتخاذ موقف بسبب توقيع أمريكى واحد؟.. إن إلغاء هذا الحق الجائر أو تحجيمه، بات ضرورة ملحة إن أراد المجتمع الدولى استعادة الحد الأدنى من مصداقيته، وإنصاف الشعوب المقهورة وعلى رأسها الشعب الفلسطينى.