>> لماذا لم يعُد المصريون يندهشون أو يجزعون عندما يشاهدون فى نشرات الأخبار أو يقرأون فى الصحف تفاصيل حوادث قتل الأمهات لأطفالهن أو سقوط المبانى فوق رءوس ساكنيها ودفن الضحايا تحت الأنقاض؟!
للأسف.. أصبحت هذه الحوادث معتادة وتقع كثيراً فقد المواطنون القدرة على ملاحقتها.. ولم يعُد لديهم سوى التعاطف اللحظى مع الضحايا وأسرهم.. خاصة وأن العنف والقتل والدمار والتشريد تحول إلى طقوس يومية ليس فى الشارع المصرى فقط ولكن فى المنطقة من حولنا بل فى كل أنحاء العالم.. والأهم انه لا توجد خطوات جادة وملموسة من الجهات المعنية بالأخلاق لعلاج «الانهيار الأخلاقى» الذى أصاب الشخصية المصرية التى تم تجريفها منذ سنوات طويلة.. ولا لإيقاف نزيف الدماء الناتج عن «انهيار المبانى الآيلة للسقوط» المتواجدة فى مختلف المحافظات دون استثناء!!
قد يتساءل البعض ما العلاقة بين قتل أم لأطفالها أو ابن لابيه أو ضرب فتاة لوالدتها وطردها من بيتها وبين سقوط عمارة؟! والجواب ببساطة أن كليهما ناتج عن فساد الأخلاق والتغيرات الاجتماعية التى شهدتها مصر والعالم منذ منتصف السبعينيات وحتى الآن وبالتحديد بعد حرب أكتوبر والانتصار الكبير الذى حققه الجيش المصرى ووقوف العرب إلى جانب مصر وسوريا واتحاد كلمتهم ربما لأول مرة فى العصر الحديث وهو ما جعل الغرب والصهيونية العالمية تبدأ مخططاً لهدم الأخلاقيات العربية ومحاربة الإسلام وتفتيت الأمة وتحطيم كل الثوابت وضرب كل الجيوش القوية فى المنطقة فى العراق وليبيا وسوريا والسودان ولا مانع من إيران.. ثم مصر!!
استهدف المخطط «الصهيو-غربى» تغيير طبيعة الشخصية المصرية المتسامحة المشهورة بالطيبة والشهامة والرضا بالمقسوم ومساعدة الآخرين والحفاظ على الأسرة واحتضان الآباء والأمهات لأبنائهم وبناتهم والتمسك بالأصول والعادات والتقاليد والتعاليم الدينية والقناعة والحياء.. كما ركز المخطط على زرع ثقافة العنف والإرهاب والغل والتشفى وأخذ الحق باليد وليس بالقانون.. وعمل على تكريس ثقافة الأنانية وجعل المال هو اللغة السائدة فزادت التطلعات ولم يعُد هناك من يرضى بحاله والكل ينظر إلى ما فى يد غيره ويحقد على من عنده.. والأهم انحراف الشباب فى التطرف إما جهة الإرهاب أو الانفلات الأخلاقى عن طريق المخدرات والجنس.. وظلوا طوال نصف قرن ينفذون مخططهم!!
لم تفلت طبقة من التجريف الأخلاقى.. فمن يتتبع الحوادث العائلية سيجدها بين الفقراء والأغنياء على السواء.
فآخر حادث لقتل أم لثلاثة من أطفالها خنقاً كان لسيدة تعيش مع أولادها فى فيلا بالشروق وهم تلاميذ بالمدرسة البريطانية.. ونفس الحادث تقريباً وقع فى إحدى العزب التابعة للخانكة بالقليوبية فى رمضان الماضى حيث خنقت أم أطفالها الثلاثة.. والغريب انه قيل ان السبب فى الجريمة هو المرور بضائقة مالية تساوى فى ذلك سيدة الحى الراقى وسيدة العزبة البسيطة!!
.. وإذا عدنا إلى حوادث سقوط المبانى ففى مدة لا تتجاوز الاسبوع انهارت عمارة بالإسكندرية والسيدة زينب وحدائق القبة وأخيراً شبرا.
وكان قد تكرر سقوط العمارات سواء فى هذه المناطق نفسها أو فى غيرها بمختلف المحافظات لدرجة ان أحد أساتذة الهندسة قدر عدد المبانى الآيلة للسقوط فى مصر بحوالى 120 ألف مبنى منها أكثر من 24 ألفاً فى الإسكندرية وحدها.. وهناك من صدرت له قرارات إزالة.. ولكن لم تنفذ.. وكل هذه الحوادث منها ما هو لانتهاء عمرها الافتراضى أو تأثرها بانهيارات أرضية والغالبية منها نتيجة «لانهيار أخلاقى» وفساد الذمم عبر عقود سواء ممن قاموا بالبناء أو من الأحياء والمدن التابعة لها.. أرأيتم كيف وصل بنا الحال بالشخصية المصرية التى كانت تتقى الله فى عملها وترفض الرشوة والغش والربح على حساب حياة الناس.. ولو كان الشخص محتاجاً.. فكرامة المصرى كانت أغلى عنده من كل كنوز الدنيا حتى «لو أكلها بدقة»!!
هى ظواهر عارضة يمكن القضاء عليها بسهولة إذا انتبهنا إليها ووضعنا خطة العلاج بحكمة وبدأنا تنفيذها بسرعة قبل أن تستفحل فى المجتمع.. لذلك لابد من الاستعانة بعلماء الاجتماع والنفس لانقاذ الشخصية المصرية من هذه الظواهر الدخيلة عليها.
.. ولابد أن يلعب الإعلام دوراً فى إنقاذ الأسرة من التدهور الأخلاقى وزيادة التطلعات الناتجة عن الإعلانات الاستفزازية. ولابد للمجلس الأعلى للإعلام وأجهزة الدولة ان تعمل على وقف الأفلام والدراما الهدامة والمشجعة على العنف والقتل وبث الفرقة وإشاعة ثقافة الغل والتشفى والإرهاب والمخدرات.. وإذا كانت جرائم قتل الأمهات لأطفالهن نتيجة الحالة المالية فلابد من تدخل الأزهر والكنيسة وعلماء الدين لإعادة ثقافة الرضا بالمقسوم أو عدم التباهى والتفاخر وتحميل ميزانية البيت بأكثر من قدرة الأب والأم ثم بعد ذلك يشعرون بضائقة مالية تصيبهم بحالات نفسية لأنهم لا يستطيعون تلبية التطلعات.. فإذا كانوا من البداية لا يستطيعون سداد مصاريف مدرسة خاصة أو أجنبية حتى تخرج الأولاد فلا داعى من البداية..!!
أما ملف انهيار العمارات فلم يعُد يحتمل التأجيل ولابد من تحرك سريع من الحكومة… وقد طالبت منذ سنوات بإعلان مشروع قومى لانقاذ المبانى الآيلة للسقوط فى جميع المحافظات ووضع جدول زمنى لا يزيد على 3 سنوات لحصر جميع هذه المبانى المهددة بالانهيار ويتم إخلاؤها فوراً من سكانها مع تدبير أماكن بديلة لهم للانتقال إليها.. ثم البدء فى ترميم العمارات أو هدمها وإعادة بنائها.. ولأن المشكلة أكبر من إمكانيات أغلب المحافظات فمطلوب تكاتف كل أجهزة الدولة والمجتمع المدنى والجمعيات الأهلية فى هذا المشروع مثلما حدث عندما تم تطوير عشوائيات المناطق الخطرة وتحويلها إلى مناطق حضارية تليق بالمواطنين وتنقذ الأرواح والممتلكات من الدفن تحت الأنقاض.!!
وحدة المسلمين .. هجرة جديدة!!
يستقبل أكثر من 2 مليار مسلم العام الهجرى الجديد وكلهم أمل أن يكون أفضل من سابقه.. ويتوجهون بالدعاء إلى الله أن يوحد كلمة أمتهم وتتغير أحوالهم إلى الأفضل كما كانت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة أهم حدث غيَّر حياة المسلمين وأدى لبناء الدولة وأرسى قواعد المجتمع الإسلامى لذلك قال عنها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب «الهجرة فرقت بين الحق والباطل.. فأرخوا بها» ومن يومها اجتمع الصحابة على اتخاذها بداية للتقويم.
>> لن تعود للأمة قوتها إلا بالتمسك بتعاليم الإسلام والعمل بكتاب الله وسُنة النبى.. والحفاظ على التراث والأخلاق.. وهجرة كل ما يخالف عقيدتهم.