أخطر ما كشفت عنه حرب إيران وإسرائيل أن الحروب التقليدية انتهت وأصبحت أقوى الأسلحة وأعتاها.. هى حرب الجواسيس.. فالضربة الأولى جاءت من داخل إيران، كيف؟!.. الجديد، أن العملاء الذين يتم تجنيدهم لا يقتصر دورهم على جمع المعلومات، إنما المشاركة فى الحرب.. عملاء إسرائيل فى إيران قاموا بزرع الألغام وتصنيع الطائرات المسيرة، طبقا لما أعلنته رسمياً إيران.. وقالت إنه تم ضبط قنابل يدوية فى محافظة غيلان شمال إيران.. أعلنت إيران انها ألقت القبض على 14 جاسوساً فى مدينة جيرفت.. وفى اليوم التالى 14 جاسوساً.. والعجيب أن اغتيال إسماعيل هنية أثناء وجوده فى إيران، جاء عن طريق العملاء والخونة.. نحن أمام ظاهرة جديدة لتطوير عمل الجاسوس أو العميل ليصبح أداة من أدوات الحرب.. بالتدمير والتخريب، وكأنه رجل عسكرى يقف جنباً إلى جنب مع الجيش الذى يعمل لصالحه.. أما الخلايا النائمة فهى الأخطر.. هل تتذكرون فضيحة لافون.. لقد أعادت حرب إيران وإسرائيل هذه الفضيحة للأذهان.. وهى عملية سرية لعملاء جواسيس يهود يقومون بعدة تفجيرات ضد أهداف أمريكية وانجليزية وأيضا مصرية.. بهدف إساءة العلاقات بين مصر وأمريكا وانجلترا.. عقب قيام ثورة 23 يوليو 1952، وقد أطلق عليها فضيحة لافون نسبة لوزير الدفاع الإسرائيلى فى ذلك الوقت.. بدأت أعمالها التخريبية فى 3 يوليو 1954 بحريق مكتب البريد الرئيسى فى الإسكندرية.. وتلتها بستة أعمال أخرى.. وبعد 15 يوما تم اكتشاف قنابل حارقة بمكتبة المركز الثقافى الأمريكى بالقاهرة.. وفى نفس اليوم اندلعت الحرائق فى المركز الثقافى الأمريكى بالإسكندرية.. وبالصدفة تشتعل النيران فى ملابس عميل إسرائيلى.. وهو جالس فى مقاعد المتفرجين بسينما ريو بالإسكندرية.. وكان ضابط المباحث المكلف بحراسة السينما الملازم أول أحمد رشدى، الذى أصبح وزيراً للداخلية، قد قام بتفتيش هذا الشاب ليجد فى جيب بنطلونه بقايا مواد قابلة للاشتعال من نفس النوع الذى وجد فى الحرائق السابقة.. ويقتاده أحمد رشدى لقسم الشرطة، حيث يكتشــف أنه اليهـــودى هرمــــان ناتانسون «21 عاما» ويعثر البوليس على قنابل مشابهة فى سينما ريفولى وراديو بالقاهرة.. وتم ضبط 13 متهماً يهودياً، واعترفوا بأنهم تدربوا فى إسرائيل على عمليات التخريب.. وأن هذه الخطة تم عرضها على بن جوريون رئيس وزراء اسرائيل الذى وافق عليها.. قفز إلى ذهنى الجاسوس الإسرائيلى إيلى كوهين من أصل سورى، الذى اشتهر فى سوريا باسم كامل أمين ثابت، تسلل إلى سوريا عام 1961 متنكراً فى شخصية كامل أمين ثابت واستطاع بناء علاقات قوية متينة مع كبار رجال الحكومة وأيضا الأمن.. نجح فى الحصول على ثقة الجميع كرجل أعمال سورى ناجح جداً.. قدم لإسرائيل معلومات حساسة عن الجيش السورى والحكومة أيضا.. وقد تعرف عليه مصرى من الذين يعملون فى السفارة المصرية بدمشق.. وأبلغ عنه الرئيس السورى، الذى كان سوف يسند إليه أحد المناصب المهمة فى سوريا.. وتمت محاكمته وإعدامه شنقاً فى 18 مايو 1965.. وفى مايو 2025، أى بعد 60 سنة من إعدامه، نجح الموساد فى الحصول على ملف محاكمته ونشاطه بالكامل من سوريا.. ولكنهم لم يعثروا على جثمانه حتى اليوم.. ولكن نحن أمام نفس هذه الظاهرة، التى تتمسك بتنفيذها إسرائيل على مدى الزمن.. تم القبض أخيراً فى اليوم الثانى للحرب الإيرانية- الإسرائيلية على كاترين بيريز شكوم جاسوسة إسرائيلية، اخترقت المجتمع الإيرانى، ادعت إنها أسلمت واعتنقت المذهب الشيعى وارتدت الحجاب..