تصر أمريكا ان تحتفل بذكرى جريمتها منذ 80 عاماً، التى مازالت تنتج آثارها حتى الآن ودون مسائلة دولية، خاصة بعد أن استشرت بجبروتها، صارخة فى العالم كله: أنا الشيطان الأكبر، هل من معترض؟!
أقصد مرور 80 عاما بالتمام والكمال وبالتحديد 6 أغسطس المقبل على قيام الكاوبوى الامريكى بأول هجوم فى العالم بقنبلة ذرية فى 6 أغسطس 1945، والنتيجة قتل نحو 140 ألفاً من سكان مدينة هيروشيما اليابانية، الذين قدر عددهم آنذاك بنحو 350 ألف نسمة.
لم يشعر الكاوبوى وقتها بوخز ضمير، فقام بعد ثلاثة أيام بإلقاء القنبلة الذرية الثانية على مدينة ناجازاكى، لتقتل على الفور أكثر من 39 ألف شخص، وتوالى القتلى لاحقاً جراء التعرض للإشعاع الناتج عن القنبلة، أو بسبب الإصابة بحروق بالغة الشدة، ومازالت الأجيال الجديدة تولد مشوهة بسبب هذه الإشعاعات على التركيب الجينى للأجداد والآباء والأمهات.. طبعا كان الهدف استسلام اليابان، بعد أن شكلت تهديداً كبيراً، لتضطر للاستسلام فى 15 أغسطس، ليسدل بذلك الفصل الأخير من الحرب العالمية الثانية.
طوال 80 عاماً، لم يشعر الكاوبوى بوخز ضمير.. بل يشارك بكل ما هو قاتل من أسلحة الدمار الشامل وغير الشامل لوكيله فى المنطقة فى كل مسارح المنطقة، وآخرها غزة والأراضى الفلسطينية المحتلة، ولم يكتف بذلك بل كرر سيناريو هيروشيما وناجازاكى قبل أيام بضرب المفاعلات النووية الإيرانية.. وطبعا من العبث أن نقول إنها مخالفة للقوانين والمعاهدات الدولية، وإنها جرائم لا تسقط بالتقادم، أمام من لا يعترف إلا بالقوة.. من المفارقة أن من يطالبون بحظر السلاح النووى، هم من يمتلكونه، ومن يمتلكونه لا يريدون لغيرهم امتلاكه، ولا عزاء طبعاً للضعفاء وصيحاتهم فى عالم لا يعترف إلا بالقوة!.. المهم، أن ضرب المفاعلات النووية من أمريكا بعد فشل إسرائيل، يطرح تساؤلات عبثية كثيرة، لكن طرحها يكشف الكوميديا السوداء التى نعيشها منها مثلاً:
> تكرار سيناريو العراق الذى تم ضربه بحجة امتلاكه أسلحة دمار شامل، رغم تأكيد الوكالة الذرية عدم امتلاك العراق، ومع ذلك تم الضرب.. والآن المخابرات الامريكية والوكالة الدولية يؤكدن عدم امتلاك إيران، بل وابتعادها عن ذلك، ومع ذلك يتم ضربها.
> إذا كان الهدف منع إيران من امتلاك قنبلة نووية للخطر على السلام العالمى، فهل هذا الخطر لا ينسحب على من يمتلكونها بالفعل مثل إسرائيل مع أكثر من 14 ألف قنبلة نووية فى العالم، والآلاف منها جاهزة للانطلاق فى غمضة عين، ومع ذلك لا يتحرك الكاوبوى الأمريكى، فهل أمنه القومى لا يتأثر بها وقد امتد نفوذه للعالم كله، هل لا يتأثر من قوة تلك الرءوس النووية التى يمكن أن تطال المدن الامريكية وليس الاسرائيلية فحسب، بل باختصار نهاية العالم كله فى لحظة.
> إذا كانت إسرائيل مازالت تبتز ألمانيا بأكاذيب «الهولوكست»، فماذا سيكون مصيرهم من انتهاك العديد من الاتفاقيات الدولية التى تحظر استهداف المنشآت النووية تحت أى ظرف وتعويض من تأثر منها وهو خطير وجريمة مستمرة.. والسؤال: إذا كان لديهم ما يبرر ضرب مفاعلات غير سلمية، فلماذا استهداف محطات كهرباء تعمل بالطاقة النووية لأغراض سلمية؟!
> ماذا عن تخاذل الوكالة الدولية للطاقة الذرية وصمتها، الذى يصل إلى التواطؤ المفضوح ويتناقض مع مســئولياتها فى ضمان سلامة المنشآت النووية وحمايتها من أى اعتــداء؟!.
والسؤال: هل هى محايدة مستقلة، أم أنه فرع من الموساد الإسرائيلى والـ A.I.C؟!
> والسؤال أين المجتمع الدولى وهو يرى حرباً لن تنتهى حتى لو توقفت، من يقدم العون اللازم للضحايا عقب هذه الانفجارات النووية التى تصل للكارثة ومن يساعد لمواجهة الأضرار الهائلة التى ستنجم عن هذه الانفجارات الإشعاعية وستستمر لعقود طويلة، ليست فى أيران وحدها، ولكن للمنطقة كلها.
> المفارقة الغريبة، أن الذى يعاقب بسبب السعى لامتلاك الأسلحة النووية هى من انضمت إلى معاهدة حظر انتشارها ومنها إيران.. يعنى من يدخلها يعاقب، والذى يرفضها ويملكها يضرب من يسعى الى هذه الاسلحة، وعلى فكرة يمكن لـ 122 دولة التى وقعوا عليها الانسحاب منها حتى لا يكون هناك مبرر للقتلة الكبار!!
> السؤال للمتشدقين بحقوق الإنسان والانتقادات الامريكية والغرب للقيادة الايرانية بانتهاك حقوق الإنسان لسجن هذا أو ذاك، فأين حقوق الانسان لشعب لا حول له ولا قوة بدليل معاناته من حكومته كما تروجون، فهل هذه المعاناة تعادل القتل بالإشعاع وبالصواريخ والقنابل، أم قتل الأمريكان هم صلب حقوق الانسان؟!
> هل الهدف الأمريكى لم يتغير منذ 80 عاما، حين شعر بأن اليابان ستنتصر، فقرر إنهاء الجولة بالقنابل الذرية، والآن شعر بأن الإيرانيين أوجعوا وكيلهم الاستعمارى «إسرائيل» وهزوا صورته المحمية بالقبة الحديدية، فإذا بها تتحول إلى مصفاة، وإذا بإيران المحاصرة منذ نحو 35 عاماً تهز صورة الشيطان الأصغر المخزن لديه أسلحة الناتو، والمفتوح أمامه كل مخازن الدمار الأمريكية.
> لمن يزرع اليأس والشقاق بأن إيران وقبلها غزة وحماس لم تستطع هزيمة إسرائيل.. الإجابة بسيطة: الذى يحارب، الكاوبوى الامريكى وليس إسرائيل.. الأسلحة والخطط والطائرات والصواريخ والخبراء والأموال والاقتصاد والتكنولوجيا والمرتزقة، إلخ أمريكية.. فإذا كنتم على الوقوف امام هذا الجبروت، فالميدان متسع.
> نعم قد لا تنتصر إيران، لكن أيضا إسرائيل لن تنتصر.. وربنا يستر على المنطقة والشرق الأوسط الجديد!!