المنطقة تتنفس الصعداء
بعد 12 يومًا من التصعيد العسكرى غير المسبوق بين إيران وإسرائيل، دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ صباح أمس، لتنتهى بذلك واحدة من أخطر جولات المواجهة فى تاريخ الصراع بين البلدين. فيما بقى حلم السلام الشامل الذى سينقذ المنطقة من التصعيد غائباً وقد أثارت الحرب مخاوف إقليمية من انزلاق المنطقة إلى صراع شامل. وتأتى هذه الهدنة لتمنح الشرق الأوسط فرصة لالتقاط أنفاسه، وسط دعوات دولية لإطلاق مسار دبلوماسى يضمن عدم تجدد المواجهات ويعالج جذور التوتر المزمن بين طهران وتل أبيب.
فى الوقت نفسه، أوضح مسئول كبير فى البيت الأبيض، أن الرئيس الأمريكى فاجأ المقربين منه بهذا الإعلان. وأضاف المسئول الذى رفض الكشف عن هويته، أن ترامب أعلن عن الاتفاق بشكل مفاجئ بعد تحدثه مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ومسئولين إيرانيين، بوساطة قطرية، وفق ما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز».
إلى ذلك، أكد المسئول الأمريكى أن نائب ترامب جيه دى فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، الذين قادوا جهود التوصل إلى اتفاق مع الجانب الإيرانى حول البرنامج النووى منذ أبريل الماضي، تواصلوا مع الإيرانيين «قنوات مباشرة وغير مباشرة».
وأضاف أن إسرائيل وافقت على وقف إطلاق النار شرط ألا تتعرض لهجمات إيرانية جديدة. كما نسب المسئول الفضل فى تمهيد الطريق لمناقشات وقف إطلاق النار إلى الضربات العسكرية الأمريكية التى استهدفت ثلاثة مواقع تخصيب نووى إيرانية، السبت الماضي، وهى أصفهان ونطنز وفوردو.
بدوره، عزا ترامب الفضل فى إنهاء الحرب بين البلدين إلى تلك الضربات، واصفاً طيارى قاذفات بى 2 الذين نفذوا الهجمات بالشجعان، وذلك فى منشور لاحق على منصة «تروث سوشيال».
وفى تل أبيب، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو وقف إطلاق النار مع طهران، وقال نتنياهو فى بيان بعد جهود دبلوماسية وأمنية مكثفة، أُعلن عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار شامل مع إيران.
كما أضاف أن هذا الاتفاق سيُنهى القتال الذى دار خلال الأيام الاثنى عشر الماضية. وشدد على أن «إسرائيل ستواصل الحفاظ على أمنها وحرية العمل اللازمة فى أى مكان وزمان». ووجه الشكر إلى جنود الجيش الإسرائيلى وقادته وقوات الأمن، والشعب «على صمودهم ووحدتهم فى هذه الأيام العصيبة»، وفق تعبيره.
فى الوقت نفسه، تبادلت إسرائيل وإيران الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار، بعد ساعات قليلة من دخول اتفاق الهدنة بين الجانبين حيز التنفيذ. بينما ناشد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الطرفين بعدم خرق الاتفاقية.
حيث أكد الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب أن كلا من إسرائيل وإيران انتهكتا وقف إطلاق النار الذى أعلنه، مضيفاً أنه غير راض عن أى من البلدين، وخاصة إسرائيل. وفى حديث للصحفيين قبل مغادرته لحضور قمة حلف شمال الأطلسى فى لاهاي، قال ترامب إن إسرائيل «انسحبت» فور موافقتها على الاتفاق.
كما تابع ترامب مخاطبا إسرائيل: «إذا ألقيتم القنابل فهذا انتهاك جسيم، أعيدوا طياريكم فورا إلى المنازل». وشدد أن على إسرائيل أن تهدأ، مردفاً «سأرى إذا كان بإمكانى إيقافها».
يأتى هذا بعد أن قال التليفزيون الإيرانى إن إسرائيل نفذت ضربات بعد إعلان وقف إطلاق النار. واتهم متحدث باسم القيادة العسكرية الإيرانية، إسرائيل بشن ضربات فى إيران حتى الساعة التاسعة صباح أمس. ويأتى هذا بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلى، أن أنظمة الدفاع لديه رصدت صواريخ تم إطلاقها من إيران باتجاه البلاد، بعد ساعتين ونصف من بدء وقف إطلاق النار.
ونفى رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء عبدالرحيم موسوي، إطلاق أى صاروخ نحو إسرائيل فى الساعات الأخيرة.
من جانبها قالت وكالة «تسنيم» الإيرانية إن «ادعاء إطلاق صاروخ من قبل إسرائيل والحرب النفسية جاءت لإنشاء ازدواجية بين الدبلوماسية والميدان». وأضافت: «تم نفى ادعاء إطلاق الصاروخ من قبل إيران، لكن المسألة هى لماذا يُطرح مثل هذا الادعاء فى هذه الساعات الأولى بعد إعلان نهاية الاشتباك».
وأصدر رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أوامره للجيش بالرد على ما وصفه بـ»الخرق الإيراني» لاتفاق وقف إطلاق النار، عقب ما قال إنه هجوم صاروخى شنّته إيران على مناطق فى شمال إسرائيل، بعد ساعات فقط من دخول الهدنة حيز التنفيذ.
وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن بلاده سترد «بقوة» على الانتهاك الإيراني، مضيفا أن «طهران تتحمل المسئولية الكاملة عن تصعيد جديد يهدد الاستقرار». وتابع كاتس: «وجهت الجيش بالرد بقوة على انتهاك إيران لوقف إطلاق النار بضربات مكثفة ضد أهداف فى قلب طهران».
وبحسب بيان صادر عن الجيش الإسرائيلي، فقد تم رصد إطلاق صواريخ من داخل الأراضى الإيرانية باتجاه عدة مناطق فى شمال إسرائيل، لا سيما فى الجليل.
على صعيد متصل توعد رئيس الأركان الإسرائيلى إيال زمير، بتوجيه ضربات قوية بعد «الخرق الإيرانى الجسيم» لوقف إطلاق النار.
فى الوقت نفسه أعلن الحرس الثورى الإيرانى اعتقال ستة جواسيس فى همدان. كما أكد نائب مسئول العلاقات العامة فى الحرس الثورى الإيرانى بمحافظة همدان، تحديد هوية ستة عناصر كانوا يعملون لصالح جهاز الموساد، معلناً اعتقالهم فى مدن رزان ونهاوند وهمدان. وأضاف أن الموقوفين حاولوا، من خلال أنشطة إلكترونية والتواصل مع عملاء آخرين، إثارة القلق العام وتشويه صورة النظام، وفقًا لوسائل إعلام إيرانية.