«الخطاب الرئاسى» يرسم ملامح النجاة لمنطقة تشتعل
إسرائيل لا تريد أى قوة منافسة لها فى المنطقة، تقف عقبة فى وجه الأطماع والأوهام الصهيونية، والولايات المتحدة تعمل للحفاظ على الهيمنة والسيطرة والجلوس على سدة النظام العالمى القائم، والحيلولة دون ظهور نظام عالمى جديد متعدد الأقطاب، وتنتهج القوة والغطرسة لضمان هذا الهدف، وإيقاف تنامى القوى الدولية والإقليمية الصاعدة من خلال الاستحواذ على مقدرات الشرق الأوسط وممراته التجارية البحرية، وضرب أى مشروعات لامتلاك القوة والقدرة والتقدم، لذلك لا يجب أن يسعد أحد بسقوط أو تحييد القوى الإقليمية واحدة تلو الأخرى، لان حدوث ذلك يعنى طرح السؤال: الدور على مين؟ ولن يسلم من ذلك الصديق والعدو لأمريكا، من هنا فإن إضعاف دول المنطقة الكبرى أو ضرب قدراتها، لا يصب فى صالح دول وشعوب المنطقة، بل يحقق المصالح والمخططات الصهيو ــ أمريكية لذلك، فإن إضعاف إيران بغض النظر للاتفاق أو الاختلاف معها لدى البعض فإنه خطر داهم، وتصدع إستراتيجى فى بنيان المنطقة، ولصالح محاولات تغيير الشرق الأوسط على الهوى والمزاج الصهيونى، فى شكل أقرب إلى سايكس بيكو جديد بحيث لا يصح أن تمتلك دول المنطقة أى قدرات إستراتيجية، بل مطلوب دول تعيش على الفوضى، تحكمها الميليشيات والجماعات الإرهابية التى صنعتها الولايات المتحدة وتعمل لحسابها ومن أجل تحقيق أهدافها ومخططاتها ومصر تدرك هذه الحقائق، وتؤكد على أهمية المسارات السياسية والدبلوماسية لإيجاد حلول للأزمات بين الدول، وكذلك أن يقوم الإقليم بنفسه ومن خلال دوله بحل أزماته وإنهاء صراعاته وترفض كافة أشكال التصعيد التى تفاقم الأزمات ولن تؤدى إلى الأمن والسلام بل إلى مزيد من الصراعات.
الغريب، أن تهلل أكبر دولة فى العالم وتقود النظام العالمى الذى يفترض أن يحقق العدالة ويحافظ على سياسة الدول لأنها مارست الخداع لانتهاك سيادة الدول، فالولايات المتحدة التى ظلت عقودًا تتشدق وتتاجر بالرحمة والإنسانية وحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية أن تدعم حرب الإبادة الصهيونية ضد الشعب الفلسطينى بل هى شريك كامل فى تصفية القضية والشعب الفلسطينى ومحاولات اغتصاب حقوقه واحتلال أرضه، وأيضا الغريب أن الدولة الأكبر فى العالم، تتفاوض مع إيران ولديها اجتماع مع المسئولين الإيرانيين الأحد فى سلطنة عمان من أجل التفاوض حول البرنامج النووى لإيران، لتقوم إسرائيل الخميس فى استباق للاجتماع بالعدوان على إيران وانتهاك سيادتها ثم تهلل أمريكا وتفاخر بأنها شاركت إسرائيل الهجوم، وكانت على علم بموعده ثم يخرج الرئيس ترامب ليتحدث عن 15 يومًا مهلة لإيران للعودة إلى التفاوض ثم يعود وزير خارجيته ليؤكد أن الرئيس ترامب يميل ويؤيد الحل الدبلوماسى، ثم بعد ساعات تقوم «واشنطن» بالهجوم بواسطة القاذفات بى 2 وصواريخ توماهوك من الوحدات البحرية الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية وبمشاركة إسرائيلية فى توفير مظلة حماية جوية للقاذفات، وأيضا الاكتشاف أن الضربات الجوية الإسرائيلية كانت تمهيدًا للهجوم الأمريكى، والسؤال هل هذا هو النظام العالمى الذى تقوده الولايات المتحدة الذى من المفترض أن يحقق العدالة ويحترم سيادة الدول لكن للأسف الشديد النظام العالمى بقيادة واشنطن لا يعرف سوى غطرسة القوة والزعم بأن القوة تحقق السلام، وهذا خطأ فادح ومفهوم بربرى فالقوة تحقق الردع الذى يحافظ على السلام دون الاعتداء على الآخرين وانتهاك سيادتهم.
الحقيقة أن ما حذر منه الرئيس عبدالفتاح السيسى برؤيته الثاقبة وحكمته واستشرافه للمستقبل من خطورة التصعيد واتساع نطاق الصراع وهو ما يهدد المنطقة، لا يستثنى دولة منه، فالذئب الصهيونى المسعور لا يرحم أحدًا، ولن يتوقف عن اشباع غريزته المريضة فى الدم والقتل والتوسع والاحتلال والتآمر وكلما أكل فريسة فكر فى التالية، لذلك لابد أن يكون هناك مشروع إقليمى، تتوحد فيه دول المنطقة لمواجهة الطوفان الصهيونى الذى يعتبر الإبادة، والتدمير، والاحتلال واغتصاب الأرض، وقتل الأطفال والنساء، والتجويع والحصار حقًا مشروعًا للدفاع عن النفس الذى بات ذريعة لشرعنة الباطل، وبدعم أمريكى غربى، واستجابة لكافة رغبات إسرائيل المريضة، لذلك فإن المنطقة مقدمة على مرحلة خطيرة، وعلى شفا حرب إقليمية شاملة، أو ربما حرب عالمية فى ظل صراع تكسير العظام من أجل المصالح، وضرب القوى الدولية الصاعدة، ووأد مبكر لأى تطلعات لإقامة نظام عالمى يريد من خلال غطرسة القوة، وانتهاك وتفكيك دول المنطقة وللأسف الشديد تلعب جماعات التجارة بالدين والمتأسلمة دورًا حقيرًا وخيانة ويتأكد للجميع أنها جماعات وظيفية مجرد أدوات فى المخطط الصهيو ــ أمريكى، لذلك ترى أن تمكين هذه الجماعات الإرهابية هدف قوى الشر، ليقدموا أوطانهم على طبق من ذهب لأعدائه ويحولوها إلى دول مستأنسة لا تملك إلا السمع والطاعة.
المواقف المصرية تدعو إلى الفخر، وتؤكد أننا أمام دولة قوية تملك أدواتها ومقومات القوة والقدرة، ولا تتخلى عن الحق والشرف، تقف على أرض صلبة وعندما تقرأ مفردات ومبادىء الخطاب المصرى، الذى يؤكد عليه الرئيس السيسى فى لقاءاته واتصالاته بقادة العالم، تجد ثوابت لا تحيد ولاتتغير ولا تخشى فى الحق لومة لائم ففى ظل غطرسة القوة والتوترات والصراعات والاعتداء على سيادة الدول، يؤكد الرئيس السيسى أن وقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة هو السبيل إلى إعادة الأمن والاستقرار والسلام للمنطقة والتسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية، وحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية هى مفتاح الحل لأزمات وصراعات المنطقة، ورفض التصعيد الإسرائيلى الذى سيؤدى إلى مزيد من الصراعات والتوترات فى المنطقة ويهدد بحرب شاملة وكذلك الرفض القاطع لتصفية القضية الفلسطينية.
مصر ستظل هى ملاذ الباحثين عن الأمن والأمان، ولن ولم يمسسها سوء والحقيقة أن ما جرى خلال الـ11 عامًا الأخيرة صنع الفارق فى قوة وقدرة الدولة المصرية، لذلك التحية واجبة لقائد عظيم، وطنى شريف، الواقع وما نعيشه يؤكد عبقرية ما انجزه وحققه لوطنه.