فى ثقة العارف بالأمر، تحدثت الإعلامية المشهورة فى برنامجها التليفزيونى عبر قناة معروفة قائلة إن بطل إفريقيا الأشهر ونادى القرن كما يحب مشجعوه أن يطلقوا عليه فى مباراته الثانية أمام نادى بالميراس البرازيلى فى كأس العالم للأندية المقامة حالياً فى أمريكا قد خسر مباراته لأسباب «ماورائية» أو ما سميته باللعنة المسيطرة على ملعب «ميتلايف» ولا علاقة للخسارة باللعب أو كرة القدم.. إنه ملعب مسكون بأشباح تسبب اللعنة التى حالت دون فوز الأهلى، ولم تصب فى الوقت نفسه فريق بالميراس الذى فاز بنتيجة المباراة، وقدمت وفقاً لمعرفتها بالأمر دلائل غاية فى الغرابة والطرافة، وما أعلمه أن اسم «ميتلايف» لشركة عالمية رائدة فى مجال التأمين والخدمات المالية وقد تأسست فى عام 1868 وتخدم ملايين العملاء فى أكثر من 60 دولة حول العالم وقد حصلت على حقوق تسمية الملعب باسمها لمدة 25 سنة.. وبعيداً عن الشركة العالمية واقترانها باسم الملعب الملعون كما رأت المذيعة فإننا إزاء تفسير عجيب لحقائق الواقع، والأهم هو كيف نفكر فى حياتنا على هذا النحو، وكيف أن هناك قوى مجهولة تحول دون إثبات قدراتنا وتحقيق النجاح أو الفوز، بل ونستدعى ظواهر طبيعية كما حدث فى المباراة نفسها من قبل معلق مشهور دعا الناس إلى الدعاء لله أن يحدث برق ورعد فى سماء الملعب من أجل أن تعاد المباراة لعل الأهلى يفوز!
ماذا تعنى «الماورائيات» أو «الميتافيزيقا» أو ما وراء الطبيعة؟!.. إنها أمور غيبية لا تخضع للحس أو الرؤية.. وفى العالم الغربى يهتمون بدراسة «الماورائيات» ولديهم إحصائيات تبين أن أولئك الذين يعتقدون فى وجود الأشباح وتأثيراتها على الحياة فى عالم الواقع هم الأكثر عرضة للخوف من المخاطر الطبيعية، وترى الدراسات أنه كلما كان التعليم الأكاديمى قوياً ومؤثراً قل الخوف من الماورائيات- الأشباح أنموذجاً.. وفى مصر والعالم العربى لا توجد لدينا إحصائيات عن اعتقاد الناس فى الماورائيات أو الأشباح ومدى تأثير هذه المعتقدات على مخاوفهم الشخصية.. وفى العلم يمكن فهم الماورائيات أو الميتافيزيقا التى تختلف عن الاعتقاد الشعبى فى الأشباح التى تنتمى إلى عالم الماورائيات.. كيف؟!. على سبيل المثال، نظرية «أينشتاين» فى النسبية ليست إلا فهماً معرفياً قائماً على الميتافيزيقا لأنه لا يمكن ملاحظتها حسياً لكن فيما بعد تم تطويرها ليؤسس عليها منجزات علمية وعملية، وفى السياق نفسه يمكن ملاحظة التصور الميتافيزيقى للثقوب السوداء، حيث لا يعرف أحد ما شكل الثقوب السوداء، وفيزياء الكم نفسها التى تعد أساس علومنا حالياً هى تصور ميتافيزيقى فى أساسها.
إن الأمر يبدو أشبه بالثقوب السوداء التى تبتلع كل إمكانات التجهيز والأداء وقوة المنافسة لدى فريق بأكمله تحت شعار الظروف غير المفهومة والأحداث غير المعلومة والتبريرات الخرافية.. ويأتى المبدع صلاح جاهين ليكتب بصورة مرحة لكن عميقة معبراً عن الواقع وما يختبئ وراءه، الشوارع حواديت.. حوادايه الحب فيها وحواداية عفاريت.. واضحكى يا حلوة لما أسمعك.
