علماء الفضاء العرب أثبتوا أنهم «الأشطر» والأجدر و«الأفهم» و«الأنجح» و«الأنجع»، وكل مشتقات أفعل التفضيل، من علماء الأرض العجم، فطبهم غير كل الطب المعروف، وعلمهم يتجاوز حدود المعقول والمألوف.. وقبل الاسترسال اعتذر عن الخطأ اللغوى الذى وقعت فيه فى بداية المقال، عندما أشرت إلى علماء «الفضاء» فيما كنت اقصد علماء «الفضائيات».. فقد اختلط عليّ الأمر أو ربما «التبس».
علماء «الفضائيات» العرب من صفاتهم أنهم لا يعرفون المستحيل، ولا يقبلون بغير الانتصارات المدوية، وأن لديهم مهارات خطابية وإمكانيات لغوية تجعلهم قادرين على الإقناع بما لا يقبل الاقتناع.. فتناول السكريات يعالج مرض السكر، والعقم المستعصى يزول، مهما كانت الأسباب، خلال 21 يوما بالتحديد، لا تقل ولا تزيد، وهو ما نشاهده بأم أعيننا عندما يرفع الدكتور «الكومبارس» أو «الافتراضى» أو «الموديل» سماعة الهاتف ليقول لمريضه الذى يعانى من عقم مستعص لم يمنعه من إنجاب عشرة أطفال: «مبروك» يا «أوستاظ».. فالاوستاظ انجب طفله الثانى عشر بعد عقم مستعص.
أما الخلطات السرية السحرية فتعالج جميع الامراض.. بدءا من الامراض المناعية وصولا الى السرطان المنتشر والميؤس من علاجه مرورا بعشرات الأمراض الأخرى.. فهى النجم اللامع الساطع المتألق عند خبراء الطب الفضائى.. اذكر ان صديقا اصيبت زوجته بالسرطان وكان فى مراحله الأولى ويمكن علاجه جراحيا وكيميائيا واشعاعيا.. ترك الطب والأطباء ولجأ الى الخلطات السرية السحرية مجهولة المكونات.. رغم تحذيرات الأطباء ونصائح الأصدقاء.. وكانت النتيجة انتشار الورم والوفاة. المشكلة ان أحدا لا يحاسب هؤلاء الدجالين واعلاناتهم لا تخضع للرقابة.. فهى تبث من قنوات مجهولة المكان والهوية.
«عم حسن» الستينى البسيط، دخل التاريخ الفضائى العربى من أوسع أبوابه ولم يخرج منه أبدا، فقد أصبح جزءاً منه بعد أن انضم إلى قائمة ضحاياه، هذا الرجل الذى كان يعرف مقاسات أرجل جميع سكان ضاحية عزبة النخل القاهرية الوادعة باعتباره صاحب محل إصلاح الأحذية الوحيد، أصيب فى مرحلة متقدمة من العمر بالسكر، ونجح العلاج فى إيقاف تدهور حالته وجنبه الكثير من المضاعفات المؤلمة، إلى ان تغيرت حياته، وانتهت، عندما قاده قدره إلى مشاهدة إعلان فضائى علمى طبى غنائى سينمائى عربى عن علاج السكر بأحد أنواع العسل.. صاحبنا صدق الإعلان واخذ يشرب العسل بنهم حتى دخل فى غيبوبة لم تتحملها شيخوخته. عم محمد ليس الوحيد فى قائمة ضحايا الطب الفضائى.. وفى عصر السماوات المفتوحة لا أحد يستطيع ملاحقة باعة الوهم على القنوات الغنائية «الطبية» العربية.. بديهات الطب تقول ان العسل لا يمكن ان يكون علاجا لمرض السكر لانه برغم فوائده العديدة يحتوى على مركبات سكرية عالية السعرات الحرارية والافراط فى تناوله يعنى تجاوز النظام الغذائى الصارم الذى يجب ان يلتزم به من يعانون من هذا المرض.. ولكن للمعالجين فى قنوات بئر السلم رأى آخر.
فى طب الفضائيات الملح لا يرفع الضغط والسكر مفيد جدا لمرضى السكر.. والسرطان لا يشفى الا بالخلطات السرية مجهولة المكونات عن تعمد بحجة الخوف من سطو شركات الأدوية التى تحارب خلطاتهم السحرية خوفا على مكاسبهم الهائلة من تسويق ادوية السرطان الكيميائية.. والاطباء يحاربون انجازات الدجالين والعشابين العبقرية خوفا على مكاسبهم من عياداتهم الخاصة.