كشفت الحرب السيبرانية الإيرانية الإسرائيلية عن أهمية تطوير مناهجنا بمدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا بادراج مادة الذكاء الاصطناعى والتى وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى الحكومة ببحث طرحها كمقرر الزامى فى العملية التعليمية لضمان تحقيق قفزة غير عادية لاستراتيجية تؤهلنا للخروج من دائرة المستهلكين الى مصاف الدول المنتجة للتكنولوجيا.
ولا يمكن اغفال ان هذا التوجه يعد سلاحا استراتيجيا فى الحروب الاقتصادية والثقافية التى تشن عبر الفضاء الرقمى كما يسهم ايضا فى إعادة مفهومنا للامن القومى فى عصر الثورة الصناعية القادمة حيث اصبح تعليم طلابنا الصغار لمواد التكنولوجيا والبرمجة ضرورة حتمية لتحصينهم من المخاطر الالكترونية ولصناعة مجتمع قادر على الابتكار فضلا عن استهدافنا لتحقيق الصدارة التكنولوجية.
كما اننى اتصور ان الهدف فى هذه الحالة ليس تخريج مبرمجين بقدرالاتجاه لصناعة مبتكرين يطورون حلولا للتحديات من القضايا والمشكلات المجتمعية واعداد جيل قادر على قيادة المستقبل بوعى وابداع متسلحين بلغة العصر.
ولايمكن انكار ان التعليم التكنولوجى لم يعد رفاهية بل انه ضرورة للتنافس فى سوق العمل العالمي علما بأنه 80 ٪ من وظائف 2030 ستتطلب مهارات رقمية كما سيعد التعليم التكنولوجى خط دفاع اول لمواجهة 60 ٪ من الهجمات السيبرانية وثغرات أنظمة الذكاء الاصطناعى غير المؤمنة.
ومن الاهمية تقليل الفجوة بين مدارس الريف والمدن فى توفير البنية التحتية التكنولوجية خاصة مع الاتجاه فى التوسع بالاستثمار فى البنية التحتية الرقمية بجانب ضرورة المحافظة على تسريع وتيرة التنفيذ بآليات واضحة ومحددة.
اتصور ان الفجوة الرقمية بين المدارس تفرض ضرورة توفير أجهزة ذكية وانترنت فائق السرعة مع صيانة دورية ..كما ان نجاحنا مرهون بتحقيق التكامل بين وزارة التعليم والجامعات والمعاهد التكنولوجية المتخصصة وكليات التربية لتحويل المناهج لبرامج تفاعلية تستخدم التطبيقات الذكية.
ومن المتصور ادراج مادة الذكاء الاصطناعى ضمن مناهج كليات التربية نظرا لان المعلمين يعدون حجر الزاوية
وعلينا ادراك ان نقص المعلمين المؤهلين لا يقل خطورة عن نقص الاجهزة مع مراعاة اننا لسنا بحاجة لمعلمين ينقلون معلومات من كتاب بقدر احتياجنا لخبراء قادرين على توضيح وتفسير كيفية استغلال الذكاء الاصطناعى فى تحليل البيانات الضخمة ومواجهة التضليل الاعلامى.. وبالتالى نحن بحاجة لمدرس يمتلك مهارات عالية فى التعامل مع التكنولوجيا.
ولا يكفى تدريب المعلمين على الاكواد البرمجية بقدر تعليمهم كيفية ربطها بواقع الطلاب للوصول الى رؤى لحل المشكلات البيئية وتطبيقات لتحسين الحياة اليومية.
ولا بد من مراعاة تصميم منهج دراسى للبرمجة يراعى البساطة والتدرج لتقديمه بطريقة لا تصدم الطالب فى تعامله مع لغة الكمبيوتر المعقدة..والاسراع بإعداد جنود رقميين من المعلمين عبر تدريب مكثف على الامن السيبرانى لتدريس مفاهيم التعلم الذكى العميق.
إننا بحاجة لتطوير برامج ذكاء اصطناعى محلية تتناغم مع خصوصيتنا فى الحرص على التمسك بلغتنا العربية للمحافظة على هويتنا حيث ان الاعتماد على منصات اجنبية قد يهدد الهوية ويعرض بيانات الطلاب للاستغلال وهو ما يتطلب تجنب الترجمة الحرفية للمناهج الاجنبية وبما يدفعنا فى النهاية لمواكبة المستقبل دون التفريط فى الجذور.