إصلاح مجلس الأمن
أصبح ضرورة ملحة
العالم يترقب ما سيحدث بين الحين والآخر من تطورات متصاعدة بين إيران وإسرائيل، وتصريحات أمريكية متضاربة، فالأمور تسير فى وضع لا يدعو للتفاؤل بل تزداد سوءا يوماً بعد الآخر، فالحرب الشاملة والواسعة أصبحت على الأبواب أو على بعد خطوات قليلة.
تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بأن إيران أمامها مهلة أسبوعين وعقب ذلك سنحسم موقفنا من المشاركة فى الحرب مع إسرائيل تؤكد على الدعم الأمريكى لإسرائيل وأن الولايات المتحدة ستعلن بعد الأسبوعين أو ربما قبل ذلك دخولها الحرب ضد إيران ولكن هذه المهلة فى اعتقادى تأتى لعدة اعتبارات أو أمور تتعلق بتنظيم البحرية الأمريكية فى ظل وجود البحرية الإيرانية وإمكانية إغلاق مضيق هرمز وهو ما سيؤدى إلى ارتفاعات جنونية لسوق النفط العالمى.
أرى أن مهلة الأسبوعين من قبل الولايات المتحدة لإيران ربما قد أعطتها لها من باب التخويف ولكن من الواضح أن إيران أعدت العدة وقد كشرت عن أنيابها فى الحرب الدائرة حالياً مع إسرائيل، ولديها من الإمكانيات التى لم تكشف عنها حتى الآن فهى لديها أنواع عديدة من الصواريخ التى ضربت بها إسرائيل وبالتالى فهى لديها الجديد واستطاعت إصابة أهداف صعبة داخل تل أبيب ومناطق أخرى وبدقة كبيرة، وهو ما يؤكد أن إيران لم تكشف عن كل أوراقها حتى الآن بل ستكون هناك مفاجآت كثيرة، وبالتالى فستكون هناك مواجهة واسعة سوف تدخل فيها أطراف عدة إذا دخلت الولايات المتحدة هذه الحرب خاصة أن هناك تحذيرات عديدة من بعض الدول بأن دخول أمريكا الحرب سيؤدى لخطر واسع وربما استخدام السلاح النووى وهو ما سيمثل كارثة حقيقية.
هناك ضرورة لتضافر الجهود الإقليمية والدولية لوقف التصعيد فى المنطقة واحتواء الموقف لتجنب توسيع رقعة الصراع والتداعيات بالغة الخطورة على أمن واستقرار المنطقة حال استمرار التصعيد العسكري، فمن المهم العمل على وقف اطلاق النار واستئناف مسار المفاوضات بشأن البرنامج النووى الإيرانى.
السؤال الذى يطرح نفسه بقوة هل ستنتصر الدبلوماسية والحوار على لغة الحرب العسكرية وما سوف تتعرض له المنطقة من مخاطر جمة؟ أرى أن الأقرب هو اتساع نطاق الحرب فى ظل الإصرار الأمريكى على ذلك ورغم تصريحات الرئيس الأمريكى المتضاربة بشكل يومى ولكن المؤكد أن الولايات المتحدة تسعى لأن تكون الحرب هى اللغة السائدة خلال الفترة الحالية والقادمة، وبالتالى فإن الأمور أصبحت أكثر تعقيداً من أى فترة مضت وهو ما يؤكد أن المنطقة سوف تدخل نفقاً مظلماً لا نعلم متى ستنتهى ويعود إلى الاستقرار مرة أخرى.
ما زالت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ عام وتسعة أشهر مستمرة ولم تنته فما يحدث فى غزة كارثة إنسانية بكل المقاييس، ويمثل عاراً على جبين المجتمع الدولى بأسره، ويجب وقفه فورًا، وان استخدام «الفيتو» هو أمر يؤكد أن دولة واحدة بإمكانها ضرب توافق الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويسمح لإسرائيل باستمرار عدوانها الغاشم على المدنيين العزل فى غزة.
مجلس الأمن لم يعد يعكس الواقع الدولى المعاصر، خاصة فى ظل الاستخدام المتكرر وغير المتوازن لحق النقض «الفيتو» من قبل الدول دائمة العضوية، والتى تنظر إلى «الفيتو» كحق أصيل لها بوصفها الدول المهيمنة على القرار الدولي، كما أن تباين التوجهات والأولويات بين هذه الدول نتج عنه مجلس يعانى من الشلل وعدم القدرة على اتخاذ القرارات التى أُسس من أجلها، وبالتالى فإن إصلاح المجلس بات ضرورة ملحّة لضمان أن يكون أكثر خضوعًا للمساءلة وأكثر قدرة على التصرف الجماعى فى مواجهة الأزمات.