ما أجمل أن يكون لك دور فى صناعة الأمل، أن تكون شاهدًا على لحظة يتحول فيها الألم إلى أمل، والاحتياج إلى استجابة، هذا ما نعيشه يوميًا من خلال رسائل المواطنين الذين يضعون ثقتهم فى «الجمهورية معاك»، ويكتبون إلينا بقلوب ممتلئة بالرجاء.
فى الأسبوع الماضي، تلقينا العديد من الرسائل لحالات مرضية حرجة، كل واحدة منها كانت تنبض برجاء بسيط.. «فرصة للعلاج، نظرة إنسانية، سرير عناية مركزة ينقذ حياة»، فحملنا شكواهم بأمانة وأوصلناها إلى الجهات المختصة، إلى منظومة الشكاوى بمجلس الوزراء، وإلى كل مسئول فى قلبه نبض إنساني.
وكما اعتدنا من دولتنا، جاء الرد سريعًا، واستجابت لحالاتنا على الفور، وتم حجز معظم المرضى فى مستشفيات حكومية سواء على نفقة التأمين الصحى أو نفقة الدولة، دون أن يتحملوا أى أعباء مالية، فى مشهد يجعلنا نشعر بالفخر، ويؤكد أن الإنسانية لا تزال حية فى أوصال هذا الوطن.
أما الحالات التى استدعت النقل إلى مستشفيات خاصة نظرًا لخطورة الحالة أو امتلاء المستشفيات الحكومية، فقد تم قبولها أيضًا، مع وعد بعلاجها على نفقة الدولة بمجرد صدور القرار، ولكن بشرط واحد، أن يتحمل المريض جزءًا من تكلفة الليلة الأولى فى العناية المركزة، والتى تتراوح ما بين 10 إلى 20 ألف جنيه، هذا المبلغ – رغم أنه يبدو صغيرًا مقارنة بتكلفة العناية اليومية التى قد تصل لعشرات الآلاف – إلا أنه كان كالجبل أمام هؤلاء البسطاء، الذين لا يملكون من حطام الدنيا شيئًا.
بعض المرضى اضطروا لبيع أثاث منازلهم، أو استدانوا من أقاربهم وجيرانهم، ليعبروا اليوم الأول، على أمل أن يأتى قرار العلاج لاحقًا، ولكن الحقيقة أن الكثير منهم لا يستطيع رد هذا المبلغ، ولا حتى الوفاء بالديون التى تراكمت فجأة فوق رءوسهم، فالدولة مستعدة لعلاجهم، والمستشفيات فتحت أبوابها، ولكن «أول يوم» كان عائقًا ماليًا.
نحن لا ننتقد، بل نمد يد المساعدة، ندرك حجم الجهد الذى تبذله الدولة فى تحسين الخدمات الصحية، وندرك أن هناك أيادى مخلصة لا تنام، تعمل ليل نهار لإنقاذ أرواح الناس، ولكننا ننقل الحقيقة من الميدان، من قلب المعاناة، ونقترح ما قد يكون طوق نجاة لهؤلاء المحتاجين.
لماذا لا يكون المبلغ المطلوب فى الليلة الأولى عبارة عن تأمين مؤقت يُسترد فور صدور قرار العلاج؟
لماذا لا يشمل القرار، منذ لحظة الحجز، تغطية فورية، خصوصًا للحالات الحرجة التى لا تملك وقتًا للانتظار، ولا مالًا للإنفاق؟
خطوة بسيطة، لكنها كفيلة بإنقاذ أرواح كثيرة، ورسم البسمة على وجوه ذابلة من طول المعاناة، فنحن على يقين أن الحلول موجودة، وأن الإرادة السياسية لن تتأخر عن اتخاذ أى إجراء يُخفف عن المواطن البسيط، ويمنحه حقه فى العلاج الكريم.
نشعر باننا فى مهمة نبيلة عنوانها «حياة إنسان»، ونكتب من أجل أن نرى وجه أم تبتسم حين تعلم أن ابنها تم إنقاذه، ودموع أب تجف حين يُخبره الطبيب أن ابنته بخير، ونثق فى مسئولينا، لان الإنسان هو أغلى ما تملكه الدولة.
فى كل مرة تصلنا استجابة من الدولة، نشعر بالفخر، ونشعر أننا لا نكتب عبثًا، بل نمسك بقلم الحياة، نحن «حلقة وصل»، ننقل صوت الناس، ونحتفل بالاستجابة، ونحلم دائمًا بما هو أفضل.
فشكرًا لكل مسئول لم يغلق هاتفه أمام صرخة محتاج، وشكرًا لكل طبيب ومدير مستشفى فتح باب الرعاية دون تردد، وشكرًا لوطن يعرف كيفية صناعة الأمل.