فى أجواء الحرب الجديدة والخطيرة التى تدور رحاها الآن بين إيران وإسرائيل والتى من الصعب التنبؤ بنهايتها وهل تكتب النهاية بـ(بالفارسية) أم (بالعبرية) وفى النتائج الأولية قتل إسرائيل فى اليوم الاول لتسعة من علماء الذرة الإيرانيين وحوالى عشرين قيادة عسكرية إيرانية منهم رئيس الحرس الثورى ورئيس الاركان وضرب عشرات المواقع النووية الإيرانية (ولو على سطح الارض وليس فى العمق تحت الارض).. رغم هذه البداية المفاجئة فجر الجمعة 14/6/2025 إلا أن إيران سرعان ما استوعبت الصدمة الاولى وبدأت هى الاخرى تضرب إسرائيل بقوة وتدمر المنشآت البترولية الغازية فى حيفا ومئات المنازل ومقر وزارة الدفاع ومركز أبحاث وايزمان الذى يحتوى النخبة العلمية اليهودية فى تل أبيب وغيرها.. وبعيدا عن هذه المعارك المتبادلة والتى لاتزال مستمرة وربما لعدة أسابيع وقد تدخل أمريكا عمليا الحرب بطائراتها وتقوم إيران كرد فعل بإغلاق مضيق هرمز وضرب مفاعل ديمونة.. إن حرب إيران (1.648 مليون كم- 85 مليون نسمة) وإسرائيل (22 ألف كم- 8 ملايين نسمة) قد تطول إلى أسابيع ولن تنتهى سريعا كما تعتقد أو تتمنى إسرائيل وخبراؤها الإستراتيجيون فارغو الهوية والانتماء!.. فى هذه الأجواء الملتهبة دعونا نسأل سؤالاً إستراتيجياً بعيدا عن المشاعر المضطربة: رغم كل ما يجرى هل نحن أمام نهاية فعلية (قد تطول قليلاً) لإسرائيل؟
>>>
> منذ عملية طوفان الاقصى (أكتوبر 2023) ومن خلال الافراط فى القوة دمرت إسرائيل قطاع غزة وجنوب لبنان والضاحية واستولت على حوالى 40 ٪ من مساحة سوريا وقتلت أعظم شهداء الشعبين الفلسطينى واللبنانى وقادة إيرانيين كبار.. مما مثل (علوا إسرائيلياً جديداً) ولا شك.. علوا وتوسعا وهيمنة على حساب العرب وبمساعدة أمريكية واضحة!
> السؤال المركزى هنا: هل يمثل هذا (العلو الصهيونى) بداية لنهاية لهذه الدولة رغم علوها وجبروتها؟ صحيح هذا السؤال هو من قبيل (التمني) أكثر منه من قبيل (الواقع المر) لكنه وبحكم السنن الكونية والتاريخية مشروع وقائم ويحتاج الى أكبر قدر من الموضوعية والوثائقية لهذا المشروع من ناحية ومن ناحية أخرى لايصح ولا يحق لهذه النهاية أن تحدث- إن حدثت- دونما فعل مقاومة واسع المدى لكل الارض العربية والإيرانية المهددة: داخل فلسطين وخارجها.. فالمشروع العدوانى لن يتوقف بالتوسل والتسول بل بالمقاومة له وفى ذلك فليتنافس المتنافسون!
>>>
> وفى البداية يتنبأ صديقنا الراحل العلامة الكبير د.عبدالوهاب المسيرى صاحب موسوعة (اليهود واليهودية والصهيونية- 8 أجزاء) بنهاية إسرائيل استناداً إلى رؤى الصهاينة أنفسهم، فماذا قال؟ ينقل المسيرى فى إحدى دراساته المهمة عن الصحفى الإسرائيلى يونتان شيم نبوءة بزوال إسرائيل عام 2009، وأنه لابد وأن نذكر حقيقة تاهت عن الكثيرين فى العالم العربى وهو أن موضوع نهاية إسرائيل متجذر فى الوجدان الصهيوني. فحتى قبل إنشاء الدولة أدرك كثير من الصهاينة أن المشروع الصهيونى مشروع مستحيل وأن الحلم الصهيونى سيتحول إلى كابوس. وبعد إنشاء الدولة، وبعد أن حقق المستوطنون الصهاينة «النصر» على الجيوش العربية تصاعد هاجس النهاية. ففى عام 1954 قال موشيه ديان، وزير الدفاع والخارجية الإسرائيلي، فى جنازة صديق له قتله الفدائيون الفلسطينيون: «علينا أن نكون مستعدين ومسلحين، أن نكون أقوياء وقساة، حتى لا يسقط السيف من قبضتنا وتنتهى الحياة». النهاية، ماثلة دائما فى العقول، فالضحايا الذين طردوا من ديارهم تحولوا هم وأبناؤهم إلى فدائيين يقرعون الأبواب يطالبون بالأرض التى سلبت منهم.
>>>
وفى اجتماع مغلق فى مركز الدراسات السياسة والإستراتيجية فى الأهرام ينقل د.عبدالوهاب المسيرى عن الجنرال الفرنسى أندريه بوفر، الذى قاد القوات الفرنسية فى العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، وواقعة غريبة، كان هو شاهدها الوحيد. فقد ذهب لزيارة إسحق رابين فى منتصف يونية 1967 أى بعد انتهاء الحرب بعدة أيام، وبينما كانا يحلقان فى سماء سيناء والقوات الإسرائيلية فى طريق عودتها إلى إسرائيل بعد أن أنجزت مهمتها، قام الجنرال بوفر بتهنئة رابين على نصره العسكري، ففوجيء به يقول: «ولكن ماذا سيتبقى من كل هذا؟ فى الذروة أدرك الجنرال المنتصر حتمية الهوه والنهاية.
>>>
إن موضوع النهاية لا يحب أحد فى إسرائيل مناقشته، ولكنه آت ولعلنا نتذكر ما قاله رئيس وزراء إسرائيل السابق (شارون) عندما كان رئيسا (لمجلس السامرة الإقليمي) (فى مشادة كلامية معه) «إن هذا الطريق الدبلوماسى ليس هو نهاية للمستوطنات فحسب، إنه نهاية اسرائيل».
>>>
> خلاصة الأمر هنا.. اليوم (2025) وفى أجواء الحرب الخطيرة بين (إيران وإسرائيل) فإننا ننهى بعقد مقارنة بين الدولتين واللتان تشتركتان- كما يقول المفكر اللبنانى د.على فضل الله- في: ضعف الدفاع الجوي- التأييد الشعبى للحرب- وجود بنك أهداف مسبق أما نقاط الاختلاف: تتفوق إسرائيل بالدعم الغربى والاقليمي- التفوق الجوي- الغدر أما إيران فتتفوق بتأييد الشعوب- الشرعية السياسية والقانونية- الصواريخ- المساحة والجغرافيا الواسعة وأخيرا والأهم (العقيدة).. رغم أن هذا ليس وقته إلا أننا لدينا قناعة تامة بأن هذا المشروع الصهيونى وباعتراف الإسرائيليين أنفسهم سينتهى ولكن ليس بالأمنيات ولكن بالعمل والمقاومة الواسعة له.. وإنا لمنتظرون!!