عندما أتحدث عن أن دورنا فى التوعية هو فرض عين فإن ذلك لم يكن مجرد مقال قد يقرأ وقد لا يقرأ بل كان دعوة لكل مسئول فى الدولة أياً ما كان موقع عمله أن يقوم بواجبه تجاه مرؤوسيه فى جهة عمله ولكل رجل دين فى المسجد أو الكنيسة أو مسئولى الإعلام بكافة أشكاله أن يضعوا صوب أعينهم هذا الهدف وكأنه التزام وفرض يجب أن يقوم به على الوجه الأمثل خاصة أن بلادنا فى أمس الحاجة الى تلك الجهود لعلها تلقى آذاناً صاغية لدى الشباب الذى نراه فى الجامعات والمقاهى والنوادى والشوارع قد أصبح فريسة للتأثير عليه سواء بالمخدرات بكافة أنواعها خاصة أن تجار السموم أصبحوا يتفنون فى إغرائهم بأنواع رديئة ورخيصة بحيث تصبح فى متناول العامل البسيط مثله مثل الشاب الذى يستطيع أن يشترى أنواعاً أفضل منها وكلاهما يعطى ذات التأثير القاتل أو من خلال بث الشائعات التى تؤدى الى الإحباط وفقدان الأمل فى أن يكون هناك غدٍ مشرق لهم فى وطنهم واستغلال الحاجة والعوز والإحباط ليكون إحدى الأدوات التى تلجأ إليها التنظيمات الإرهابية حال تمكنهم من تجنيدهم وضمهم إلى صفوفهم.
مقالاتى عن الوعى ليست للقراءة فقط ولكنها نداء للصحوة قبل فوات الآوان وأنا أعلم ما أقوله وما أكتبه من واقع خبرتى الأمنية والأكاديمية واقترابى من العديد من الفئات الشبابية فى المعاهد والجامعات والأحزاب والتجمعات.. كما أن موقعى كمقرر للجنة الرصد فى بيت العائلة المصرية يجعلنى قريباً مما يجيش فى الصدور بين الشباب فى بعض المحافظات والتى تشهد بين الحين والآخر توترات لأسباب واهية سرعان ما تتصاعد بشكل يجعل العقلاء من هنا وهناك التدخل لوأد الفتنة.
لقد تباعدت مسافات التفاهم بين رب الأسرة الكادح وبين أبنائه فأصبح يفتقد متابعتهم سواء فى التعليم أو فى السلوكيات وفى معرفة وتقييم علاقاتهم مع أصدقائهم وبالتالى أصبح معظم الأبناء تقريباً بلا رقابة حاسمة فى المنزل…وفى المدارس نجد أن علاقة الإحترام التى كانت منذ عهد قريب فى أوجهها بين الطالب و أستاذه وها نحن اليوم نجد الطالب يتهكم ويعتدى على هذا الأستاذ الذى يعانى من قلة الراتب فيلجأ الى الدروس الخصوصية التى تجعل الطالب يشعر أنه يصرف على أستاذه وبالتالى يقل احترام وقدسية هذا الأستاذ لدى الطالب…وغيرها من السلبيات التى يشهدها المجتمع المصرى والتى تعتبر دخيلة عليه تماماً خلال السنوات القليلة الماضية…ناهيك عن الحفلات الصاخبة فى المسارح المكشوفة والنوادى والجامعات وتلك الحفلات التى تقام فى الساحل الشمالى والتى نشهدها طوال أشهر الصيف بلا ضابط ولا رابط… لكل ما أشرت إليه وأكثر منه جاءت دعوتى وندائى لكل إنسان سخره الله سبحانه وتعالى للتصدى لهذه السلبيات التى ظهرت مؤخراً والتى أرى أن هناك أيادى خفية تسعى جاهدة لتفكيك مجتمعنا من الداخل بشتى الطرق والأساليب والتى أعتقد أنها حققت قدراً من التأثير الفعلى انعكس على سلوك الأبناء تجاه والديهم حيث شاهدنا الابن يقتل والده أو والدته لرفضهما إعطائه ثمن المخدرات التى يتعاطاها وشاهدنا طالب الجامعة يقتل زميلته على مرأى ومسمع من الجميع وأن تجارة المواد المخدرة قد انتشرت بين الصبية مثل إنتشارها بين الشباب بشكل غير مسبوق.
فماذا نحن فاعلون؟
فى البداية لابد من الإشادة بموقف الشعب المصرى الرافض لمحاولة اختراق الحدود المصرية براً وجواً للوصول إلى قطاع غزة من خلال ما أطلق عليه «قافلة الصمود» وإعلانه الرفض التام لتلك القافلة المشبوهة والتى من الواضح انها تتحرك بناءً على تعليمات من تنظيمات ومنظمات لا تريد أن يكون هناك استقرار فى مصر وفى ذات الوقت نؤكد إنه لا يوجد حجر على فكر وأن حرية الرأى مكفولة فى الدستور والقانون ولكن فى ذات الوقت فإن تلك الحرية مشروطة بألا تضر الدولة والمجتمع فأنت حر ما لم تضر.
لقد أصبحت قضية الوعى وبحق تستحق الاهتمام والدراسة والاستعداد وبالتالى فإنه يجب أن تسبقها برامج هادفة من شأنها الإسهام فى تشكيل أو تصحيح وعى المواطن بحيث يستوعب واجباته ومسئولياته وتجعله يمتلك روحاً إيجابية تمكنه من التفاعل مع محيط المجتمع الذى يعيش فيه ولا يتقبل صور التعصب والأفكار المشوبة والمغلوطة التى تشكل الفكر الهدام وتساعده على فهم واستيعاب الظروف التى تمر بها البلاد وتجعله يشعر بقيمته وأهميته فى المجتمع وأنه أحد العناصر الفاعلة التى من الممكن أن يكون لها دور فى المرحلة الحالية وذلك على الرغم من أن هناك عوامل متباينة لكل فئة من هذه الفئات تتمثل فى الفئة العمرية والبيئية التى يعيش بها والتنشئة الاجتماعية حيث يختلف دور مسئولى التوعية طبقاً لتنوع المفاهيم والأفكار والثقافات السائدة فى تلك المجتمعات ووفق فهم وتفسير أفراد المجتمع لها.. وللحديث بقية.