الأرقام لا تكذب ولا تتجمل فبإرتفاع صافى الاستثمارات المباشرة فى الاقتصاد المصرى من 10 مليارات دولار فى 2023 إلى 46.1 مليار دولار فى 2024 يعد دلالة قوية على أن مصر أصبحت قبلة المستثمرين من جميع الدول بفضل حرص القيادة السياسية والحكومة على توفير بيئة استثمارية جاذبة من خلال انشاء بنية تحتية قوية ومتطورة واتخاذ أكثر من 500إجراء تحفيزى لتحسين مناخ الاستثمار داخلياً وكذلك حرص السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى على الاجتماع برجال الأعمال والمستثمرين خلال جولاته الخارجية لشرح الفرص الاستثمارية المتاحة.
قال د.مصطفى بدرة الخبير الاقتصادى وأستاذ التمويل والاستثمار ان من مكتسبات المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى هو انه وضع ملف الاستثمار سواء المباشر وغير المباشر من أولوياته منذ إنشائه حتى حققت مصر معدلات حميدة فى الاستثمار المحلي والأجنبي حتى انه فى كل زياراته الخارجية يكون حريصاً كل الحرص علي مقابلة رجال الأعمال والمستثمرين لشرح الفرص المتاحة للاستثمار فى مصر، موضحا ان مشروع رأس الحكمة والذي سيساهم في ضخ 150 مليار دولار استثمارات مباشرة على المدى القريب والبعيد باجمالى 4 مليارات دولار سنويا وتستهدف مصر جذب 42 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال العام المالى 2025/2026 والبداية تخصيص قطعة أرض البحر الأحمر بهدف استخدامها فى إصدار صكوك سيادية لتسهم في توفير تمويل يغطى احتياجات الموازنة العامة للدولة وخفض المديونية الحكومية وهذه الأرض مملوكة لوزارة المالية.
وأضاف أن من أهم الإجراءات التى اتخذتها الدولة لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية هو إصدار الرخصة الذهبية لإزالة أى معوقات أمام المستثمرين الأجانب للدخول للسوق المصرى ولتحسين قدراته أيضا مما ينعكس بدوره على تحسين أداء الاقتصاد وتوفير فرص عمل والقضاء على البطالة وتوفير العملة الصعبة بالاضافة إلى الاهتمام بالبنية التحتية للتنمية السياحية والصناعية بشكل ملحوظ.
أوضح ان مصر احتلت المركز الاول أفريقيا فى جذب الاستثمار الأجنبى المباشر حيث استحوذت على 85 ٪ من جميع الاستثمارات الخاصة بين دول المنطقة خلال 2024 بجانب 93 ٪ من صفقات المنطقة وبلغ حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة إليها 75.8 ٪ من إجمالى التدفقات فى دول شمال أفريقيا موضحا انه طبقا لبيانات موازنة العام المالي 2024/2025 ارتفع صافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى مصر من 5.2 مليار دولار في2022 إلى 10 مليارات دولار خلال عام 2023.
كما أوضح مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد» ان مصر الوجهة الاستثمارية الاولى أفريقيا للعام الثانى على التوالي رغم التداعيات الاقتصادية العالمية بنسبة استثمار أجنبى مباشر 18.6٪ من إجمالى الاستثمارات فى أفريقيا والتى بلغت 52.6 مليار دولار عام 2023.
وقت مثالي
وقال د.عبدالرحمن طه الخبير الاقتصادى إن الوقت الآن أصبح مثالياً لتوجه الاستثمار المباشر للسوق المصري، وتؤكد الإحصائيات الحديثة صحة هذا التوجه حيث بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى مصر 46.1 مليار دولار فى عام 2024، مقارنة بـ10 مليارات دولار فقط فى عام 2023 مما يعنى نمواً هائلاً بنسبة 361 ٪ فى عام واحد.
وأشار إلى ان توافر المناخ الاستثمارى الآمن فى مصر التى تتمتع بأعلى درجات الأمان فى ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية فى العالم بأسره، سواء فى المنطقة الأوروبية أو الآسيوية أو منطقة الشرق الأوسط، مما يجعل مصر تتمتع بأقل درجات المخاطر الجيوسياسية المحتملة عند الصناديق السيادية. وتؤكد الأرقام هذا التوجه حيث زادت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بمقدار 25.1 مليار دولار فى الربع الثانى من 2024 وحده.
وأوضح ان مصر استطاعت على مدار عقد كامل من العمل الدءوب إنشاء بنية تحتية قوية ومتطورة على مستوى الطرق بمشروعات تجاوزت 7000 كيلومتر، يضاف إليها أكثر من 5000 كيلومتر خلال العامين القادمين. كما تم إنشاء وتحسين واستحداث الموانئ البحرية والنهرية والجافة وربط موانئ مصر ببعضها البعض مثل ربط ميناء السخنة بميناء الدخيلة، وتطوير قناة السويس التى تقع فى طريق التجارة الحرة فيما يعرف بطريق الحرير الذى تقوم الصين بإنشائه حول العالم، الأمر الذى يجعل مصر ضمن خطط الاستثمار العالمية، مؤكدا ان مصر خلال العامين الماضيين حازت على استثمارات خليجية ضخمة، وتؤكد الأرقام ذلك اهمها استثمار الإمارات 35 مليار دولار فى مصر، مع التركيز على الساحل المتوسطى غير المطور بالاضافة الي توقيع 14 اتفاقية استثمارية بقيمة 7.7 مليار دولار بين مصر والسعودية تشمل الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والبنية التحتية وتوقيع صفقة بقيمة 4 مليارات دولار بين مصر وشركة أكوا باور السعودية لتطوير مشروع الهيدروجين الأخضر، كما فتحت مصر صفقات استثمارية مع الكويت وقطر حول استثمارات أخرى فى منطقة البحر الأحمر التى تحوز اهتمام الخليج.
أضاف «طه» أن مصر تضع نفسها ضمن سلال الإنتاج العالمى فى ظل الثورة الصناعية الرابعة، وذلك بفتح استثمارات تقدر بنحو 150 مليار دولار فى قطاع الهيدروجين الأخضر لتصبح رائدة هذا المجال فى نطاق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بجانب سلطنة عمان فى منطقة مجلس التعاون الخليجي.
وبين أن الإحصائيات تشير إلى أن مصر تستهدف استثمارات بقيمة 40 مليار دولار فى الهيدروجين الأخضر توقع وصول قيمته إلى 1.4 تريليون دولار سنوياً بحلول 2050 مضيفا إلى أن نجاح مصر فى برنامج الإصلاح الاقتصادى مع صندوق النقد الدولى وقدرتها على سداد الديون دفعت مؤسسات التصنيف الائتمانى إلى إعطاء شهادات جودة للاقتصاد المصري. وتؤكد الأرقام هذا النجاح منها موافقة صندوق النقد الدولى فى مارس 2024 على زيادة بقيمة 5 مليارات دولار تسهيلات الصندوق الممتد لمصر، ليصل إجمالى حزمة القروض إلى 8 مليارات دولار وتحقيق فائض كبير بقيمة 10.1 مليار دولار فى النصف الثانى من السنة المالية 2023/2024 بفضل الإصلاحات الهيكلية المنفذة فى 6 مارس 2024.
اضاف انه بجانب الاستثمار الخليجي، يأتى الاستثمار الصينى والروسى فى منطقة قناة السويس الاقتصادية. وأضاف طه أن الحرب العالمية الاقتصادية والجمارك دفعت العديد من الدول إلى الهروب منها إلى مصر لتفادى تلك الجمارك.
الصناعة .. رافد
وقالت د.هدى يسى رئيس اتحاد المستثمرات العرب ورئيس جمعية سيدات أعمال مصر ان الصناعة رافد هام جدا من روافد الاستثمار فى مصر وأنها تسهم بشكل كبير فى جذب الاستثمار الأجنبى المباشر حيث تساعد فى خلق بيئة استثمارية جاذبة وتوفير فرص استثمارية متنوعة مما يعزز قدرة الدولة على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، موضحة ان الدولة تدرك أهمية الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال تهيئة المناخ المناسب لجذبه وتقديم حوافز للاستثمار الأجنبى لأنه يعد مصدراً مهماً من مصادر التمويل والنمو الاقتصادى موضحا ان مصر تحولت خلال السنوات الماضية إلي وجهة استثمارية المفضلة للعديد من الدول كنتيجة لما قامت به الحكومة من توفير الحوافز المناسبة للمستثمرين والمصنعين مثل الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية لتحسين الصناعة والتى نالت عليها إشادات دولية من الأمم المتحدة والبنك الدولى والذين أشادوا ببرنامج الإصلاح الاقتصادى والذى ساهم بشكل كبير فى تحسين تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر.
أضافت ان الإصلاحات التشريعية أيضا ساهمت فى زيادة التدفقات والتى على رأسها تعديلات قانون الاستثمار وقانون الإفلاس والتراخيص الصناعية وبالاضافة إلي إطلاق خريطة الاستثمار والتوسع فى إنشاء المناطق الصناعية وطرحها أمام المستثمرين ما يزيد على 13 منطقة استثمارية جديدة مما عزز من ثقة المستثمر الأجنبى لدخول السوق باطمئنان.
وأوضحت «يسي» ان الدولة حققت ايضا نقلة كبيرة في البنية التحتية بمجال الطرق والنقل بأنواعه وإنشاء مشروعات قومية كبري مما حولت مصر أولى اختيارات المستثمر الأجنبى أفريقيا موضحة ان الدولة تبذل ما فى وسعها لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية بهدف تدعيم الاحتياطى النقدي وتقوية الجنيه المصرى أمام العملات الأخرى لذلك قامت مدن جديدة مثل العلمين الجديدة ورأس الحكمة واللتين كانتا الحصان الرابح لاستقطاب الاستثمار الأجنبي لمصر مؤخرا وظهر ذلك على عائد الناتج المحلى وزيادة معدلات النمو الاقتصادى مع خلق فرص عمل جديدة مباشرة وغير مباشرة وتراجع معدلات البطالة وانه لأول مرة تسهم المدن الساحلية الجديدة فى تحقيق عوائد دولارية مثل رأس الحكمة والعلمين حيث تستهدف الدولة زيادة الحصيلة الدولارية إلى 300 مليار دولار ويأتى الاستثمار الأجنبى المباشر علي رأس تلك المصادر.
أشارت إلي ان الحكومة المصرية اتخذت 500 إجراء تحفيزي لتحسين بيئة الاستثمار وبيئة الأعمال كان تشجيع القطاع الصناعي على أكبر نصيب من تلك الإصلاحات بنحو 64 ٪ من إجمالى الإجراءات المنفذة حيث تم إطلاق مبادرة جديدة لدعم القطاعات الصناعية ذات الأولوية بقيمة 30 مليار جنيه مع إعادة تفعيل برنامج الإقراض الميسر وكذلك حزمة من الحوافز والإعفاءات للمشروعات الصناعية.
السياحة.. مورد
قال سامى سليمان رئيس لجنة السياحة وجمعيات المستثمرين ورئيس جمعية طابا ونويبع ان السياحة من أهم القطاعات الصناعية التي تسهم في زيادة عوائد الاستثمار فى الدولة وذلك لانه تقوم عليها باقي الصناعات الأخرى والسياحة واحدة من أهم مصادر الدخل القومي لما توفره من فرص عمل ومصدر للعملة الصعبة مما تدفع بعجلة التنمية وتخلق تنمية مستدامة والاهتمام بالسياحة من أهم عناصر جذب الاستثمار الأجنبى المباشر لمصر موضحا ان السياحة من القطاعات الجاذبة للاستثمارات الأجنبية حيث تقدم فرصا جيدة للنمو والربحية ومحفزا للنمو الاقتصادي مما يقلل من الاعتماد على العملة الصعبة ويعزز ميزان المدفوعات مؤكدا ان الدولة دائما ما تضع اهتمامها بالسياحة للعوائد الكبيرة منها حيث شهدت السنوات السابقة زيادة بالطاقة الاستيعابية للفنادق وزيادة أعداد السائحين بالإضافة إلي اتخاذ العديد من الإجراءات التشريعية مما شجع المستثمرين الأجانب للدخول للسوق المصري وخاصة فى ظل المميزات الجغرافية والتاريخية لمصر موضحا ان السياحة حققت إيرادات بلغت 63.4 مليار دولار وزيادة 90.1 مليون سائح خلال 10 سنوات الماضية بزيادة نمو 25 ٪ عن السنوات السابقة وتستهدف ان يصل عدد السياح إلى 30 مليون سائح سنويا حتى عام 2028 لان فتح مجال الاستثمار الاجنبي فى قطاع السياحة هو مؤشر على انفتاح الاقتصاد أمام الشركات الأجنبية حيث تعتبر السياحة من المجالات الاقتصادية الحيوية وبدخول شركات أجنبية للسوق المصرى يعمل على نقل تكنولوجيا صناعة السياحة لمصر وتنمية رأس المال فى هذا القطاع مما ينعكس ايجابيا على كافة الصناعات الأخرى ومعدلات النمو الاقتصادي وزيادة مهارات العمالة المحلية وتعزيز ترتيب مصر فى مؤشرات التنمية العالمية والاقليمية.
وأضاف انه ارتفع صافي تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر فى مصر الى 8.9 مليار دولار حتى عام 2022 ليسجل الأعلى منذ 10 سنوات مؤكدا ارتفاع مساهمة قطاع السياحة فى إجمالى التدفقات ليسجل زيادة 1 ٪ مع زيادة الأعداد السياحية وجودة الخدمات وتنوع المنتجعات السياحية.
