الإعلام فى كامل الانشغال بالحرب بين إسرائيل وايران، وفرق المحللين السياسيين تعمل بكاملها فى إطار الماضى البعيد والقريب، والحاضر، والأكثر حضورا أى ما يحدث اليوم، بل ما حدث منذ ساعة، ومنذ دقائق، تحولت هذه المواجهة والحرب إلى «حرب إعلام» بالدرجة الأولى، وقودها هو المعلومات والمشاهد، واللقطات، وهدفها هو المشاهد فى كل مكان، وبالطبع فإن أغلب المشاهدين فى البيوت، لكنهم، بهذه الطريقة «الإعلامية» لم يعودوا آمنين لأسباب عديدة منها ما صنعته هذه الحرب من قلق بالغ عند الاغلبية من البشر، خاصة وهى تأتى مع حرب بشعة أخرى هى الحرب على غزة وأهلها «والتى أضافت إسرائيل إليها ضرب الباحثين عن الطعام» وأضافت أيضا حرب إضافية يشنها المستوطنون على السكان الفلسطينيين فى الضفة الغربية لطردهم والحلول محلهم، «والعالم يرى هذا والمظاهرات تتجدد حتى فى أكثر الدول التى تدعم حكوماتها هذا الاحتلال الغاشم».. وكل هذا يسير مع الحرب الجديدة التى شنتها إسرائيل على إيران فجاء الرد الإيرانى ليشغل العالم إعلاميا أولا، وجاء «إعلام الحرب» ليضيف إلى الجماهير فى كل مكان الجديد من المعلومات حول الحروب الجديدة، ووسائلها، وكيف أصبحت تتخطى صراع الجيوش فى ميادين القتال إلى أساليب جديدة، تعتمد على التكنولوجيا وتوجيه وسائلها لضرب وقتل العدو فى بيته.. وانشغل العالم بالحروب الجديدة، وبسيول الأخبار والتحليلات، وكتابات المعلقين، والمندهشين، والخائفين، سواء على شاشات التليفزيون كلها تقريبا فى ظاهرة فريدة أظنها تبدأ للمرة الأولى على هذا النحو، أى كل هذا الانتشار، وكل هذه التعليقات والمعلقين، خاصة مع حرص دولة الاعتداء على نشر وتضخيم ما تقوم به تجاه دولة إيران، مع التباهى، وإغلاق حنفية المعلومات عنها.
الشعب الهارب
الوجه الآخر لاعلام الحرب عرفناه ورأيناه عبر مشاهد قليلة وبوستات أقل، ومحاولات انكار من المحللين الإسرائيليين الذين تستضيفهم بعض القنوات العربية عما حدث فى إسرائيل ولشعبها من الضربات الإيرانية، وهو ما عرفناه ورأيناه عبر مشاهدات لقنوات أخري، وبوستات السوشيال ميديا، واستغاثات الناس الذين طلبوا منهم اللجوء إلى الملاجئ، ورفض الملاجئ قبول عامل من تايلاند، لأنه غير إسرائيلى أصلي! وأسراب المغادرين إلى خارج إسرائيل للعودة إلى بلاد أخرى كانوا يعيشون فيها، وفيديوهات من كل صنف ولون أغربها وأكثرها سخرية وخفة ظل أيضا تلك التى يتحاور فيها ترامب والنتنياهو بطريقة الردح المصرية وبشكل غير مسبوق بالنسبة لهذه الأحداث، وهو ما يعبر عن وجهة نظر كثيرين فى العلاقة بينهما، أيضا أضافت هذه الحرب من خلال إعلام السوشيال ميديا حوارات كثيرة حول إيران وموقفنا منها كبلد ومجتمع يدين بالمذهب الشيعى، حوارات بعضها تحلى بالعقل والمنطق والبعض تخطاهما، ولتزداد قضايا هذه الحرب التى أصبح لكل إنسان فى هذه الدنيا موقفه منها بعد ان تجاوز الإعلام كل الحدود ليصل بالمشاهد إلى اعتباره وحده المسئول بمقدرته ورغبته على إدارة إعلامه وفقا لثقافته ولرغبته فى المعرفة وحدودها.. وهو أمر جديد قد يؤكده الإعلام فى المستقبل القريب، أو ينفيه.