إنى لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون!
أيخون إنسانٌ بلادَهْ؟
إن خان معنى أن يكون، فكيف يمكن أن يكون؟
هذه أبيات كتبها الشاعر العراقى الكبير بدر شاكر السياب فى قصيدته المشهورة غريب على الخليج.. المفارقة أنه كتبها فى الكويت العام 1953 من منفاه الاختيارى هربا من الملاحقة السياسية حينئذ.. وهى قصيدة مليئة بالحب والشجن والحنين إلى الوطن.. دائما ما تقفز الى ذهنى هذه الابيات عند كل حديث عن الخيانة ومع ذكر الخائنين للوطن فى الداخل او الخارج.. الخونة هم أخطر سلاح فى يد الأعداء وتأثيرهم أقوى وأشد من أى قوة حربية وفى عصر التكنولوجيا الرهيبة يسبق خطر الخونة تأثير أى سلاح وعن طريقه يتم اختصار معارك كبرى من ضربات البداية التى ترتكز عليهم.. الخونة المعاصرون تفوقوا فى صناعتهم على معارك الجواسيس التقليدية.. تجلى ذلك بوضوح أمام أعين الجميع فى المراحل الحالية والملتهبة من الصراع مع العدو الإسرائيلى.. النماذج الزاعقة والأشد خطورة والتى فعلت الافاعيل فى البلاد والعباد ومكنت العدو من تحقيق ضربات مؤلمة لم يكن يحلم بها لولا وجود هؤلاء الخونة! الخيانات المتصاعدة والمتوالية جعلته يتيه فخرا ويتعالى غطرسة حتى ظن أن لن يقدر عليه أحد.. حتى جاء أمر ربك!!
تأثير عالم الخونة والخائنين يظهر بوضوح من تلك الأسئلة المطروحة الآن بقوة وبعقلانية وتتساءل فى ذهول حقيقى.. لماذا لم تنجح قوات العدو فى اختراق حماس الفصيل المقاوم وبدا العدو بقوته الجبارة واسلحته الذكية والغبية وقوى الشر العالمية التى تساعده بأحدث وسائل التجسس والتصوير بالأشعة وغير الأشعة عاجزا مشلولا غير قادر على تحقيق أهدافه أو حتى التعرف على مصير اسراه الموجودين لدى المقاومة وأين هم ومن على قيد الحياة أو قتل رغم الاجرام المتناهى واللجوء إلى الإبادة الجماعية وتطبيق سياسة الأرض المحروقة وعملية عد الفلنكات أو الأحجار فى غزة حجرا حجرا؟ّ!
فى الوقت الذى حقق فيه العدو ضربات موجعة ومؤلمة فى مناطق أخرى مع دول وجماعات أشد باساً وغير محاصرة.. حزب الله مثلا وفى اغتيال واستهداف كبار القيادات والشخصيات الفلسطينية خارج أرض المعركة كما حدث مع إسماعيل هنية فى طهران ومع حسن نصر الله وقيادات حزبه فى لبنان ومع الضربة الأولى المباغتة فى العدوان المجرم على إيران حتى شعر العدو بزهو القوة وغرور ووهم النصر قبل أن يفاجئ برد ساحق افقده صوابه فى اليوم التالى.. زلزل أركان الكيان وملأ مجتمعات المستوطنين رعبا.
كل هذا لم يكن له من إجابة وبالاجماع سوى أنهم الخونة والخائنون الذين استذلهم الشيطان الصهيونى بغواياته المعهودة حتى صاروا خدما وعبيدا له ولمخططاته الجهنمية فى النيل من الأوطان واغتيال القادة الأبطال.
ولعل هذا هو الدرس الأهم والأقوى الذى يجب أن تستوعبه جيداً الحكومات والشعوب التى لها تعامل أو شبه تعامل مع العدو.
النتيجة التى تجلت أمام أعين الجميع وبلا أدنى شك.. أن أخطر سلاح امتلكه العدو الصهيونى فى مواجهاته الأخيرة كان سلاح الخونة والخائنين ولم تسعفه ترسانات الأسلحة الحديثة والمتطورة والمساعدات اللوجستية من الغريب والقريب فى الوصول إلى أهدافه أو ما يطمح إليه فى المكان والزمان بمثل ما فعل الخائنون.. العدو يجيد هذا السلاح لأنه الأقرب إلى طبيعته وأخلاقه وما جبل عليه من خسة ونذالة وعدوان على الحرمات وتدنيس للمقدسات.. وهم ما يدفعنا دفعا إلى ضروة الانتباه إلى بند الخونة والخائنين عليهم لعنات الله والناس أجمعين.
لذا ومن نافلة القول إن إغلاق الطرق على العدو وإجهاض أى محاولة للاختراق على مدار الساعة واجب قومى وشرعى ويصل إلى مرتبة فرض العين ولا يسقط عن أحد أبداً حتى تظل بوابات الخيانة موصدة وغير مسموح لأحد وفى أى مستوى استباحتها وانتهاكها تحت أى أسم أو مظلة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو فنية أو ترفيهية.
<< والله المستعان..