ونحن على مقربة من ذكرى ثورة 30 يونيو 2013 التى استعاد فيها المصريون دولتهم من قبضة الفوضى والمتآمرين.
فى هذه الفترة التى يشتعل فيها الصراع فى منطقة الشرق الأوسط، بعدما تمادت إسرائيل فى صلفها وغرورها بل وتهورها إلى حد تعريض كيانها الصهيونى نفسه للخطر والزوال، بعدما دخلت فى حرب الصواريخ مع إيران لتطال المدنيين فى قلب المدن سواء فى قم الإيرانية أو تل أبيب.. فقد غاب العقل وتعطلت الحصافة لدى حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية بزعامة نتنياهو، الذى أخذ الضوء الأخضر من سيده فى البيت الأبيض الذى يتلاعب بأمن وسلام العالم بقراراته السياسية والاقتصادية المتخبطة، بما فيها استقرار الامبراطورية الأمريكية والعبث بديمقراطيتها التى كشفت عنها اضطرابات المهاجرين فى كاليفورنيا.
أعتقد أننا كمصريين يرقبون ما يحدث فى المنطقة، خاصة بالقرب من حدودنا الشرقية لأهلنا الفلسطينيين فى غزة من عمليات حصار وتجويع وقتل وتشريد إلى حد الإبادة الجماعية، وسط تجاهل أمريكى مفضوح وعجز أوروبى سقط معه المجتمع الدولى والقانون الدولى والإنسانى بكل مؤسساته وهيئاته التى صارت لا تملك أكثر من بيانات الشجب والإدانة أو التظاهرات الجماعية المنددة التى لا يعيرها سفاح القرن نتنياهو قيد أنملة من الاهتمام.
أعتقد أننا كمصريين لابد أن نكون على أقصى درجات الوعى واليقظة والحذر فى التعامل مع مثل هذه التطورات السياسية الخطيرة.. وما يبث ضدنا من حروب السوشيال ميديا من أكاذيب وشائعات وضلالات، تصل كثيراً إلى حد التزييف والخداع فى عرض تصريحات مفبركة على لسان قيادتنا ومسئولينا باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى فى حروب دعائية تضاف إلى ما يقوم به الخونة والعملاء الذين سقطوا فى أيدى أجهزة الاستخبارات الأجنبية ينفذون أجندات مؤامرات وفتن منذ أسقطت ثورة 30 يونيو دولة الخلافة المزعومة وتنظيمها الدولى الذى استعصت عليه مصر إبان ثورات الربيع العربى الزائف، إلا أنهم مازالوا يتحينون الفرص والظروف السياسية الراهنة للانقضاض عليها مرة أخرى، لاسيما أنهم يتصورون أن سيناريو نجاحهم فى سوريا مؤخراً يمكن أن يتكرر فى دول أخرى فى المنطقة.. ولكن هذا مستحيل فى ظل خصوصية مصر وشعبها وجيشها الصلب القوى.
>>>
من هذا المنطلق، أجزم بأن موقف المصريين جميعاً كان متطابقاً مع موقف الدولة الحاسم بشأن التعامل مع مايسمى بقافلة تقديم المساعدات والإغاثة لسكان غزة التى أتت من دول المغرب العربى وتأييدهم الكامل لبيان وزارة الخارجية بشأن تنظيم دخول القوافل الأجنبية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح واشتراط الحصول على موافقات مسبقة من الجهات المعنية، احتراماً للسيادة المصرية التى تعد خطاً أحمر غير قابل للتهاون.
وبعيداً عن أبسط البديهيات بالالتزام بالقوانين والقواعد المنظمة لزيارة المناطق الحدودية والمعابر الرسمية للدولة، لاسيما فى هذه الظروف الراهنة التى تمر بها تلك الحدود الملتهبة فى ظل عملية الحشد والدفع بالفلسطينيين صوب الحدود المصرية من الجانب الآخر لها فى مخطط صهيونى شيطانى وموقف مصرى قاطع برفض التهجير لهم سواء لمصر أو أى دولة أخرى.
ومع تقديرنا للنيات الحسنة والتعاطف مع أهلنا فى غزة، فإن مصر وشعبها الذى يدفع ثمناً باهظاً لموقفه المشرف فى رفض تصفية القضية الفلسطينية منذ أكتوبر 2023، هو بالتأكيد أحرص من أى شعب آخر، مع احترامنا لأى تعاطف إنسانى، ولكنه لن يكون مثل التضحيات الجسام التى قدمها المصريون عبر أربعة حروب من أجل مساندة الشعب الفلسطينى ومئات الآلاف من الشهداء التى قدمتهم مصر بين ما يقرب من 80 عاماً هى عمر هذه القضية التى يتذكرونها الآن بقوافل أو مساعدات غير منظمة هدفها الحقيقى المزايدة على مصر وإحراجها وفق مخطط نعرفه جميعاً، لاسيما أن مصر لم تتوقف عن تقديم أكبر المساعدات لسكان غزة منذ بدء الأزمة وفى ظل تعامل سياسى وسيادى محكم واتفاقية موقعة مع الطرف الآخر لا مجال لاختراقها بسوء أو حسن نية، ومنح ذرائع له ينفذ منه لخلق واقع جديد على الأرض والسيادة والأمن القومى المصرى الذى تدرك معه مصر وحدها متى تتحرك للدفاع عنه.
>>>
باختصار، مع كل التقدير للعواطف والنيات الطيبة.. نرجوكم مصر أدرى بأرضها وترابها وحدودها، وهى الأكثر دعماً ومساندة لأهلنا فى غزة.. ولكن الحفاظ على أمن مصر واستقرارها وسلامتها، هو شأن خاص بها لا يجوز لكائن من كان أن ينازعها فيه ولو بالنوايا الحسنة.