الصبر الإيجابى فضيلة، تُهدينا الرضا، والطمأنينة، وتبعث فى قلوبنا الراحة، والسكينة، وتجعلنا نتقبل التأخير، دون جزع، أو ألم، أو مرارة، أو تعجّل؛ فتلك نوازع الخروج، التى تبدأ بالشكوى، وتنتهى بالخروج عن السياق، دون حصدٍ لثمار نُنْشدها، وهنا نجد أن فلسفة الصبر، تقوم على، تقليل حالة التوتر، والانفعال، بمزيد من بذل الجهد، والعطاء، وهذا يؤكد لنا أن ذلك الخلق القويم، يمدُّنا بقيمة عظيمة، وهى الصمود، حيث تحملنا عن طيب خاطر، إلى مشقات، وتحديات، وصعوبات، وأزمات، دون إظهار ما نعانى منه، من شدة ألم.
إيجابية الصبر، تجعلنا قادرين على الوصال، نحو طريقنا الذى نراه بعين اليقين، ويمكّننا من التواصل مع الآخرين؛ فلا نفقد ماهية الاندماج المجتمعي؛ فنعيش فى معزل، ومهْجر، ناهيك عن تحمّلنا لكافة التَبعات، التى قد تكون فى مجملها ضاغطةً، إيمانًا منا بأنَّ الصحة النفسيّة، والجسديّة، مرتبطة بصُمودِنا، وأن الحياة دون تمسك بالأمل؛ بغية الوصول إلى الغاية، سوف تفقدنا شغف تحقيق طموحاتنا؛ لذا توجَّبَ علينا القناعة، بأن العمل خير بديل، مهما واجهتنا العثرات، أو الصعوبات.
هنا أرى أن الصبر الإيجابيّ، يؤسس على مجالات، أو أعمدة ثلاثة، الأول منها المعرفة، التى تمدُّنا باليقين، والثانى الممارسة، التى تتسق بصحيح الفعل، والثالث الوجدان، الذى يتغذّى على اتصاف قيميٍّ، دون جدال، وهذا فى كُلّيته، يؤكد لدينا أن فضيلة الصبر، تمكّننا من ضرورة السعى، تجاه البحث عن الأسباب، كى نترك طرائق السلبيّة، والانقياد، والخنوع، ونسلك طريق النور، والعلم، والمنهجيّة الرصينة، التى تُفرض علينا القيام بخطوات منطقيّة، تتسم بالصحة، والثبات، ومن ثم تنْمو لدينا القناعة، بأن نهاية الطريق مليئة بالخير، لا محالة.
مقدرتنا على حيازة السِّلم، والسَّلام للنفس، بوابته الصبر الإيجابى، فهو مفتاح العقل.. ففى خضمّ راحة البال، والهدوء، والطمأنينة، والرضا، التى تتوافر عبر هذه البوابة، نتمكن من أن نستلهم أفكاراً إيجابيّة، ناتجة عن تفكر، فيما يدور حولنا من أحداث.
أعتقد أن الصبر الإيجابيّ، عنواناً للسعادة لدى الإنسان، الذى لا يكفُّ عن العمل، وشرف المحاولة، والعطاء المُسْتدام، والمثابرة والصُّمُود، وبذل أقصى ما فى الجهد، من أجل بلوغ غاية مشروعة، تتناغم مع ماهيّة الطُّموح، والأمل، فما أجمل! من حياة تقوم فلسفتها على معنى، وقيمة، تبعث فى نفوسنا تحمُّل مسئوليّة، أفعالنا، وأقوالنا، وطيب مشاعرنا الراقية، وما أفضل! من أن تتغلب طاقتنا الإيجابية، على صور السلبيّة، التى تتأتَّى من مصادر يصعب حصرها.. ودى ومحبتى لوطنى وللجميع.