منذ 2700 سنة سطّر أشعياء النبى أحد أنبياء بنى إسرائيل الكبار تلك الكلمات، التى تبرز صفات ذلك الشعب قائلاً: «طريق السلام لم يعرفوه وليس فى طرقهم عدل جعلوا لأنفسهم سبلاً معوجة من يسير فيها لا يعرف سلاماً» أشعياء 8:59.. تلك الكلمات تفسر لنا ما يجرى الآن فى «غزة» من إبادة جماعية لشعب أعزل يبيت فى العراء ويجتاز فى معصرة الألم والخوف والجوع والعطش، فى ظل نظام دولى قد ألف على الصمت ضارباً عرض الحائط بالعرف والتقاليد والمبادئ الإنسانية.. من خلال تلك العميلة الحالية المعروفة بـ «مركبات جدعون» صرح نتنياهو قائلاً فى نهاية هذه الحملة ويقصد الهجوم العسكرى الحالى: سوف تصبح جميع أراضى قطاع غزة تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية.. وفى خلال المؤتمر الصحفى الذى عقده فى القدس أعلن أنه يتعين على قيادة حماس مغادرة غزة ويجب على إسرائيل ضمان خلو القطاع من السلاح والمضى قدماً بعد استيفاء جميع هذه الشروط فى تنفيذ خطة ترامب المقترحة لمستقبل غزة.. وقد أكد ترامب فى حديثه عبر الهاتف مع نتنياهو قائلاً: بيبى، أريدك أن تعلم أن لدى التزاماً مطلقاً تجاهك والتزاماً مطلقاً تجاه إسرائيل.. فى مقال إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلى السابق بعنوان «يجب على إسرائيل دعم صفقة ترامب لإنهاء الحرب»، صرح قائلاً إن استمرار الحرب سوف يصبح بمثابة حكم بالإعدام على بعض أو معظم الرهائن.. واستطرد باراك قائلاً: منذ عهد بن جوريون، اتبعت إسرائيل أربعة مبادئ أساسية، وهى يجب أن تكون الحرب عدوانية وعلى أرض العدو وتنتهى بسرعة حتى يمكن ترجمة نتائجها إلى حقائق دبلوماسية وسياسية، مع الحفاظ على الشرعية الدولية والأخلاقية، تلك المبادئ قد خانها نتنياهو فى مقال لازار بيرمان بعنوان «مازال النصر فى متناول اليد 10حقائق عن حرب غزة»، صرح قائلاً: تناور القوات الإسرائيلية مرة أخرى داخل قطاع غزة على أمل أن تكون هذه هى الضربة القاضية، ولكن مازالت حماس تقاتل ولا يبدو إنها متلهفة للوصول إلى اتفاق .. ويؤكد يبرمان قائلا:ً بعد ما يزيد على 20 شهراً من هجوم السابع من أكتوبر، كثف الجيش الإسرائيلى هجماته من خلال عملية يؤكد القادة أنها مفتاح النصر فى الحرب، ومع ذلك مازال من غير الواضح ما يمكن أن يؤدى إلى هزيمة حماس، فى ظل استمرار تراجع مكانة إسرائيل فى العالم.. وقد حذر باراك قائلا:ً فى خطة اليوم التالى للعملية الجديدة، لا معنى للتضحية بحياة الرهائن أو تعريض القوات الإسرائيلية للخطر فى حرب لا طائل من ورائها، فمن يستطيع أن ينظر فى عيون الآباء والأرامل والأيتام المكلومين والجنود المعاقين والمصابين بصدمات نفسية، ويدعى بضمير راض أنه فعل كل شىء لمنع الخسارة؟!، وانتهى باراك قائلا:ً طالما أن إسرائيل ترفض إطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب، فإن خطر المبادرات الدولية بما فيها دعوة الجيران العرب لمقاطعة إسرائيل واتخاذ خطوات جادة نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية من جانب الدول الأوروبية الصديقة لإسرائيل.. كل هذه الحقائق تؤكد أن عملية «مركبات جدعون» التى تجرى الآن، لن تؤدى فى نهاية المطاف إلى تحقيق السيطرة الكاملة على قطاع غزة كما يزعم نتنياهو، بل إلى الدخول فى دائرة من العنف المجنون وعزلة إسرائيل.. وقد خلص بريان كايلور فى مقاله بعنوان «دعوة إلى الإبادة الجماعية التوراتية» قائلاً إن ما تنوى إسرائيل القيام به فى غزة، هو دعوة صريحة للإبادة الجماعية وقتل جميع الفلسطينيين وليس المقاتلين فقط، بل والأطفال والنساء.. فهى ليست حرباً عادلة، بل هى حرب شاملة باسم الله.