الخبراء: القرار تأكيد لمكانتها وما شهدته من تطورات إيجابية
فى خطوة بالغة الأهمية صنف الاتحاد الأوروبى مصر ضمن قائمة «دول المنشأ الآمنة»، هذا التصنيف يتجاوز كونه إجراءً شكليًا، فهو اعتراف أوروبى ودولى صريح باستقرار مصر وأمنها وسيادة القانون فيها ونظامها الديمقراطي، ويؤكد تصنيف الاتحاد الأوروبى أن مصر بيئة آمنة تمامًا، خالية من الاضطهاد أو التمييز، وأن رعاياها لا يُنظر إليهم على أنهم بحاجة إلى حماية دولية.
التصنيف أغضب بعض المنظمات الحقوقية المتربصة بمصر وكذلك الجماعة الإرهابية لأنه جاء عكس ما يريدون، لكن خبراء السياسة والاقتصاد أكدوا أن هذا التصنيف له أثر إيجابى كبير على كافة المستويات سواء السياسية والاقتصادية، فهو يُعزز من قدرة مصر على جذب المزيد من الاستثمارات والسياحة، بفضل مكانتها باعتبارها دولة ذات ثقل إقليمي.

وهذا ما أكده الدكتور إكرام بدر الدين ـ أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة قائلاً إن هذا التصنيف يعنى أن الاتحاد الأوروبى يعتبر هذه الدول آمنة تمامًا، وتتمتع بضمانات قانونية واضحة ونظام ديمقراطي، ولا تشهد أى اضطهاد أو تمييز، ومن وجهة نظر الدول التى تمنح اللجوء، تُعتبر هذه الدول آمنة بدرجة كافية بحيث لا يُنظر إلى رعاياها على أنهم بحاجة لأى حماية دولية، مشيرا إلى أن الأهمية الدولية والإقليمية لهذا التصنيف تَكْمُنْ فى أن دخول مصر ضمن هذه القائمة له دلالات إيجابية بالغة الأهمية على الصعيدين الدولى والإقليمي، حيث يعزز هذا القرار صورة مصر كدولة مستقرة وذات سيادة قانونية ونظام ديمقراطي، وكذلك فإن سجلها القومى أصبح يؤهلها لهذا التصنيف مما يؤثر إيجابًا على علاقاتها الدبلوماسية ويعزز مكانتها كشريك موثوق ويقطع ألسنة المنظمات التى تستهدف مصر بتقارير كاذبة.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية إن أهمية هذا التصنيف لمصر كدولة يحمل فى طياته آثارًا سياسية واقتصادية مهمة، حيث يعكس ثقة دولية فى استقرارها وأمنها، واقتصاديًا قد يفتح آفاقًا جديدة للتعاون والاستثمار، ويحسن من نظرة المجتمع الدولى للبيئة المصرية ككل، ويزيد مساحات الاقبال السياحى وكذلك اتفاقيات التعاون مع مصر.
دور إقليمى ودولى فاعل
أوضح بدر الدين، أن مصر تُعد دولة مستقرة لا تشهد اضطهادًا ثقافيًا أو دينيًا، وهذه السمات، إضافة إلى تمتعها بالاستقرار الأمني، تعكس بوضوح وزنها ودورها على المستويين الإقليمى والدولي، وتتميز مصر بعلاقات قوية وممتازة مع دول الاتحاد الأوروبي، مما ينعكس إيجابًا على الجانب الاقتصادي، وهذا الاستقرار يُسهم فى زيادة الاستثمارات الأجنبية، سواء من دول الاتحاد الأوروبى أو غيرها، فكما هو معروف فى علم الاقتصاد، تتجه رؤوس الأموال دائمًا إلى المناطق الآمنة والمُستقرة، وتتجنب تلك التى تشهد اضطرابات أو مشاكل، هذا المفهوم يعكس مقولة «رأس المال جبان». لذلك، فإن الصورة الإيجابية لمصر كدولة آمنة ومُستقرة تحترم حقوق الآخرين تزيد من جاذبيتها للاستثمارات على المستويين الأوروبى والعالمي، مما يعود بالنفع على الاقتصاد المصرى وشعبها.
وشدد على أنه خلال السنوات الماضية، استقبلت مصر أعدادًا كبيرة من اللاجئين الفارين من الصراعات والمشاكل فى بلدانهم، وهذا دليل آخر على استقرارها ودورها المؤثر على الصعيدين الإقليمى والدولي، خاصة ان العالم كله شهد كيف تتعامل مصر مع اللاجئين ورغم استضافتها لنحو 10 ملايين لاجئ لكنها لم تزايد بهم ولم تستخدمهم كورقة ضغط.

ثقة إقليمية ودولية
الدكتورة حنان كمال أبو سكين ـ أستاذ العلوم السياسية ورئيس قسم بحوث وقياسات الرأى العام بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ـ أوضحت أن مصر تُعد الدولة الوحيدة فى المنطقة التى تتمتع بالاستقرار والثقة، وذلك لمكانتها كدولة ذات ثقل إقليمي، فعلى عكس الدول المُحيطة التى شهدت تغيرات و تحولات سياسية جَذرية منذ عام 2011، تمكنت مصر من استكمال خريطة طريقها بثبات وديمقراطية، محققةً كافة استحقاقاتها الدستورية، مُؤكدة أن هذا الاستقرار ترجم لعدة مُؤشرات إيجابية، منها نمو قطاع السياحة؛ فالأعداد المُتزايدة للسياح تعكس الثقة فى الأجواء الآمنة، علاوة على المشروعات القومية، والنهضة العمرانية والتنموية التى تشهدها البلاد، فدور مصر المحورى فى المنطقة واضح، وعلى الصعيدين الدولى و الأممى ، أولت مصر اهتمامًا خاصًا بملف الحرب على غزة، ونجحت فى التوسط لإبرام هدنة وتبادل الأسرى وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، مُشيرة إلى تمتع مصر بـقوة إقليمية وثقة دولية، وهو ما تؤكده التقارير الدولية، ويضاف إلى ذلك امتلاكها جيشًا قويًا يُعد من بين الأقوى فى الشرق الأوسط، وتطبيقها لـسيادة القانون، بالاضافة إلى إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى وضعت حقوقاً غير مسبوقة وفقاً لمعايير دولية، كل هذه العوامل تخلق مناخًا إيجابيًا ينعكس على كافة الجوانب ويعزز سمعة مصر الدولية، مما يجعلها محل ثقة على الساحة العالمية.
وأكدت أبو سكين أن تصنيف الاتحاد الأوروبى لمصر سوف يسهم فى التأثير على علاقاتها الخارجية إقليميًا ودوليًا وسيعزز من ثقلها ومكانتها، ويُحسن علاقات مصر مع دول الجوار وسيتم تصنيف مصر ضمن القوى المتوسطة، وهو مصطلح يُطلق على الدول ذات التأثير الكبير على الصعيدين الإقليمى والدولى وتتمتع بمؤشرات تأثير قوية جدًا فى محيطها الإقليمي، وتضطلع بدور هام فى الدبلوماسية متعددة الأطراف وحل النزاعات بالطرق السلمية، باعتبارها تمثل صوتًا عاقلًا فى الصراعات الدولية تبحث دائماً عن السلام والحوار، ولا يمكن أبدًا تجاهل دورها فى أى تسوية للمشكلات المحيطة بها.
تعزيز لمكانة مصر
أوضحت رئيس قسم بحوث وقياسات الرأى العام بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية أن مصر، بفضل مكانتها الفاعلة والقوية فى النظام الإقليمى للشرق الأوسط، تتمتع بثقلٍ دولى وإقليمى كبير ينعكس على سياستها الخارجية، حيث تسعى العديد من الدول للتقارب معها للاستفادة من خبراتها ومكانتها.
مشيرة إلى أن غضب بعض المنظمات المشبوهة من هذا التصنيف سببه أنهم لا يريدون لمصر إلا أن تواجه أزمات وأن تكون سمعتها مشوهة أمام السياح وأمام المستثمرين وأمام المنظمات الدولية.

بيئة اقتصادية آمنة
أوضح الدكتور عادل عامر مدير مركز المصريين للدراسات والبحوث ـ أن القرار الصادر من الاتحاد الأوروبي، والذى جاء نتاجًا لجهود سياسية مُكثفة من الدولة المصرية، يُشجع بشكل كبير على زيادة الصادرات المصرية إلى جميع الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى وتمنح هذه الشهادة لمصر الحق فى تصدير كل منتجاتها وجذب الاستثمارات داخل مصر، نظرًا لكونها بيئة اقتصادية آمنة، حيث تبنت مصر مجموعة من المعايير الدولية لضمان بيئة اقتصادية واستثمارية آمنة، مما يُعزز من جاذبيتها، مبينا أن هذا القرار ينعكس إيجابًا على مستقبل مصر حيث سيؤدى إلى زيادة كبيرة فى جذب الاستثمارات ليس فقط من الاتحاد الأوروبى فحسب، بل من دول العالم أجمع.
أشار عامر أنه رغم أن القرار يسرى على الاتحاد الأوروبى بشكل مباشر، إلا أنه يَمنح سُمعة قوية جدًا لمصر واقتصادها وسياستها لدى جميع دول العالم الأعضاء فى الأمم المتحدة، حتى تلك التى خارج نطاق الاتحاد الأوروبي، حيث يعتبر الاتحاد الأوروبى قوة اقتصادية عالمية، وبالتالى فإن هذا الإنجاز ليس بالبسيط وتُمثل خطوة عظيمة لمصر.
دكتور ماهر العربى – استاذ العلوم السياسية أوضح أن قرار الحكومة الإيطالية والاتحاد الاوروبى بتصنيف مصر «بلد منشأ آمن» له مردوده الاقتصادى والسياسى على الدولة المصرية وعلاقاتها الخارجية مع دول الاتحاد، ولهذا وجدنا حالة الغضب من المتربصين لمصر لأنهم لم يكونوا يريدون هذا، مضيفاً أن هذا التصنيف الجيد سينعكس على مواقف طالبى الاستثمار ورجال الاعمال الاوروبيين والشركات الاستثمارية التى ترى فى مصر مناخا آمنا مستقرا وضمانات تمنحها لكل مستثمر اجنبى اضافة الى الحماية الممنوحة للمتقدمين للاستثمار فى مصر وقد ظهر ذلك بوضوح فى بعض الشركات مثل سيمنز الألمانية التى تعمل فى قطاع الكهرباء وغيرها من الشركات الى جانب احتمالية اعلان العديد من الشركات التى ترغب فى الاستثمار فى مصر حيث اننا نعلم ان رأس المال جبان لأنه ينظر دائما للظروف المهيأة للحفاظ عليه وزيادته .
يضيف العربى ان مصر اصبحت بدعم الاتحاد الأوروبى من المناطق المهيأة عالميا والمستقرة سياسيا وبدعم من الدولة المصرية صارت هناك محاكم اقتصادية مختصة بهذا المجال لحل أى نزاع اقتصادى من خلال معايير تنطبق بوضوح على جميع الاطراف ومن ناحية اخرى هناك العديد من المناطق الاقتصادية الكبرى فى مصر التى تستدعى نظر رجال الاعمال للاستثمار فيها وقد شجع الرئيس عبد الفتاح السيسى هذا الاتجاه بتوجيهات صريحة للحكومة للمضى فى هذا الاتجاه وقد ظهر جليا فى تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بأنها دولة مؤسسات واستقرار.