ذات مساء همس صديقي في أذني قائلًا: الذي يحدث ليس مصادفة قلت ماذا تقصد؟ أجابني كل العلامات والدلالات وتتابع الأحداث تؤكد أن هناك من يرتب ويدعم ويجمع ملامح صورة نجم جديد ليس على شاكلة النجوم السابقين، إنه جديد تماماً ومختلف وسوف يكون حكاية لها العجب، هززت رأس موجهاً حديثي له دعنا ننتظر والسؤال كيف تتم صناعة النجم؟ إنها تحويل شخص ما يبدو عادياً لكن من وجهة نظر الصانع موهوب ومن ثم يمكن صناعته كنجم وتشمل الصناعة عدة أمور أولها اكتشاف الموهبة ثم تقديمها إلى الجمهور للمرة الأولى ومن بعد يتم استثمارها بالترويج لها مع العمل على تطوير تلك المهارات لدى المراد نجوميته والعمل على إضفاء المحاسن العامة عليه واخفاء عيوبه واختيار الوقت والظرف المناسب لتنجيمه.
وتُعد هوليوود بيت الخبرة الأعظم في صناعة النجوم في السينما، وعلى نحو ما تفعل هوليوود تقوم مؤسسات سياسية واقتصادية ودينية واجتماعية ورياضية وبالطبع فنية بصناعة النجم وفقاً لسيناريوهات احترافية تجعل المشاهد أو المتفرج مقتنعا بمشاهد السيناريو وصدق الحوار، إذ يجلس المشاهد عاجزاً عن مجاراة كيفية تصرف البطل النجم مع ما يواجهه من تحديات وصعوبات ليجتازها بذكاء وإرادة ليصل إلى إنجاز مهمته ومن العجز يأتي الاقتناع بقدرات الآخر الذي لا يضعف ولا يلين ولا يستسلم ولا يتوقف، إنها لعبة التمويه التي تمارس على مستويات متعددة وبطرق مختلفة حتى يشعر المتفرج مع تكرار المواقف والتحديات وإمكانية الانتصار عليها بأنه شخصياً يمكن أن يكون بطلاً ونجماً لو عرف قواعد اللعبة أو النجومية طالما أن هذا البطل الخارق على شاشة العرض أو كما تصوره الدعاية هو إنسان عادي في الأصل لا يمكن أن يلفت انتباه أحد في الشارع أو عندما يتحدث أو يقوم بفعل بل إنه وكما نحكى عن سيرته تعرض لحياة وظروف صعبة لكنه الآن حصل على فرصته وصار نجماً والمتفرج المسكين والحالم لا يعرف ما الذي حدث وراء كواليس النجومية، وكيف تم التخطيط لها ولماذا اختير هذا الشخص بعناية وغرض ليصبح نجماً.
في سبعينيات القرن العشرين طرحت مدرسة فرانكفورت خاصة مع الفيلسوفين أدورنو وهوركهايمر عبر تصورهما النقدى لعملية «الصناعة الثقافية» التي يتم من خلالها صناعة النجوم حيث يكون اللعب والغرض هو السيطرة لفرض صورة النجم الجاذب للجماهير وفقاً لخطة إعلامية ودعائية ممنهجة دون الاهتمام بالموهبة الحقيقية أو القدرات المؤهلة لنجم له جدارته في مجاله، إننا أمام أدوار مرسومة بعناية الصورة البطل الذي يقاوم ولا ينهزم ويستمر حتى النهاية، إنه بطل الحكاية، والنجم المنتظر!
وأخيراً يأتي تعبير المبدع صلاح جاهين ليكشف لنا الأمر فيقول «أحب الخيال والكلام الخيالي.. ولو كان جنوني ولو كان تسالي… عرفت الحقيقة ودقت الحقيقة.. لعنت الحقيقة مهیاش مجالی».