مصر لا تحيد عن مواقفها الصادقة والشريفة الثابتة تجاه أشقائها، خاصة الدول التى تواجه أزمات وجودية تسعى بكل السبل والوسائل وكافة أنواع الدعم السياسى والدبلوماسى، لاستعادة الأمن والاستقرار فى هذه الدول ومقدرات شعوبها ووحدة وسلامة أراضيها، وإعادة بناء الدولة الوطنية ومؤسساتها على أسس المصالح الوطنية العليا والاصطفاف وأيضا الحفاظ على الحقوق المشروعة فى التمسك بالأرض.
لا يختلف اثنان أن مصر تبذل جهودًا مكثفة ومتواصلة وصادقة من أجل إنهاء الأزمات فى تلك الدول خاصة وأنها دول جوار وترتبط ارتباطًا وثيقًا ووجوديًا بالأمن القومى المصرى، وهو ما يفرض تحديات هائلة على الدولة المصرية وهنا أتحدث عن ليبيا والسودان وفلسطين فى ظل ما يحدث من عدوان وحرب إبادة على الأشقاء الفلسطينيين فى قطاع غزة والضفة الغربية من قبل الكيان الصهيونى الذى يحاول فرض أمر واقع وتنفيذ مخطط التهجير بدعم أمريكى مطلق، إلا أن الموقف المصرى الحاسم والقاطع يتصدى بقوة لهذا المخطط واطلقت القاهرة تحذيرات واضحة ورفضًا كاملاً لمخطط التهجير بشكل عام أو على حساب الأمن القومى المصرى وهو ما يجمع عليه المصريون قيادة وشعبًا.
الحقيقة أن جهود مصر ومواقفها تجاه الأزمات فى ليبيا والسودان وفلسطين تعمل على اجهاض مخططات تستهدف هذه الدول الشقيقة من تقسيم وتهجير وهذا المشهد فى الدول الثلاث يكشف بوضوح حجم التحديات التى تواجه الدولة المصرية فى ظل طول الحدود مع الدول الثلاث وهو ما يفرض على مصر إجراءات استثنائية لحماية حدودها وأمنها القومى وتحقق ذلك بكفاءة واقتدار فى ظل جاهزية ويقظة أبطال قواتنا المسلحة الباسلة لا يخفى على أحد معاناة ليبيا الشقيقة من حالة الانقسام، ووجود حكومتين فى الشرق والغرب.. وعلى مدار السنوات الماضية سابقت مصر الزمن أجل لم الشمل الليبى وتوحيد الدولة الليبية ومؤسساتها وانهاء حالة الانقسام وإعلاء المصلحة الوطنية والحفاظ على مقدرات الليبيين، والحفاظ على وحدة وسلامة الأراضى الليبية، وأيضا منع التدخلات الأجنبية، وخروج القوات الأجنبية والميليشيات والمرتزقة، والعمل على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى وقت متزامن، وتفعيل إرادة الليبيين لاختيار الرئيس والبرلمان، والشروع فى اطلاق عملية البناء والتنمية واستعادة ليبيا والحفاظ على مقدراتها وثرواتها.
مصر ليس لها أى أطماع وكل أهدافها أن تعود ليبيا القوية الموحدة الآمنة المستقرة لأن ذلك يصب فى مصلحة مصر وأمنها القومى خاصة أن بين البلدين الشقيقين حدودًا مترامية تصل تقريبًا إلى 1200 كيلومتر، لذلك فإن عودة الدولة الليبية هى هدف إستراتيجى تعمل عليه مصر على مدار الساعة بجهود صادقة ومواقف شريفة.
مصر تتحرك بفاعلية فى الملف الليبى سواء على الصعيد الدولى، أو الإقليمى خاصة دول الجوار مع ليبيا، وهى مصر وتونس والجزائر ومن هنا فإن الدكتور بدر عبدالعاطى وزير الخارجية، اجتمع منذ أيام مع وزيرى خارجية تونس والجزائر فى القاهرة فى إطار جهود إنهاء الأزمة وتوحيد الشعب الليبى، وإنهاء الانقسام وأكد الاجتماع الثلاثى على مجموعة من الثوابت والنقاط المهمة، أبرزها الالتزام بأقصى درجات ضبط النفس والوقف الفورى للتصعيد من أجل سلامة أبناء الشعب الليبى وهنا الحديث عن حالة الإنفلات والفوضى والتصعيد فى طرابلس وأيضا أهمية إعلاء مصالح الشعب الليبى والحفاظ على مقدراته وممتلكاته وتحقيق التوافق بين الاطراف الليبية باشراف الأمم المتحدة ومساندة دول الجوار وهى نقطة فى منتهى الأهمية، وضرورة انهاء الانقسام والمضى قدمًا بالعملية السياسية فى ليبيا نحو توحيد المؤسسات وعقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية بالتزامن والتأكيد على أن أمن ليبيا هو أمن دول الجوار وضرورة أن تكون الملكية السياسية الخالصة للعملية السياسية فى ليبيا وأن الحل السياسى لابد أن يكون ليبيًا ــ ليبيًا بإرادة وتوافق المكون السياسى الليبى ورفض التدخل الخارجى فى ليبيا والذى من شأنه تأجيج التوتر الداخلى وإطالة الأزمة الليبية بما يهدد فرص الاستقرار فيها.
والحقيقة أن التحرك المصرى فاعل وبناء وذكى خاصة وأن إرادة الليبيين ومساندة دول الجوار هما حجر الزاوية فى تحقيق النجاح نحو إنهاء الأزمة ولذلك فإن القاهرة تعمل مع تونس والجزائر على دعم الحل السياسى من أجل مصلحة وأمن واستقرار ومقدرات الليبيين.
فى السودان أيضا تتحرك مصر بقوة وفاعلية من أجل استعادة الأمن والاستقرار فى السودان والحفاظ على وحدة وسلامة أراضى البلد الشقيق الذى يعد جزءًا من الأمن القومى المصرى المباشر وما يربط القاهرة والخرطوم من مصير مشترك، لذلك مصر لا تتوانى عن تقديم الدعم السياسى والدبلوماسى والإنسانى من أجل مصلحة الأشقاء والحرص على الشعب السودانى فى انهاء الأزمة ووقف نزيف الدماء وإعلاء المصلحة العليا للسودان وشعبه والتحذير من التدخلات الخارجية فى السودان وتقديم كافة أنواع الدعم الإنسانى وفتح أبواب مصر لاستقبال الأشقاء من السودان فى ظل الأوضاع الأمنية المتدهورة بسبب الاقتتال الأهلى وغيرها من أنواع الدعم والمساعدات الإنسانية فى إطار الجهود المصرية المكثفة للحفاظ على السودان الموحد، وسلامة أراضيه، خاصة وأن هناك قوى خارجية ليس من مصلحتها استقرار السودان، وهو أيضا محاولات للإضرار بمصر وأمنها القومى، فالقاهرة هى المستهدفة فى الاساس وليس ذلك غريبًا فى ظل ما يحدث على حدودها من كافة الاتجاهات الإستراتيجية من صراعات وتواترت واضطرابات وأزمات فى ليبيا والسودان وعدوان وحرب إبادة صهيونية على الأشقاء الفلسطينيين فى قطاع غزة فهو مخطط مرسوم ومحاولات مستميتة لاستدراج وإنهاك الدولة المصرية التى تدرك ذلك تمامًا ولم تستجب للفخاخ التى تنصبها قوى الشر وتظل قوية قادرة تحافظ على مقدراتها وقوتها بفضل حكمة قيادتها ورؤيتها الاستباقية واستشرافها للمستقبل وجاهزيتها لمجابهة كافة السيناريوهات فى حال المساس بأمنها القومى، والحقيقة أن هذه الحكمة اربكت قوى الشر ولخبطت أوراقهم، وتجعل من المخطط غير قابل للتنفيذ على أرض الواقع بسبب قوة وحكمة وحنكة الدولة المصرية وإدراكها لنوايا قوى الشر، ومحاولات الاستدراج من الكيان أو التحالف الصهيو ــ أمريكى لذلك فإن مصر تعمل بنجاح على حل الأزمات فى ليبيا والسودان بحلول سياسية وأيضا دعم الخطوات من أجل وحدة البلدين الشقيقين واطلاق التحذيرات للجميع من مغبة التدخل فى شأن ليبيا والسودان.. وللحديث بقية.