يا عزيزى تكلم حتى أراك .. من فضلك احكى حكايتك، لا تترك قصتك يرويها الآخرون فيقعرون ويحدبون ويزيدون وينقصون، فتضيع ملامح الحقيقة وتتشوه سطور الرواية، الحقيقة ان التراخى فى تبيان الحقيقة والتكاسل فى المبادرة والمبادأة يقود إلى ما لا يحمد عقباه فى كل المجالات، هكذا فعل الرئيس السيسى وبهذا المعنى فهمت توجيهاته الرئاسية للحكومة وتحديداً لوزيرة التخطيط والتعاون الدولى لإطلاق «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية» وهنا أتوقف عند المعنى والمغزى من هذا التوجيه الرئاسى شديد الأهمية.
>>>
فالاقتصاد المصرى مر بظروف صعبة وكانت ومازالت هذه الصعوبات قائمة، لكن محاولات مواجهة تلك الصعوبات كانت متباينة ولا يربطها رابط، فكل حكومة تأتى ومعها خطة جديدة تقوم على انقاض الخطط القديمة، وكان من الملاحظ ان المسئول الجديد ينفق معظم وقته فى قدح وذم من سبقوه ويستغرق جهوداً مضنية لإثبات أنهم كانوا على خطأ، حدث هذا فى الملفات الاقتصادية فوجدنا الوزير الاشتراكى الذى يميل إلى التخطيط المركزى ويحافظ على تدخل الدولة فى النشاط الاقتصادى ملكية وادارة.
>>>
ووجدنا وزيرا آخر فى حكومة اخرى يؤمن بالرأسمالية والليبرالية المفرطة والتى ترى ان دخول الدولة فى النشاط الاقتصادى جريمة وكل ما على الدولة هو الإدارة والرقابة وفقط، وبين هذا الوزير وذاك الوزير أنماط متعددة لتدخل الدولة ودور القطاعين العام والخاص، ولتسهيل الفكرة يمكن ان نعود إلى فكرة الخصخصة من لحظة انطلاقها إلى لحظة ظهور وثيقة ملكية الدولة أخيراً سنجد مذكرة تفسيرية لفكرة « عشوائية الرؤية الاقتصادية «، كل هذا كان ولم يعد بالتأكيد، الدولة كانت حاسمة فى تحديد هويتها الاقتصادية من خلال فكر وارادة القيادة السياسية.
>>>
فطالما تحدث الرئيس عن أهمية دور القطاع الخاص والاستثمار الأجنبى المباشر والانفتاح الاقتصادى المدار وفق أساليب علمية عالمية مع الاحتفاظ بمحددات خطوط استراتيجية مرتبطة بمفهوم الامن الاقتصادى المنبثق من الامن القومى، إذن وبعد عقد من الزمان تم تجهيز الدولة على جميع المحاور من بنية تحتية وفوقية وتشريعية وتعليمية وتحولات رقمية وصولا إلى حالة الانطلاق، اليوم البلد جاهزة لانطلاقة تنموية شاملة وعاجلة، مع هذه الانطلاقة يجب ان يكون هناك «بطاقة تعريفية» لبصمة الاقتصاد المصرى.
>>>
طبيعته وفلسفته ولونه وشكله، وهو اول سؤال يمكن ان يتبادر إلى ذهن اى مستثمر يفكر فى الاستثمار فى اى دولة، لذلك تلقفت توجيه السيد الرئيس للحكومة بإطلاق فورى للسردية الوطنية للتنمية المستدامة بكل ارتياح، لان هذا هو مربط الفرس كما نقول، من نحن وماذا نريد؟ وهنا ارى ان سرديتنا ستكون فى غاية الأهمية على جميع المستويات الداخلية والخارجية، يمكننى ان أضع تصور لبنيان تلك السردية التى تمثل شهادة تعريف وكتالوجاً توضيحياً وخريطة ضوئية للاقتصاد المصرى.
>>>
أولا نحن دولة ذات سيادة ومستقرة سياسياً وأمنياً واجتماعياً، ثانياً نحن دولة تؤمن باحترام الملكية الخاصة وحرية التنقل والتملك والتعبير، ثالثا نحن دولة تسعى لنقل النشاط الاقتصادى ليكون فى معية القطاع الخاص مع رقابة الدولة تنظيميا واحترام الحياد التنافسى، رابعاً نحن دولة تسعى لجذب الاستثمار الأجنبى المباشر بكل الطرق من كل الدول والتكتلات دون تمييز، خامسا نحن دولة زراعية صناعية خدمية سياحية صاحبة اقتصاد مركب وعميق وراسخ، سادسا المجتمع المصرى شاب، ستون بالمائة من سكانه فى سن الشباب وذلك ميزة نسبية عالمية.
>>>
سابعاً مصر دولة تشجع الأنشطة التصديرية وتمنحها كل الدعم والمساندة حتى تقضى على الفجوات التمويلية، ثامنا مصر دولة رأسمالية اجتماعية تسعى للقضاء على الفقر بالتشغيل وليس بالمنح، تاسعا مصر دولة تسعى للتحول الرقمى الكامل فى كل أنشطتها مع التركيز على التعليم التطبيقى والتدريب التحويلى وتقنيات الذكاء الاصطناعى، عاشراً مصر دولة تملك حضارة ولدى شعبها مخزون حضارى لا ينضب.