مصر تؤمن بالتعددية
كركيزة للنظام الدولى
الأزمات التى يشهدها العالم وفى مقدمتها القضية الفلسطينية ما هى إلا نتاج للعجز الحالى الذى تعانى منه المنظومة الدولية والذى يعكس خللاً بنيويًا فى النظام العالمى، التى لم تعد قادرة على مواكبة تعقيدات الأزمات المتصاعدة، سواء ما يتعلق بالنزاعات المسلحة، أو الأزمات الإنسانية، أو تحديات تغير المناخ والأمن الغذائى، فضلاً عن الموضوعات الجديدة والبازغة مثل الأمن السيبرانى والذكاء الاصطناعى، كما أن التسييس فى اتخاذ القرارات، وتغليب المصالح الوطنية الضيقة على المبادئ المشتركة، قد أضعف من قدرة المجتمع الدولى على الاستجابة الفعالة. وبالتالى فنحن بحاجة إلى إرادة سياسية دولية لإعادة الاعتبار للمسئولية المشتركة والتضامن الدولى.
الكارثة الإنسانية فى غزة وصلت إلى حدود غير مسبوقة ، فأصبح القطاع بلا حياة ويحتاج كل شيء، فإذا كانت بالفعل هذه الجهود الدولية صادقة وهادفة لإنهاء الحرب على قطاع غزة، فعليهم الضغط على اسرائيل بشتى الطرق من أجل وقف إطلاق النار فى غزة وانفاذ المساعدات الإنسانية بشكل كامل من أجل إنقاذ الشعب الفلسطينى من ويلات هذه الحرب التى دمرت غزة وأبناءها وبالرغم من ذلك إلا أنهم صامدون فى مواجهة العدوان الاسرائيلى بكل أسلحته الحديثة الفتاكة وهو ما يثبت أنهم متمسكون بأرضهم ولن تستطيع اسرائيل أو غيرها النيل من أبناء فلسطين والذين يضحون وسيضحون فى سبيل وطنهم وأرضهم ولن يتخلوا عن هذه الأرض مهما طال العدوان وازداد من ممارساته تجاههم ، وانه يجب حشد التأييد الدولى للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتطبيق حل الدولتين.
هناك بالفعل تطور للمواقف الدولية إزاء التطورات فى قطاع غزة والضفة الغربية، ولكن هناك اهمية لاستمرار هذا النهج الداعم للحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى والاعتراف بالدولة الفلسطينية والعمل على إحلال السلام وتحقيق الاستقرار فى المنطقة.
كافة الدول فى كافة الأزمات عليها الخروج من دائرة العنف والانتقام والشروع فى عملية سلمية، والسلام لا يعنى أبدا التفريط فى الحقوق الفلسطينية بل يهدف لإرساء وحماية هذه الحقوق، فلا يمكن تحقيق السلام فى منطقة الشرق الاوسط مع استمرار إسرائيل فى انتهاكاتها وجرائمها واحتلالها للأراضى العربية.
مصر تبذل جهودا كبيرة من أجل وقف إطلاق النار فى غزة فهى تسعى بكل السبل لإنقاذ فلسطين وانفاذ المساعدات الإنسانية بل وعملت على استضافة مؤتمر التعافى المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة فور وقف إطلاق النار، كما أنها ستشارك فى المؤتمر الدولى بنيويورك الشهر الجارى لدعم حل الدولتين والحل السلمى فى منطقة الشرق الأوسط وتدشين الدولة الفلسطينية المستقلة، وستترأس مصر مع المملكة المتحدة المجموعة الخامسة المعنية بالعمل الإنسانى والإعمار، فمصر دولة مؤسسة للأمم المتحدة وتؤمن إيمانًا راسخًا بأهمية التعددية كركيزة أساسية للنظام الدولى، وحرصت مصر على تفعيل هذا النهج من خلال دورها النشط فى الأمم المتحدة، سواء عبر عضويتها فى مختلف الأجهزة، أو من خلال قيامها بأدوار مؤثرة فى المجموعات تفاوضية داخل المنظمة، مثل مجموعة الـ77 والصين، ومجموعة الدول الأفريقية، والمجموعة العربية والإسلامية والعديد من المجموعات الأخرى التى تركز على موضوعات بعينها. فمصر دولة مؤسسة للأمم المتحدة وتولى اهتماماً بالغاً بدفع دور المنظمة الأممية كمنصة جامعة لكافة الدول لمواجهة التحديات الدولية، سواء كانت السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، أو غيرها من الموضوعات الناشئة. وتلعب منظمة الأمم المتحدة دوراً لا غنى عنه فى تقريب وجهات النظر بين الدول وإيجاد الأرضية المشتركة للتحرك الدولى الفعال، وقد انعكس ذلك بقوة فى اعتماد الجمعية العامة فى سبتمبر 2024 وثيقة مهمة باسم «ميثاق المستقبل»، والتى هدفت لتجديد الالتزام السياسى بالوصول لأهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030 خاصة بعد التحديات التى شهدها العالم عقب جائحة فيروس كورونا. وخرجت الوثيقة بعدد من الإجراءات المهمة التى سيتم تنفيذها فى المرحلة المقبلة فى مجالات محددة وهى التنمية والتمويل من أجل التنمية، والسلم والأمن الدوليين.