فى ظل التوسع الهائل فى استخدام التكنولوجيا والاعتماد المتزايد على الأنظمة الرقمية فى جميع نواحى الحياة، بات الأمن السيبرانى عنصرًا محوريًا فى حماية الأفراد والمؤسسات على حد سواء. فمع كل خطوة نخطوها نحو التحول الرقمى، تتعاظم التهديدات الإلكترونية وتزداد تعقيدًا، مما يجعل من الضرورى بناء أنظمة دفاعية قوية وفعالة
خلال السنوات الأخيرة، شهد العالم موجة غير مسبوقة من الهجمات السيبرانية التى استهدفت بنوكًا، مؤسسات حكومية، مستشفيات، وحتى شركات كبرى تعتمد على الذكاء الاصطناعى والحوسبة السحابية. الهجمات لم تعد تعتمد على طرق تقليدية، بل أصبحت ذكية، موجهة، وأحيانًا مدعومة بتقنيات متقدمة كالتعلم الآلى والذكاء الاصطناعى، مما يصعب من كشفها مبكرًا أو التعامل معها بسرعة.
وتشير تقارير حديثة إلى أن الهجمات الإلكترونية فى عام 2025 قد زادت بنسبة 35٪ مقارنة بالعام الماضى، فيما ارتفعت تكلفة الأضرار الناتجة عنها إلى مستويات قياسية، تجاوزت مليارات الدولارات عالميًا كما أصبحت هجمات «الفدية وهجمات «التصيد الاحتيالى الذكى» من أبرز الأساليب المستخدمة لاختراق الأنظمة.
وسط هذا المشهد المعقد، يصبح الأمن السيبرانى خط الدفاع الأول الذى لا يمكن الاستغناء عنه. فهو لا يقتصر على توفير الحماية التقنية فحسب، بل يشمل تدريب الكوادر، ووضع سياسات أمنية واضحة، والاستثمار فى حلول مرنة ومتطورة تواكب التطور المستمر فى أساليب الاختراق.
أما على المستوى الفردى، فالتوعية تبقى السلاح الأقوى. فاتباع ممارسات بسيطة كاستخدام كلمات مرور قوية، تفعيل التحقق بخطوتين، وتجنب فتح الروابط المشبوهة، يمكن أن يجنب المستخدمين الكثير من الخسائر.
ومن اللافت أن مفهوم الأمن السيبرانى لم يعد محصورًا فى أقسام تكنولوجيا المعلومات فقط، بل أصبح جزءًا من استراتيجيات الإدارات العليا وصناع القرار. العديد من المؤسسات بدأت بتعيين مسئولين مختصين يحملون لقب «رئيس الأمن السيبرانى لضمان دمج الأمان الرقمى فى صلب خططها التشغيلية
كما أصبح الأمن السيبرانى من المحاور الأساسية فى اتفاقيات التجارة الدولية، خاصةً مع تزايد أهمية البيانات واعتبارها «النفط الجديد». البلدان اليوم تتنافس ليس فقط فى حجم البيانات التى تملكها، بل فى قدرتها على حمايتها
التعاون الدولى أيضًا يشهد تطورًا لافتًا، حيث تشكلت تحالفات إلكترونية بين دول لمشاركة المعلومات الاستخباراتية الرقمية وتعزيز الدفاعات المشتركة ضد التهديدات العابرة للحدود
وفى ظل هذه التحديات، يبدو واضحًا أن الاستثمار فى الأمن السيبرانى لم يعد خيارًا مؤجلًا، بل أولوية ملحة لكل من يسعى إلى مستقبل رقمى آمن ومستقر
ولم يعد خيارًا، بل أصبح ضرورة استراتيجية تمس الأمن القومى، الاقتصادى، وحتى الشخصى. وأى إهمال فى هذا الجانب قد يؤدى إلى عواقب لا تُحمد عقباها.