مع اقتراب عيد الأضحى تشتاق النفوس إلى زيارة «بيت الله الحرام والمسجد النبوى وصعود جبل عرفات» والسعى بين الصفا والمروة والطواف حول الكعبة المشرفة.. ما أسعد حجاج بيت الله وهم يؤدون الشعيرة المقدسة وهم يلبون نداء الله ودعوة خليله إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام ويرددون «لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك».
ومع اقتراب عيد الأضحى تعلن حالة الطوارئ القصوى فى كل بيت لتوفير احتياجات الأسرة من اللحوم ومستلزمات العيد.. وهنا تصطدم الفرحة بغلاء الأسعار وزيادة حدة التضخم خاصة مع استغلال بعض التجار للظروف الاقتصادية العالمية والإقليمية وتصعيدهم غير المبرر لأسعار السلع والمنتجات الغذائية والتى لا غنى عنها فى كل بيت يكفى أن أسعار اللحوم وصلت إلى معدلات مجنونة وكأنها باتت خارج السيطرة.. ويبدو أن اللحمة هى الأخرى دخلت عالم البورصة فى كل محل جزارة سعر مختلف للحوم.. وتجد تفاوتاً كبيراًَ بين أسعارها بين حى وآخر.. وبين منطقة وأخرى.. متمثلاً فى الأحياء الشعبية تقل قليلاً عن 400 جنيه للكيلو فتجدها مثلاً بـ 370 ــ 400 جنيه.. بينما فى الأحياء الراقية والتجمع وزايد تجدها تتجاوز سقف الـ 400 بشكل كبير وتقترب من حاجز الـ 500 جنيه!! وهنا لا يجد المواطن الغلبان إلا اللجوء لمعارض الدولة خاصة القوات المسلحة والداخلية حيث تنخفض أسعار اللحوم كثيراً لنجدها تتراوح بين 300 ــ 350 جنيهاً وهى لحوم ذات جودة عالية وتحت رقابة صحية وبيطرية مشددة ضماناً لسلامتها وخلوها من أى أمراض.
اللحوم ليست كل شىء.. فهناك سلع غذائية أخرى لا تقل أهمية مثل الدواجن والأسماك التى ارتفعت أسعارها بصورة ملحوظة فى الفترة الأخيرة وكأن التجار لا يريدون للناس الفرحة بعيد الأضحى.. أرز وزيت ودقيق وسكر وشاى ومكرونة وسمن وغيرها من السلع الأساسية.. حتى أنبوبة البوتاجاز التى يحتاجها كل بيت بعد المغالاة فى أسعارها.. وقد أحسنت وزارة البترول صنعاً عندما قررت مؤخراً إحالة شكاوى المواطنين من تحريك أسعار البوتاجاز إلى الجهات الرقابية المسئولة.. الصحفيون فى آخر مؤتمر صحفى لوزارة البترول بالعاصمة الجديدة نقلوا للوزير شكوى الناس من مبالغة التجار فى أسعار البوتاجاز حيث تصل الأنبوبة للمواطن بـ250 جنيهاً وربما تزيد إذا صعد بها التاجر إلى الأدوار العليا مع أن سعرها الرسمى 200 جنيه فقط.. فى الماضى القريب كانت وزارة التموين تدفع بسيارات كبيرة ذات سعات عالية من أنابيب البوتاجاز لتوصيلها للمواطن بأسعار رسمية.. الآن تركوا الساحة خالية تماماً للتجار الكبار الذين يسرحون «الصغار» فى الشوارع والأحياء لبيع الأنبوبة للمواطن المسكين بـ 250 جنيهاً.. وبذلك يجمعون أرباحاً ضخمة بملايين الجنيهات تصب فى جيوبهم على حساب البسطاء والغلابة.
ومع اقتراب عيد الأضحى تتعالى الدعوات والصلوات فى كل مكان بوقف العدوان البربرى البشع على أهالينا فى غزة المنكوبة.. أكثر من 600 يوم والعدوان الإسرائيلى مازال مستمراً وبكل وحشية.. غزة الجميلة تحولت إلى بيت أشباح مخيف ورائحة الموت تنتشر فى كل بقاع القطاع المنكوب والعالم أصابه الصمت المريب.. مصر لا تتوقف أبداً عن أداء دورها المحورى مع الوسطاء الآخرين للعودة من جديد إلى تفعيل اتفاق الهدنة.. ووقف إطلاق النار وفتح كل المعابر لتوصيل المساعدات الإنسانية للأشقاء فى غزة بعد أن فقدوا كل سبل الحياة على يد الجيش الإرهابى الإسرائيلى الذى يقتل بلا رحمة.. ويدمر بلا رحمة.. ويحرق بلا رحمة.. ويجوع بلا رحمة.. ولن يشعر المسلمون فى أرجاء المعمورة بفرحة «العيد الكبير» وأشقاؤنا فى غزة يموتون جوعاً وعطشاً إن لم تقتلهم الصواريخ والدبابات والطائرات والقنابل الإسرائيلية.
فهل تنتصر إرادة السلام على شهوة الحرب؟ هل تنجح دعوات ومبادرات الهدنة وتسقط مخططات الحرب والتدمير والتجويع.. هل يصدق المبعوث الأمريكى فى احساسه بالتفاؤل بشأن إمكانية التوصل إلى وقف إطلاق النار فى غزة قريباً.. ويقول اننا اقتربنا من التوصل لاتفاق جديد لوقف النار سيتم عرضه على الرئيس الأمريكى لمراجعته واتخاذ قرار بعودة الهدنة المؤقتة.. أتمنى أن تستجيب السماء لدعوات ملايين الحجاج الذين يؤدون المناسك فى هذه الأيام المباركات وتتوقف النيران فى غزة وفى كل مكان على الأرض وأن ينتشر السلام ويسود الأمن والأمان والاستقرار فى كل أرجاء المعمورة.. وختاماً.. كل عام وأنتم بخير.. كل عام ومصرنا بخير وسلام واستقرار.. كل عام والشعب المصرى العظيم على قلب رجل واحد يحافظ على وحدته ويتمسك بالثوابت والقيم الوطنية الأساسية «مصر أولاً وقبل كل شىء».. كل عام والشعب المصرى العظيم يحافظ على تراب وطنه يتحقق فيه نبوءة رسول الإسلام سيدنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.. «مصر وأهلها فى رباط إلى يوم الدين».