بح صوتى طوال السنوات الماضية لمطالبة المسئولين عن كرة القدم فى مصر بإرساء قواعد العدالة فى الدورى المصرى وإصلاح منظومة التحكيم وضبط اللوائح بشكل دقيق لا يقبل التأويل، ونشرت فعليا فى نفس هذا المكان وفى مقالات متتالية فى الشهور الماضية نصائح لاتحاد الكرة الحالى مع بداية توليه المهمة تتناول كل شيء فى المنظومة ومنها العوامل الثلاثة التى ذكرتها وهى العدالة، والانضباط من خلال لوائح صارمة، وضبط منظومة التحكيم.
للأسف لم يحدث جديد وإزدادت الأمور تعقيدا هذا الموسم حتى أن الإعلام لم يعد يتناول وصف هدف جميل أو تحليل خطة مدرب أو نقد الأداء الفنى لفريق وأسباب انتصاراته أو هزائمه، وانتقل الكلام عن كرة القدم بالكامل إلى المحاكم والخلافات والأزمات طوال هذا الموسم بشكل تحولت معه الجماهير إلى خبراء فى اللوائح وكل منهم يفسرها على هواه وإلى الحديث عن القضايا والمحاكم.
كل هذه العوامل السلبية أدت إلى المزيد من التراجع للكرة المصرية، ولم يعد الدورى المصرى المسابقة التى تستقطب الأنظار فى منطقة الشرق الأوسط وتراجع مستوى منتخبات الأعمار السنية حتى وإن تأهلت لكأس العالم لمرحلتى الناشئين تحت 17 سنة والشباب تحت 20 سنة إلا أنها لم تظهر بشكل كرة القدم الحديثة التى لعبت بها بعض المنتخبات الأفريقية ومنها نموذج التطور فى العصر الحالى ..المغرب.
والحقيقة أن التطور أو التراجع فى منظومة كرة القدم الآن أصبح واضحا وضوح الشمس، ولم تعد الارتجالية تحقق النجاح المستدام وإنما رتبط دائما بالعمل الجاد والمدروس والإستراتيجيات قصيرة المدى والمتوسطة وطويلة المدى وكيف يمكن تحقيقها على أرض الواقع، وهذا ما قامت به المغرب فى السنوات الماضية وظهر بوضوح آثار هذا العمل من خلال المنتخب المغربى الأول الذى وصل للمربع الذهبى لكأس العالم ثم المنتخب الأوليمبى الذى حقق برونزية دورة باريس الأولمبية لأول مرة فى تاريخ العرب وأفريقيا، وبعدها حققت هذا العام بطولة أفريقيا للناشئين ثم ثانى بطولة أفريقيا للشباب بعد أن خسرت بركلات الترجيح فقط أمام جنوب أفريقيا فى النهائي، وأصبح للمغرب الآن أكثر من 100 لاعب فى مختلف الأعمار السنية ينخرطون فى الاحتراف فى أعتى الأندية الأوروبية.
وأهم ما أنصح به المنظومة الآن هو إعادة هيكلة اللوائح بالكامل لتناسب العصر مع القضاء على أى بنود يمكن اختراقها من أجل إرساء العدالة، وحتى لا نتعرض من جديد لما حدث هذا الموسم من تضارب تنفيذ للوائح.
كما أنصح بالعدالة الكاملة فى كل شيء بين جميع الأندية حتى نتخلص من نغمات متكررة من كل الجماهير بأن هذا النادى أو ذاك يحظى بتدليل اتحاد الكرة أو المنظومة، وأقصد بالطبع الأهلى والزملك، وفى وقت يشعر جمهور كل فريق بأنه المظلوم والمهدور حقه.
أخيرا منظومة التحكيم التى أصبحت مثار الجدل فى كل اللعبات وليس فى كرة القدم فقط، وكم أشعر بالأسى تجاه منظومة التحكيم وأنا أرى المباريات النهائية فى مختلف اللعبات تقام بتحكيم أجنبى فى السلة واليد والطائرة، ولا ننسى أن كل الأزمة الحالية للكرة المصرية سببها الأساسى عدم الثقة فى الحكام المصريين، وأتمنى أن تعود الثقة فى حكامنا مرة أخرى ولكنى أؤكد أن هذا لن يحدث إلا بالعمل الجاد والإعداد السليم للحكام واختيار الشخصيات المناسبة لهذه المهمة وأخيرا عدم الانتماء لأى ألوان وعدم الضعف أمام الضغوط.